الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

هل يتدخل بوتين في انتخابات المكسيك لضرب واشنطن؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
هل يتدخل بوتين في انتخابات المكسيك لضرب واشنطن؟
هل يتدخل بوتين في انتخابات المكسيك لضرب واشنطن؟
A+ A-

ويأتي الخبر هذه المرّة من #المكسيك حيث يتوقّع المراقبون تدخّل #بوتين في انتخابات تمّوز المقبل، وذلك إذا كان حقّاً يريد أن "يؤذي" الولايات المتّحدة خلال "السنوات وربّما العقود" المقبلة. وعلى الرغم من أنّ المكسيك ليست قوّة كبيرة على الصعيد العالميّ، يمكن لروسيا فعلاً أن توجّه ضربة سياسيّة واقتصاديّة كبيرة لواشنطن إذا تمكنت من تعديل النتائج لصالح وصول سياسيّين مناهضين لجارتهم الشماليّة. فالمكسيك بحسب بعض الباحثين، "غنيّة بالفرص" التي يمكن أن ينتهزها الرئيس الروسيّ في هذا الإطار. 


هل نسي المكسيكيّون كلام ترامب؟

بداية، صحيح أنّ الرئيس الأميركي دونالد #ترامب لم يترك مناسبة خلال حملته الانتخابيّة من دون أن يتعرّض للمكسيك وشعبها. فالأخير لم ينسَ إصرار ترامب على بناء جدار على الحدود بين البلدين وعلى نفقة دولته الخاصّة. كما لم ينسَ خطاباته حول المكسيكيّين الذين يجلبون معهم إلى الولايات المتحدة "الكثر من المشاكل" مثل "المخدرات" و "الجريمة" و "المغتصبين". كما وصف ترامب الحكومة المكسيكيّة ب "الماكرة". وحتى حين كان يحاول، بدفع من أسئلة الإعلاميّين، أن يصحّح كلامه، كان يقع في خطأ أكبر ويعاود الهجوم على بعض المكسيكيّين بعد وصفه للبعض الآخر بأنّه طّيب. هذه المادّة قد تكون حاضرة بقوّة في الانتخابات المقبلة التي تشهد حملتها بروز أشخاص مناهضين للولايات المتّحدة.


انتخابات لملء 3000 منصب رسمي!

ذلك الاستحقاق المقبل سيكون حاسماً، إذ سيشهد انتخاب رئيس للبلاد ونوّاب وشيوخ وحكّام محلّيّين، بما يصل إلى 3000 منصب رسميّ كما تؤكّد ذلك الباحثة في "مجلس العلاقات الخارجيّة" شانون أونيل في مقالها ضمن موقع شبكة "بلومبيرغ" الأميركيّة. "لا دولة أخرى تؤثّر على الولايات المتّحدة بقدر جارتها الجنوبيّة" لأنّ المكسيك تبقى واحدة من أكبر شركاء #واشنطن التجاريين مع تبادل تجاري يصل إلى 600 مليار دولار يدعم سوق العمل الأميركية. يضاف إلى ذلك تشابك قطاعات الطاقة والنفط والمصافي والأمن وغيرها من تبادل المصالح والمعلومات الأمنيّة بين البلدين. لذلك، ترى أونيل أنّ تلك الانتخابات سترسم ملامح الدولة القادمة لعقود فإمّا تترك مسؤولين "براغماتيّين" في الحكم أو تنتج حكماً "عدائيّاً وحمائيّاً". كما ذكّرت بأنّ السفارة السوفياتية في المكسيك كانت الأكبر خارج الستار الحديديّ مع 300 موظّف داخلها. ومع العلاقات التاريخية بين مكسيكو وموسكو والتوتّر الذي خلقه ترامب، يصبح الانخراط الروسي في تلك الانتخابات "أكثر مكافأة وهدفاً أكثر ضعفاً" من الانتخابات الأخرى في أوروبا.


هل أيّد بوتين علناً مرشّحاً رئاسيّاً؟

لم تكن أونيل المراقبة الوحيدة التي تطرّقت إلى احتمال كهذا والتداعيات التي يمكن أن تنتج عن تلاعب روسيّ ممكن بالإعلام في المكسيك لتجييش الناخبين باتّجاه معيّن. فقد سبق لصحيفة "يوكاتان تايمس" المكسيكيّة أن كتبت عن هذا الموضوع في إحدى افتتاحيّاتها الشهر الماضي. الصحيفة الصادرة بالإنكليزيّة نقلت عن الكاتب خورخي فيرنانديز منينديز الخبير في الحركات التخريبية وصاحب 5 كتب عن السياسات المكسيكيّة عدم استبعاده تدخّلاً كهذا نظراً لقرب المكسيك من الولايات المتّحدة. لذلك، قد يعمد الروس إلى "قرصنة أنظمتنا الانتخابيّة" كما قال. ونقلت عن موقع "بوليتيكو أرغومنتو" قول الرئيس الروسيّ في مقابلة مع صحيفة إسبانيّة سنة 2016 إنّ أندريس مانويل لوبيز #أوبرادور قد يؤدّي دوراً مهمّاً كرئيس مقبل للمكسيك.


"رجلنا في المكسيك"

ويشير عدد من المراقبين إلى أنّ أدلّة ملموسة تؤكّد وجود نوايا روسيّة للتدخّل في الانتخابات المقبلة لصالح أوبرادور. فقناة "روسيا اليوم" باللغة الإسبانيّة تدعم المرشّح الشعبويّ اليساريّ أوبرادور. في هذا الصدد، يكتب الصحافيّ رافاييل برنال في صحيفة "ذا هيل" الأميركيّة أنّ جون أكرمان، صحافيّ أميركيّ يساريّ حصل على الجنسيّة المكسيكيّة، يدعم بشدّة أوبرادور، ولديه فقرة على موقع "روسيا اليوم" بعنوان: "المعركة من أجل المكسيك". ونقل برنال عن الإعلاميّ في القناة نفسها ماكس كيزر وصفه لأكرمان سنة 2015 بأنّه "رجلنا في المكسيك". أمّا نائب مدير معهد المكسيك في "مركز ويلسون" الأميركي، كريستوفر ويلسون فقال ل "ذا هيل": "إنّ أكبر مصلحة لروسيا هي في نشر بعض الفوضى في العلاقة الأميركيّة – المكسيكيّة". ورأى السيناتور المكسيكي أرماندو ريوس بيتر أنّه "إذا تدخّلت روسيا في الولايات المتحدة، فهنالك كل الأسباب (التي تدعو) للتفكير بأنّ المكسيك ستكون هدفاً للهجوم".


سخرية لافروف

في السابع عشر من هذا الشهر، نقلت وكالة "تاس" الروسيّة عن وزير الخارجيّة الروسيّ سيرغي #لافروف نفيه هذه الاتهامات وسخريته منها بعد لقائه نظيره المكسيكي لويس فيديغراري: "لم أرَ مقالات كهذه في الإعلام المكسيكي، لكنّني سمعت بانتشار شائعات. بإمكاني حتى التخمين من أين تأتي". وأضاف أنّ بلاده تعرّضت لاتهامات باطلة خلال الأشهر الماضية حول "تدخلنا في المكسيك، الشؤون الفرنسية، السويد وحتى في جنوب أفريقيا، يتمّ إخبارنا بأنّنا عيّنّا وزيراً هناك". ونفى أن يكون الإعلام الروسيّ قد تدخّل في الشؤون الداخليّة للمكسيك وانتخاباتها.


صحافيّ مكسيكيّ يطالب روسيا بالتدخل

ومع ذلك، هنالك وقائع قد تدحض كلام لافروف. فقد كانت لافتة المقابلة التي أجرتها وكالة "سبوتنيك" الروسيّة في كانون الثاني من هذا العام مع صحافيّ مكسيكيّ يستخدم اسماً مستعاراً كان يطالب بتدخّل بوتين في شؤون بلاده لحلّ مشاكل الفساد الداخليّة وتحرير المكسيك ممّا رآه هيمنة أميركيّة. وقال "فريبّو سوفييتيكو" في مقابلة مع "سبوتنيك – موندو" إنّه يطالب الرئيس الروسيّ بالتدخّل لأنّ الأخير يقف "ضدّ النظام العالميّ الجديد الذي تريد الولايات المتّحدة ودول أخرى تأسيسه. بعد بداية الحملة الجوّيّة الروسيّة الروسيّة في سوريا، بات واضحاً أنّ بوتين هو من يمكنه اعتراض الحكومة المكسيكيّة التي تقع تحت النفوذ الأميركي". وكان الأخير قد دعا مواطنيه بالتوقيع على عريضة طلب التدخّل الروسيّ عبر أحد المواقع الإلكترونيّة.

أيّاً تكن النوايا الروسيّة، قد يكون هنالك مفارقة سياسيّة في انتخابات المكسيك يمكن أن تنتج متناقضات في التوجّهات الخارجيّة. فإن صوّت الناخبون لمرشّح مدعوم روسيّاً، فإنّ ذلك قد لا يعني بالضرورة أنّهم ابتعدوا عن النفوذ الأميركي باعتبار أنّ ترامب نفسه مدعوم روسيّاً. فكيف سيقارب الناخبون في المكسيك هذه المفارقة؟


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم