الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

كيف تنفق الطبقة الوسطى في شهر العيد على شراء الهدايا؟

المصدر: "النهار"
مارسل محمد
مارسل محمد
كيف تنفق الطبقة الوسطى في شهر العيد على شراء الهدايا؟
كيف تنفق الطبقة الوسطى في شهر العيد على شراء الهدايا؟
A+ A-

يحمل كانون الأول، "شهر الأعياد"، أحداثاً عدة تلامس حياة اللبناني مباشرة، من زحمة السير الخانقة على الطرق، إلى الأسعار المرتفعة في المحال التجارية التي تنتظر العام بأكمله لتعويض خسائرها، إلى سهرات العشاء وهدايا عيد الميلاد. وبات معلوماً أنّ القدرة الشرائية للأفراد تتراجع عاماً بعد عام وسط الغلاء المعيشي الذي يشهده لبنان، لكن بعض التقاليد تفرض عليهم تحريك الأسواق.
بطبيعة الحال، يتفق الخبراء على ان تقسيم الطبقات الاجتماعية يختلف حالياً عما كان عليه في السبعينيات من القرن الماضي، ليس فقط في لبنان بل في العالم أجمع.

وتوصف الطبقة الوسطى اليوم بأنها الطبقة التي تستطيع اقتناء الحاجات الأساسية وبعض الكماليات بأسعار غير باهظة الثمن. فكيف تنفق في شهر الأعياد وكيف تفاضل بين مصاريف الهدايا والتفاصيل الأخرى؟

"كل عام أسوأ من سابقه"

يعيش ميلاد (25 عاماً) في منزل والديه. تتألف أسرته من أبوين وابن وابنة. والدته ربة منزل فيما شقيقته لا تزال تكمل تعليمها الجامعي. يبلغ راتب والده 1500 دولار أميركي شهرياً، وراتب ميلاد نحو 1200 دولار.

تقسم مصاريف المنزل بين الأب وابنه، من طعام وكهرباء وأقساط جامعية وملابس وغيرها. يقول ميلاد: "رغم أننا نملك المنزل الذي نعيش فيه إلا أن مصروفنا يتعدى مدخولنا في معظم الأحيان، فمستلزمات المنزل تُكلفنا نحو 2000 دولار شهرياً ويبقى لدينا 700 دولار تقسم على 4 أشخاص لمصاريف النقل أو النزهات أو حتى الحالات الطارئة".

وعندما سألناه عن موسم الأعياد، ضحك وأجاب: "كل عام أسوأ من سابقه. عندما بدأت العمل منذ ثلاث سنوات كنت أدخر نحو 500 دولار أميركي لهدايا عيد الميلاد أقدمها لأفراد عائلتي ولأصدقائي المقربين والفتاة التي أحب.

وبمرور الوقت ضاقت دائرة الهدايا فأصبحت لا أهدي الأصدقاء، وأحياناً لا أُهدي أهلي بحجة أنني سأُعوّضهم في عيد الأب أو عيد الأم". هذا العام على سبيل المثال، وبعد الحسابات، لن يستطيع ميلاد أن يشتري هدايا إلا بقيمة 200 دولار أميركي سيُقسمها بين أخته وحبيبته بالتساوي.


اقرأ أيضاً: بالصور- إضاءة شجرة الميلاد في عدد من المناطق اللبنانية

"أنتظر الزواج بفارغ الصبر"

ليال العشرينية، مخطوبة لشاب يكبرها بعامين. ووفقاً للتقاليد المتعارف عليها في لبنان، من واجب ليال أن تُهدي عائلة خطيبها أيضاً. رغم أنّ راتبها لا يتجاوز الـ 1000 دولار شهرياً، لكنها تتدخر لمدة 6 أشهر كي تستطيع شراء هدايا عيد الميلاد لأمها، وأختها وابن أختها وزوجها، إضافة إلى عائلة خطيبها المؤلفة من 4 أشخاص بدونه، بحسب ما قالته. أما الهدية الأغلى فتكون دائماً من نصيب خطيبها، التي تحتاج إلى الكثير من الوقت والجهد لإيجادها. وتقول: "العام الماضي، أهديت الى رامي ساعة بقيمة 270 دولاراً أميركياً، والعام الذي سبقه كانت الهدية هاتفا ذكيا بقيمة 400 دولار أميركي". أما هذا العام فهي حائرة، خصوصاً أنّها لا تملك سوى 400 دولار عليها تقسيمها على 9 أشخاص.

لا تُنكر ليال الظروف الصعبة التي يعيشها خطيبها، فهو أيضاً يبتاع هدايا لعائلتين مع هدية باهظة الثمن لها. وتختم ضاحكة: "أنتظر الزواج بفارغ الصبر، حينها سنُقدّم هدية واحدة لكل فرد فتُصبح تكاليف الهدايا أقل بكثير". 


"شهر الإفلاس الرسمي"

تعيش رنا وزوجها وطفلاهما في إحدى القرى الشمالية في المبنى نفسه مع سائر أفراد عائلة زوجها، ويبعد مكان سكن عائلتها عنها نحو 15 دقيقة في السيارة. شهر الأعياد هو "الشهر الرسمي للإفلاس" وفق تعبيرها. وتشكو أنّها وزوجها يعملان لمدة 12 شهراً من دون توقف، بمجموع رواتب لا يتخطى 2500 دولار أميركي شهرياً، من أجل تأمين حياة طفليهما من جهة وادخار المال لابتياع هدايا الميلاد من جهةٍ أخرى. وتقول: "الوضع الاقتصادي في لبنان صعب جداً على الجميع، منذ فترة طويلة  لم نستطع الخروج للتنزه أو حتى تناول الطعام في أي مطعم بسبب غلاء الأسعار، أما الكارثة فهي موسم الأعياد، إذ إننا نقدّم الهدايا لـ 10 أشخاص إضافة إلى الولدين".

العام الماضي أنفقت رنا وزوجها 2200 دولار أميركي في شهر الاعياد، أما هذا العام فأوضحت أنّها ادخرت نحو 1500 دولار أميركي مخصصة لفترة الاعياد،  وهي تبحث عن هدايا رخيصة جداً، معربةً عن حزنها لأنّها لا تستطيع أن تُقدّم لطفليها ما حلما به من "سانتا كلوز".


اقرأ أيضاً: ما علاقة شجرة العيد الطبيعية بالحساسية؟

قيمة الهدية معنوية

في رأي الخبير الاقتصادي لويس حبيقة، أنّه "يمكن كل طبقات المجتمع أن تحتفل بعيد الميلاد وتقديم الهدايا لمحبيها بحسب إمكاناتها المادية، فالهدية رسالة، وليس واجباً أن تكون باهظة الثمن. علماً أنّ المحال التجارية في الوقت الراهن، تقدم حسوما كبيرة في نهاية الأسبوع الذي يسبق يوم العيد بهدف التخلص من بضائعها قبل العام الجديد، لذلك يمكن الفرد أن يختار المناسب لميزانيته".
وحدد أنّ الطبقات الوسطى في لبنان هي تلك التي يترواح مدخولها بين 3000 و4000 دولاراً أميركياً في الشهر، وفي تقديره انها تُشكل "نسبة 30 إلى 40 في المئة من المواطنين".

وشدد حبيقة على ضرورة أن "تضخ المحال التجارية التفاؤل والسعادة في قلوب اللبنانيين لأنّ الناس تتأقلم مع واقعها وهي قابلة للتطوّر"، موضحاً أنّه في السنوات الخمس الماضية ظهرت مصادر جديدة للإنتاج منها المنتجات التركية والصينية وغيرها التي توفر بضائع بأسعار أرخص من البضائع الإيطالية والفرنسية، والتي تستفيد منها العائلات المتوسطة بشكل كبير.

الاقتصاد المتأزم في البلاد لا يطال اللبناني في أيامه العادية، بل يتفشى ليؤثر عليه سلباً خلال شهر المحبة ويسرق أي أمل وفرح متبق لديه ليقابل به العام الجديد.
ما تقدم هو نماذج عن عائلات متوسطة الدخل تعاني لإكمال السنة، فكيف هي حال العائلات الفقيرة إذاً؟  

اقرأ أيضاً: صور رائعة من السماء لإضاءة شجرة الميلاد في ساحة الشهداء


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم