الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

تكتّل اقتصادي روسي - إيراني في مواجهة العقوبات الأميركية

د. ايمن عمر- باحث في الشؤون السياسية والاقتصادية
تكتّل اقتصادي روسي - إيراني في مواجهة العقوبات الأميركية
تكتّل اقتصادي روسي - إيراني في مواجهة العقوبات الأميركية
A+ A-

تطور العلاقات الاقتصادية بين البلدين:

إن أبرز تطورات هذه العلاقة حدثت عام 1992 بتوقيع البلدين اتفاقية تعاون مشترك لبناء مفاعل بوشهر النووي كجزء من اتفاقية تجارية واقتصادية طويلة الأمد. وفي العام 2014 وقَّعت روسيا وإيران اتفاقاً لبناء مرحلة جديدة في مفاعل بوشهر. وفي أيلول 2015، أعلنت إيران أنها وقّعت عقوداً بقيمة 21 مليار دولار لشراء معدات أقمار صناعية وطائرات من روسيا، منها طائرات سوخوي سوبرجت 100. وفي 15 تشرين الأول 2017 وقّع البنك المركزي الإيراني والمؤسسة الحكومية لضمان الصادرات الروسية (اكسيار) على مذكرة تفاهم في مجال تمويل المشاريع. تم الاتفاق علي الخطوط العامة لظروف التمويل بين البنوك الإيرانية والروسية. وجاء في بيان لوزارة التنمية الاقتصادية الروسية: "ارتفع حجم التبادل التجاري بين روسيا وإيران مقارنة مع كانون الثاني 2016 بنسبة 89% ليبلغ 155.1 مليون دولار.وكذلك نما حجم الصادرات الروسية 2.7 مرة ليصل إلى 117.7 مليون دولار، بينما صعد حجم الواردات الإيرانية إلى روسيا بنسبة 6.3%، ليصل إلى 37.3 مليون دولار". وقد أعلن مجلس الأعمال الروسي الإيراني، الأربعاء في 15 تموز 2017، أن حجم التبادل التجاري بين روسيا وإيران قد ينمو من 1.5 مليار دولار في الوقت الحالي، إلى 10 مليارات دولار حتى عام 2020.

بحر قزوين: الحدود المشتركة

تعدّ إيران وروسيا من أكبر منتجي الغاز في العالم ومن الدول التي تملك احتياطيات كبيرة من مصدر الطاقة هذا.جغرافياً، تربط البلدين مياه بحر قزوين. ميزة هذه المياه الأهم هي أنها تكتنف ثروة طبيعية هائلة تُشكّل أحد أعمدة التعاون المحتمل بين موسكو وطهران في الصراع الدولي. يعدّ الاختلاف على تقسيم بحر قزوين، بين الدول المطلة عليه، وهي: روسيا، وكازاخستان،
وأذربيجان، وتركمانستان، وإيران) أحد أهم المؤثِّرات والمحددات في العلاقات الإيرانية-الروسية. وتسعى روسيا لمدّ نفوذها على بقعة جغرافية عالية الثراء والأهمية، وكانت إلى وقت قريب جزءاً من حدودها الطبيعية، وتبقى روسيا منافساً قويّاً لإيران على الطاقة في بحر قزوين وخطوط تصديرها. تقنياً، تُعدّ منطقة بحر قزوين من الأغنى في العالم لناحية الموارد النفطية. تُقدّر وكالة معلومات الطاقة الأميركية أنها تحوي 48 مليار برميل من النفط الخام و242 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي. أضف إلى ذلك تقديرات لوكالة المسح الجيولوجي الأميركي تضع الثروات غير المكتشفة بعد في الحوض عند أكثر من 20 مليار برميل من النفط و243 تريليون قدم مكعب من الغاز. ولكن وكالة الطاقة الدولية تقدر الاحتياطيات المثبتة من النفط بنحو 15-40 مليار برميل (1.5%-4% من الاحتياطيات العالمية المثبتة)، أما احتياطيات الغاز الطبيعي فتقدرها بنحو 6.7-9.2 تريليونات متر مكعب (6%-7% من الاحتياطيات العالمية من الغاز). حصّة إيران وروسيا من نفط "قزوين" تقدر بنحو 2،6 تريليون دولار إذا تمت قسمته بالتساوي.وقد وقّعت شركتا "النفط الوطنية الإيرانية" و"لوك أويل" الروسية على اتفاقية لاستكشاف النفط والغاز في المناطق الجنوبية من بحر قزوين، في أول تعاون بين البلدين في مشاريع بقطاع الطاقة في هذه المنطقة في شهر تشرين الأول من هذا العام. وتمتلك إيران حالياً حقلاً نفطياً كبيراً في جنوب بحر قزوين يسمى "سردار جنكل" يبلغ احتياطيه 1.4 ألف مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي و500 مليون برميل من النفط الخام. 

تكتل اقتصادي مبنيّ على المصالح المشتركة:

قام الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" الأربعاء في الأول من شهر تشرين الثانيبزيارة لطهران أشاد خلالها الجانبان بتعاونهما حول الملف السوري. وأتاحت الزيارة أيضاً تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين اللذين يواجهان توتراً في علاقاتهما مع الولايات المتحدة. وكان لزيارة بوتين أيضاً جانب اقتصادي مهم. كما شكّلت زيارته فرصة لعقد قمة مع "روحاني" ورئيس أذربيجان "إلهام علييف"، هي الثانية من نوعها بين الدول الثلاث المطلة على بحر قزوين والمنتجة للمحروقات. وأكد الرؤساء الثلاثة عزمهم على تكثيف التعاون الاقتصادي خصوصاً في مجال الطاقة.

وعلى هامش الزيارة، أعلنت شركة المحروقات الروسية العملاقة "روسنفط"
(شبه عامة) أنها وقعت مع شركة النفط الإيرانية العامة "خارطة طريق" لتنفيذ مشاريع استغلال مشترك لحقول نفط وغاز في إيران في "استثمارات إجمالية" يمكن أن تبلغ "30 مليار دولار".

ووصل بوتين إلى طهران غداة إعلان الخزانة الأمريكية توجيهات جديدة تطبيقاً لقانون صدر في آب 2017 ويفرض عقوبات جديدة على روسيا وإيران اللتين يشير إليهما نص القانون بـ"غريمتي أمريكا". واعتبر خامنئي أن تعاون طهران وموسكو "مفيد للتصدي للعقوبات الأميركية"، وأنه بإمكان البلدين "القضاء على مفاعيل" هذه العقوبات "خصوصاً من خلال الاستعاضة عن الدولار بعملتيهما الوطنيتين في مبادلاتهما الاقتصادية".

وقال مصدر رسمي إيراني إن روحاني وبوتين وعلييف بحثوا في قمتهم مشروع بناء سكك حديد بطول 172 كلم بين "رشت" في إيران و"أستارا" في أذربيجان، ومشاريع تنقيب مشتركة عن آبار نفط وغاز في بحر قزوين بالاضافة الى التعاون الثقافي وفي مجال الشؤون الانسانية .وأوردت وسائل اعلام ايرانية أن طهران وقّعت بروتوكولات اتفاقات مع شركات روسية للتنقيب عن عشر آبار نفط.

وقد أعلن وزير الشؤون الاقتصادية والمالية الإيراني "مسعود كرباسيان" عن ارتفاع حجم العلاقات الاقتصادية بين ايران وروسيا بنسبة 70% في العام الأخير. وأضاف الوزير كرباسيان، في حديث مع الصحافيين الأربعاء وبعد لقائه وزير الطاقة الروسي "ألكساندر نوفاك" صرح بأن هذا اللقاء شكل فرصة ثمينة لاستعراض العلاقات وتطوير التعاون الثنائي بين البلدين، منّوهاً إلى فرص التعاون الجيدة بين البلدين خاصة الاستثمارية وتدشين المرحلتين الثانية والثالثة لمحطة بوشهر ومفاعل بندر عباس المائي بطاقة 1400 ميغاواط وتطوير النقل البحري وسكك الحديد المشترك والمشاريع الزراعية والتعاون النفطي والغازي وفي صناعة الأدوية.

في سياق آخر، نقلت وكالة الإعلام الروسية، عن وزير الطاقة الروسي، قوله إن روسيا وإيران ستعدّان بنهاية العام إطاراً قانونياً لمشروع يهدف إلى توصيل الغاز الطبيعي من إيران إلى الهند، وستبدآن التنفيذ عملياً في 2018. وذكر نوفاك أن (غازبروم) الروسية تخطط لإنتاج الغاز الطبيعي في إيران، وستنشئ خط أنابيب للغاز من إيران إلى الهند بطول 1200 كليومتر، بحسب الوكالة. 

إن العلاقات الاقتصادية الدولية ستشهد تطورات هائلة في بنيتها وفي قواعدها تتمثل ببدء بزوغ فجر مارد اقتصادي قوامه الصين والهند وروسيا وما يستتبع ذلك من تغيير جذري في النظام العالمي الجديد.

اقرأ أيضا: كيف اخترقت ايران حائط الصد العربي وسيطرت على أربع عواصم؟

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم