الأسد "الذليل" وبوتين "البطل": الانسحاب دعاية انتخابية أم مهمة وانتهت؟
على الرغم من دخوله الأراضي السورية، لم يعطِ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للرئيس السوري بشار الأسد الفرصة باستقباله استقبال الرؤساء. ولم يخرج موقع اللقاء عن الجغرافيا التي تسيطر عليها القوات الروسية.
هو اللقاء الثالث، بعد زيارتين سابقتين انتقل فيهما الأسد وحيداً بطائرة روسية للقاء بوتين. الأولى في 20 تشرين الأول من العام 2015 في موسكو، والثانية بعد سنتين في 20 تشرين الثاني 2017 في سوتشي. لقاءان ضربا صورة الأسد. أما الثالث فلم يرحم هيبته "في العرين".
في العام الماضي وفي المكان نفسه، تعرض الأسد للموقف نفسه. إذ سبق وأرسلت موسكو وزير دفاعها سيرغي شويغو إلى سوريا، وتمركز في حميميم ليستقبل ضيوفه ومنهم شخصية رفيعة المستوى كانت الأسد.
الصورة التي سربت لقيادي روسي يمسك بيد الأسد لمنعه من التقدم بعد انتهاء اللقاء مع بوتين ليست سهلة على أنصاره. وليس شكل اللقاء وحده محور الانتقاد. المضمون أيضاً الذي أعلن عنه بوتين من قاعدة حميميم الروسية استدعى من المراقبين البدء بقراءات أولية. الجهة التي استطاعت أن تبقي الأسد واقفاً على قدميه أمام ضربات المعارضة طوال 7 سنوات أعلنت بدء الانسحاب من سوريا.
وجاء التصريح في وقت ينشغل فيه العالم بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنقل السفارة الاميركية إلى القدس واعترافه بأنها عاصمة اسرائيل. كما اعلان الانسحاب يأتي في ظل تحركات عسكرية غير بريئة في "مثلث الموت" جنوب سوريا والذي ينذر بمعركة ما يحضرها النظام السوري وحلفاؤه ومواجهات عسكرية في حماة وحصار في الغوطة ومباحثات جديدة في جنيف.
زيارة بوتين الارض السورية بطريقة خاطفة قبل انتقاله إلى مصر، وبعدها تركيا، وتصريحه بالانتصار على الارهاب أيضاً أتت بعد أيام من اعلانه الترشح لولاية رابعة في الانتخابات الرئاسية المقررة في آذار المقبل، ما دفع الفريق السوري المعارض إلى اعتبار اعلان الانسحاب "تصريحاً انتخابياً دعائياً" عنوانه "الانتصار". تطور استدعى تساؤلات عديدة: هل انتهت الحرب؟ ماذا عن الوجود الايراني والتركي؟ هل يهدي بوتين انجازاته إلى إيران؟ ما حقيقة انسحابه من سوريا؟ لماذا هذا التعاطي البوتيني مع الأسد؟
ودائماً لكل حدث في سوريا وجهتا نظر. والعميد السوري المعارض أحمد رحال يعتبر في حديث لـ"النهار" أن "الزيارة ترتبط بالانتخابات التي يستعد لها بوتين في روسيا، وأراد أن يظهر كالبطل بأنه استطاع الانتصار في الحرب على الارهاب ويوظف تصريحه وزيارته بطريقة دولية. وحاول أن يظهر أنه يهتم بالحل السياسي وانه يسحب قواته، لكن في الحقيقة أن قاعدة حميميم بكل قدراتها لا تزال موجودة، والمنظومة الدفاعية اس 400 لا تزال فعالة، والفرق الخاصة لحماية حميميم وطرطوس موجودة، وبالتالي ما سيتم سحبه هو الفائض من القوات الروسية لتخفيف الاعباء الاقتصادية"، مذكراً بوجود الغواصتين الروسيتين في البحر المتوسط. ويخلص إلى أن "تصريح بوتين دعاية انتخابية وكذب على المجتمع الدولي".
في المقابل، يوضح العميد المتقاعد أمين حطيط المقرب من "حزب الله" أن "الروس دخلوا إلى سوريا لاتمام مهمة محددة عنوانها محاربة الارهاب، واليوم سوريا باتت بأمان وبالتالي انتفى سبب وجود الروس"، لافتاً إلى أن "ما تحدث عنه بوتين هو انسحاب القوى المساندة التي دخلت عام 2015 وليس خروج روسيا، فقاعدة حميميم كانت قائمة اساساً ولا تزال وستكون جاهزة لاستقبال قوات مساندة مجددا في حال استدعى الامر ذلك، وبالتالي العلاقة الروسية - السورية من هذه الناحية مستمرة".
ماذا عن شكل لقاء الأسد - بوتين، وعدم زيارة الأخير الاسد في قصره؟ يجيب حطيط: "بوتين جاء في مهمة محددة إلى سوريا وهي لشكر قواته الروسية على النجاح في المهمة التي اوكلت إليهم"، مذكراً بأن "قاعدة حميميم على ارض سورية وبامكان الاسد استقبال بوتين في أي مكان سوري مثلما استقبل بوتين الأسد في موسكو أو في سوتشي او غيرها من المناطق الروسية".
يسارع دائماً الأسد إلى الارتماء في حضن بوتين، والعميد السوري رحال لم ير في اللقاء إلا تعاطي بوتين مع الأسد كـ"الذليل"، ويقول: "تم سحب الأسد بطائرات شحن إلى موسكو واليوم تم جره إلى قاعدة حميميم، وفي الزيارتين إلى روسيا ظهر من دون مترجم أو كاتب محضر أو وفد مرافق"، يضيف: "من الواضح أن بوتين لا يعامل الأسد كرئيس، بل يتم جره إلى المكان الذي يريده الرئيس الروسي، حتى وصل الأمر سابقاً إلى دخول قاعدة حميميم للقاء وزير الدفاع". ويتابع: "لو كان بوتين سينسحب من روسيا فذلك يعني خسارة ما انجزته قواته ووضع كل ما فعله في الحقيبة الايرانية وبوتين ليس غبياً لفعل ذلك".
أما حطيط فلا يربط بين العلاقة الروسية - السورية والسورية - الايرانية، ويقول: "الكلام عن تسليم الإنجاز لإيران غير صحيح، لأن لا منافسة بين الطرفين، والموضوع الايراني - السوري محيَّد عن هذا الموضوع. روسيا أتت لمساندة الأسد لأن سقوطه يعني ان موسكو ستكون مهددة بالإرهاب".
Twitter: @Mohamad_nimer