هكذا يرد الحريري على "الانقلاب"؟
- "انه انقلاب على الانقلاب"، هكذا وصفت مصادر مقربة من 8 آذار كلام الرئيس سعد الحريري لـ "الباري ماتش" الفرنسية عن أن "حزب الله" لا يستخدم سلاحه في الداخل".
وربما هذا يكون التعبير الأفضل، بعد أقل من شهر على خطاب الاستقالة الشهير، وما تضمنه من مواقف ولهجة عالية وقاسية عن "حزب الله". فقد ظهر وكأن الحريري - بيروت يرد على الحريري - السعودية، وحتى التوضيح الذي صدر ليلاً بعد موجة من ردود الفعل من جمهور "المستقبل"، بدا وكأنه يؤكد المؤكد، ويشير إلى أننا أمام مرحلة جديدة بدأت ترتسم معالمها منذ العودة إلى الوطن وإعلان قرار التريث، ولن ينتهي بالعودة عن الاستقالة واجتماع الحكومة الأسبوع المقبل، وفق قراءة أوساط 8 آذار.
المرحلة الجديدة التي ستستند إلى تحالف مع "التيار الوطني الحر"، كما أعلن الحريري في أول اجتماع مع كتلته، وربط نزاع مع "حزب الله"، لن يطال تأثيرها الحلفاء السابقين للحريري فقط، إنما ان ارتداداتها تطال بيت "المستقبل" الداخلي، وقد بدأت معالمها تظهر في الشق الإعلامي بظهور شخصيات محددة كجورج بكاسيني والوزير غطاس خوري كما في الشق السياسي والعملي، كما تلحظ الأوساط المذكورة.
اقرأ أيضاً: بهاء الحريري أرادَ وراثة القيادة... "كان هذياناً"
ومن جهته، يكشف قيادي في تيار "المستقبل" أن الرئيس الحريري أبلغ الكتلة والمكتب السياسي أنه سيترأس دائماً الاجتماعات من الآن ولاحقاً كونه رئيس الحزب، ومن يريد شيئاً عليه التواصل شخصياً وتنسيق المواقف معه، مؤكداً أن "النقاش سيكون مفتوحاً داخل الجلسات المقفلة فقط، وعلى الجميع السير بخطاب واحد في الخارج والابتعاد عن التسريبات".
ويسوّق البعض ان الخطوة هدفها ابعاد شخصيات اساسية من واجهة المرحلة "أبرزها الرئيس فؤاد السنيورة الذي شكّل "مجموعة العشرين" التي واجهت التوجهات الاخيرة للحريري وتحدثت عن الاحباط السنّي"، إلا أن القيادي "المستقبلي" يستبعد نظرية الإبعاد، مع الاعتراف بأن "هناك اتجاهاً إلى التعامل بطريقة جديدة في اطار التنظيم الداخلي".
ويلتقي في رأيه مع ما صرح به أمين عام "تيار المستقبل" لـ"النهار" في وقت سابق من انه "من الممنوع بعد الآن التباين الاعلامي في المواقف بين المستقبليين"، بالاضافة الى ما ذكره الحريري في المقابلة مع "النهار" من ان "هناك ملفاً للمحاسبة الداخلية في الحزب وان الملف في عهدة الرئيس الحريري".
وعما اذا كنّا أمام "تيار مستقبل" جديد، يشير القيادي إلى أن "تيار المستقبل" ليس حزباً عقائدياً ولا ينطلق من أفكار ثابتة، إنما هو تيار متحرك يعمل وفق الوضع العام وما يراه مناسباً له ولوطنه، مؤكداً أن الحريري قاتل "حزب الله" لمدة 12 سنة و بـ"اللحم الحي" ولوحده والآن قد تعب، ومن يريد أن يقاتل الحزب فليقاتله، أما هو فقد اتخذ قراراً بربط النزاع معه، مع الإصرار على السير بالمحكمة الدولية التي ستأخذ حق الشهداء. ومن دون أدنى شك، فإن كلامه للصحيفة الفرنسية كان يقصد به أنه لا يستعمل سلاحه في هذه اللحظة مع التأكيد أنه استعمله في الماضي وعشرات المرات"، لافتاً إلى أن "هكذا كلام أراح البلد، أقله في المرحلة الحالية".
ويعترف القيادي بأن المواقف الجديدة قد تؤثر على قاعدة "المستقبل" الشعبية، وقد تربك هذا الجمهور وتجعله فريسة المزايدات من هنا وهناك، إلا أن "سعد الحريري لم يقسها يوماً بهذه الطريقة، وأثبتت الأحداث أنه في وقت الجد ستعود القاعدة إلى الالتفاف حوله. كما أثبتت الأزمة الأخيرة مدى وفاء القاعدة له، وكلنا يعلم أن الجميع يتمنى، وعلى رأسنا سعد الحريري، أن تنتهي ظاهرة "حزب الله"، لكن علينا التعاطي بواقعية".