الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

إيلي تحدى واقعه بيده المبتورة: "تشوه خلقي أصبح قوتي"!

المصدر: "النهار"
ليلي جرجس
ليلي جرجس
إيلي تحدى واقعه بيده المبتورة: "تشوه خلقي أصبح قوتي"!
إيلي تحدى واقعه بيده المبتورة: "تشوه خلقي أصبح قوتي"!
A+ A-

وُلد إيلي طنوس (23 عاماً) مبتور اليد من أسفل الكوع، لم تنمُ يده كما كان مفترضاً. كان عليه ان يعيش بشجاعة وإيمان كبيرين. كان صعباً عليه وهو صغير، ان يتقبل سخرية الأطفال وأسئلتهم التي لا تنتهي، لكنه سرعان ما نجح في تخطّي كل ذلك بحبه لذاته ودعم عائلته اللامتناهي. صحيح ان إيلي كان بيد واحدة، لكن ذلك لم يمنعه من متابعة حياته وخوض غمار العمل بكفاءة وثقة. قصة تترك خلفها الكثير من العبر، أراد ايلي ان يُشاركنا بها، عساها تعطي أملاً لكل من يمرّ في ظروف مماثلة، ولم يجد من يمدَّ له يد العون.

عندما وُلد ايلي، صارح الطبيب أهله بأن هناك تشوهاً خلقياً في يده، فهي لم تنمُ كاملة، فكانت مبتورة من أسفل الكوع. لم تُغيّر هذه الحقيقة شيئاً في حياة عائلته. يقول ايلي في حديثه لـ"النهار". "كان ردّ والديّ أن الله أهدانا هذه النعمة وسنتقبّلها كما هي. ساعدني أهلي كثيراً في تقبّل وضعي، ولولاهم لما وصلت الى ما أنا عليه اليوم".

لا يُخفي ايلي مشاعره الحزينة في تلك المرحلة، فيصفها بأنها "كانت فترة صعبة، وبرغم من تهيئة والديّ لما قد أُواجه من نظرات واسئلة الأطفال وزملائي في المدرسة، إلا ان ذلك لم يخفف من وطأة المواجهة. كنتُ صغيراً جداً ولم يتقبل الأطفال حالتي ولم يعودوا يلعبون معي. بدأتُ ارفض الذهاب الى المدرسة متحججاً بمشاكل صحية. وفي عمر الست سنوات انتقلتُ الى مدرسة أخرى، وأخذتُ قراراً بالمواجهة والردّ على حشرية الأطفال وأسئلتهم. وعندما سألني طفل "اين هي يدي؟" أجبته "إنها عند يسوع". لا يمكن ان انسى تلك المرحلة في حياتي وستبقى آثارها محفورة في داخلي".


النقص ... قوة

تعايش إيلي مع واقع اليد الواحدة، تعلّم بالفطرة كيف يقوم بالأشياء بمفرده. تكيّف مع حالته ولم يتميّز عن اشقائه. يصرح قائلاً "أصبحت أستحم وارتدري ملابسي بمفردي كباقي اشقائي في العمر المتوقع، لم أكن شخصاً منغلقاً على نفسه، وقررتُ عدم الاستسلام للحياة. استكملتُ تحصيلي العلمي، وقدمت امتحانات الشهادة المتوسطة والثانوية العامة من دون مساعدة احد. وقررتُ ان اتخصص في "هندسة المساحة". معتيراً انه "بالنسبة اليّ، أعتبر يدي نقطة قوتي بالرغم من ان الناس ينظرون اليها على انها نقطة ضعف. أردتُ ان أتحدى نفسي في هذا الاختصاص، وان أعوّض هذا النقص بنجاحي وتجربتي. لكن في السنة الثانية تعرّضت لوعكة صحية وتعب نفسي غيّرا مسار حياتي".

هكذا انتقل ايلي من اختصاصه المهني في المساحة الى مكاتب "الجمعية اللبنانية لرعاية المعوقين". فبعد ان كان متطوعاً اصبح بفضل كفاءته منسقاً عن قسم العلاج النفسي- الحركي في الجمعية. قال "اصبحتُ مسؤولا عن المواعيد وجميع المعاملات، أثبتُّ قدرتي وكفاءتي في تحمل وظيفة كسائر الموظفين. فتحت لي الجمعية باب التوظيف، ومنذ سنتين ونصف السنة انا في هذه الوظيفة". متوجهاً برسالة الى الجميع "كل شخص لديه رسالة في هذه الحياة، لذلك عليه ان يؤمن بقدراته ويترك بصمته في حياة الآخرين من دون ان يعرف ذلك. اشتركت في دورة تدريبية لمدة سنة حول تركيز اسماء الأمراض في جامعة القديس يوسف".

واقترح ايلي ان "يُطلق على ذوي الاحتياجات الخاصة تسمية "أصحاب الامتيازات الخاصة"، لأن الله ميّزهم عن غيرهم. قد لا يُنصفك محيطك، لكن الإنسان قادر على إحداث الفرق وصنعه. بيدك أن تغيّر واقعك، فلا تستسلم وكن علامة فارقة في هذا المجتمع".

اقرأ ايضاً: قانون المعوّقين بلا مراسيم تطبيقية منذ 15 عاماً


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم