مهرجان القاهرة: الخطاب السياسي مقبول شرط أن يكون "أجنبياً"!

عرض مهرجان القاهرة السينمائي في دورته التاسعة والثلاثين (٢١ - ٣٠ الجاري) عدداً من الأفلام ذات الطابع السياسي التي دارت سابقاً على التظاهرات السينمائية الدولية، داخل قسم أُطلق عليه "مهرجان المهرجانات". في حدث حكومي تابع لوزارة الثقافة يتفادى الصدام، محاولاً البقاء في دائرة الخطاب السياسي والاجتماعي المعتدل، هناك كيل بمكيالين واضح، فما يصحّ في الأفلام الأجنبية لا يجوز ان نراه في الأفلام العربية. هذا التساهل مع السينما الآتية من الخارج، وهذا التشدد في السينما التي تُصنع في الداخل (يتوقف على الزاوية التي ننظر منها إلى الأمور)، يشكّلان فرصة للمشاهدين لإلقاء نظرة على أفلام ملتزمة سياسياً.  أحد هذه الأفلام هو "خيبولا" للمخرج الجورجي غيورغي أوفاشفيلي الذي كان أبهرنا سابقاً برائعته "جزيرة الذرة" (رشحته بلاده لـ"أوسكار" أفضل فيلم أجنبي). فيلمه الجديد يستوحى من تجربة غامساخورديا (١٩٣٩ - ١٩٩٣)، أول رئيس لجورجيا يُنتخَب ديموقراطياً، عرّاب الاستقلال الذي لم يتوقف عن اتهام الكرملين بالتدخل في شؤون بلاده، قبل ان يُقتل خلال انقلاب دبّرته جماعات مسلّحة. الرئيس هنا يتحوّل إلى بطل قومي يتنقل في الجبال والوديان الجورجية على أمل ان يحظى بدعم الشعب ويعود إلى الحكم. يروي أوفاشفيلي المعادي لروسيا وتدخلاتها في شؤون بلاده، انه عاش مرحلة انتخاب الرئيس غامساخورديا: "أتذكّر انني كنت في المدرسة عندما بدأت الحرب الأهلية في العام ١٩٩١. المسلحون خلعوا الرئيس من القصر الجمهوري الواقع في وسط المدينة. وكانت مدرستي على بُعد ١٠٠ متر من القصر حيث انطلقت شرارة الحرب. وأتذكّر حتى اننا كنا نذهب إلى هناك يومياً لنعرف ماذا يحصل. في ٢٢ كانون الأول، أُطلقت أول رصاصة. في هاتيك الأيام،...