الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

العربية الوحيدة في ادارة ترامب... هل قرار القدس وراء استقالتها "الغامضة"؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
العربية الوحيدة في ادارة ترامب... هل قرار القدس وراء استقالتها "الغامضة"؟
العربية الوحيدة في ادارة ترامب... هل قرار القدس وراء استقالتها "الغامضة"؟
A+ A-

أبصرت دينا حبيب باول النور في القاهرة عام 1973 في عائلة مصريّة قبطيّة. هاجرت عائلتها إلى تكساس في الولايات المتّحدة حين كانت في الرابعة من عمرها حيث عاشت حياة بسيطة هناك، لكنّ والديها أصرّا على تعلّمها اللغة العربيّة إلى جانب الإنكليزيّة فأتقنت اللغتين معاً. وبعدما تخرّجت من جامعة تكساس للفنون الليبيراليّة حيث تابعت دروساً مختلطة في العلوم الاجتماعيّة والسياسيّة والجنائيّة، انتقلت إلى واشنطن لتتولّى مناصب مهمّة في الكونغرس. وتشير مجلّة "ألكايلد" الأميركيّة إلى أنّها عملت كمساعدة للسيناتورة كاي بيلي هاتشيسون التي أصبحت اليوم سفيرة للولايات المتّحدة إلى حلف شمال الأطلسي، ثمّ لزعيم الجمهوريّين في مجلس النوّاب حينها ديك أرمي.  


عيّنت 4000 موظّف فيديراليّ

في سنة 1999، تولّت منصب مديرة شؤون الكونغرس لدى اللجنة الوطنيّة للجمهوريّين. وحين كان جورج بوش الابن يخوض حملته الرئاسيّة، انضمّت باول إلى الحملة كما أضافت المجلّة. وفي كانون الثاني 2003، أصبحت مساعدة الرئيس الأميركي لشؤون موظّفي البيت الأبيض، فكانت من بين أبرز 15 مسؤولاً في إدارة بوش على مدى أكثر من سنتين حيث تمتّعت بمكتب خاص في البيت الأبيض وترأّست مجموعة من 31 موظّفاً. كما تولّت مسؤوليّة تعيين حوالي 4000 موظف فيديراليّ.


في وزارة الخارجيّة

في العام 2005، حين تولّت كارن هيوز منصب نائب وزيرة الخارجيّة حينها كوندوليزا رايس، طلبت رايس وهيوز من باول أن تكون مساعدة لهيوز فقبلت. وأدّت باول دوراً لافتاً في صياغة شراكة أميركيّة لبنانيّة هدفت إلى إنهاض الاقتصاد اللبنانيّ المنهك بفعل حرب تمّوز 2006. بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأميركيّة، وفي أوج الأزمة بين إيران والولايات المتّحدة، تمكّنت باول من فتح نافذة ولو محدودة للتبادل العلميّ والترفيهيّ بين البلدين فأدخلت أطبّاء إيرانيّين إلى الولايات المتّحدة كما أرسلت مصارعين أميركيّين للمشاركة في استعراض داخل إيران. وعملت أيضاً على تمكين المرأة في عدد من المشاريع.


إشادة رايس

سنة 2007 غادرت باول منصبها في وزارة الخارجيّة لتنتقل إلى مجموعة "غولدمان ساكس" حيث تولّت إدارة النشاطات الخيريّة للمجموعة إضافة إلى تأمين التواصل مع مختلف المنظّمات الخيريّة غير الحكوميّة. وأعربت رايس عن "أسفها" لهذا القرار لأنّ باول شخص "مذهل" كما قالت، لافتة النظر إلى قدرتها على إعادة مسار التبادل بين واشنطن وطهران "بطرق ظننتها غير ممكنة" بحسب وزيرة الخارجيّة حينها.


اتصال من إيفانكا ترامب

وبفضل مسيرتها الناجحة في السياسة والأعمال وتمكين المرأة، تلقّت اتّصالاً من إيفانكا ترامب بعد فوز والدها بالانتخابات الرئاسيّة فتحوّلت باول إلى "دليل عام" لإيفانكا في الإدارة الأميركيّة كما كتبت "نيويورك تايمس". وتولّت بدايةً منصب مستشارة ترامب لشؤون المبادرة والنموّ الاقتصادي وتعزيز مكانة المرأة. وقد كان لها دور بارز في العلاقات الأميركيّة والسعوديّة على مستوى الاستثمار وصفقات الأسلحة بحسب شبكة "سي بي أس نيوز" الأميركيّة.


الاجتماع الذي سبق قصف سوريا

وفي آذار الماضي، تمّ تعيينها كمساعدة في المسائل الاستراتيجيّة للجنرال أتش آر ماكماستر، مستشار ترامب لشؤون الأمن القومي. من جهتها ذكرت هيئة الإذاعة البريطانيّة "بي بي سي" أنّ باول كانت المرأة الوحيدة التي حضرت قاعة الاجتماعات لدى اتّخاذ قرار قصف قاعدة الشعيرات الجوّيّة في سوريا نيسان الماضي. وكانت باول مؤخّراً عضواً بارزاً في اللجنة الرباعيّة المولجة تحديد إطار جديد لعمليّة السلام بين الإسرائيليّين والفلسطينيّين والتي ضمّت صهر ترامب جاريد كوشنير ومحاميه السابق جايسون غرينبلات والسفير الأميركي إلى إسرائيل دايفد فريدمان.


خلاف حول القدس؟

وطرح تقديم باول لاستقالتها فرضيّتين أساسيّتين. تشير الأولى إلى أنّها تريد أن تكرّس مزيداً من الوقت لعائلتها كما ذكر عدد من الصحف. أمّا الثانية فتقول إنّ المسألة العائليّة هي مجرّد ذريعة لتبرير امتعاضها من قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل كما لفتت إلى ذلك تحليلات عربيّة وغربيّة. يصف الكاتب السياسيّ أد سترايكر في موقع "أميركان ثينكر" هذه الاستقالة بأنّها "غامضة". وتابع: "هذا محيّر. لماذا لا تستطيع السيّدة باول نقل ولديها (من نيويورك) إلى واشنطن؟" وذكر أنّه حين يصرّح أميركيّ مسؤول بارز عن نيّته مغادرة منصبه لأسباب عائليّة، تتحرّك الصحافة تلقائيّاً للبحث المكثّف عن الأسباب. لكن يبدو أن الوسائل الإعلاميّة البارزة " غير مهتمّة" بحسب رأيه. ويرجّح أن يكون السبب وراء استقالتها قرار البيت الأبيض المرتبط بالقدس، من دون أن يجزم في المسألة.


ماذا عن البعد العائليّ؟

ومع ذلك، قد تبدو المسألة العائليّة غير بعيدة عن الواقع. مصدر مقرّب من باول، قال لصحيفة "ذا ناشونال" الإماراتيّة الصادرة باللغة الإنكليزيّة إنّها كانت تفكّر بالمغادرة "منذ بضعة أشهر" وتنوي العودة إلى نيويورك حيث عائلتها.

من جهة ثانية، ليست المرّة الأولى التي تغادر فيها باول منصباً مرموقاً لتقضي مزيداً من الوقت مع عائلتها. ففي سنة 2007، وحين كانت تهمّ بمغادرة منصبها في وزارة الخارجيّة، قالت: "إنّه الوقت المناسب لي ولعائلتي (لتقديم الاستقالة)"، متحدّثة عن اعتقادها بأنّ زوجها "يعدّ الأيّام" قبل أن تعود فيها إلى حياتها العائليّة الطبيعيّة.

أكثر من ذلك، أشار بيان البيت الأبيض إلى أنّ باول كانت قد أوضحت منذ البداية أنّها لن تبقى إلّا سنة واحدة. الكاتب غابريال شيرمان في مجلّة "فانيتي فير" الأميركيّة كرّر الفكرة نفسها والتي تعزّزت من خلال عدم انتقال باول للاستقرار في منزل خاصّ بها في واشنطن مفضّلة التنقّل بين الفنادق. وبعدما أنجزت وثيقة الأمن القوميّ الاستراتيجيّة وقدّمتها لماكماستر، حان الوقت المناسب للرحيل، كما تنقل المجلّة عن شخص تحدّث إليها مؤخّراً.


أكثر من سبب؟

قد تبقى استقالة باول مسألة "غامضة" لفترة من الزمن. القدس ليست القضيّة الوحيدة التي يمكن أن تكون قد أزعجتها. أخبار سابقة تحدّثت عن امتعاضها من طريقة تعاطي #ترامب مع حادثة #تشارلوتسفيل. لكنّ اللافت في الأسباب المقترحة لذلك التنحّي، أنّها لا تلغي بعضها البعض بصورة تلقائيّة.







الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم