الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

باسيل يفتح ثغرة في قضية منح الأم الجنسية لأولادها أم يكرس تمييزاً جديداً؟

المصدر: "النهار"
ندى أيوب
باسيل يفتح ثغرة في قضية منح الأم الجنسية لأولادها أم يكرس تمييزاً جديداً؟
باسيل يفتح ثغرة في قضية منح الأم الجنسية لأولادها أم يكرس تمييزاً جديداً؟
A+ A-

"عنف قانوني"، "سلب حقوق" ومطالبة بـ"المساواة بين المرأة والرجل بحق اعطاء الجنسية للأولاد"، عناوين شكلت محور تغريدة لم تكن عابرة لوزير الخارجية #جبران_باسيل في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة. وفي حين اعتبر البعض أن باسيل فتح ثغرة في جدار قضية شائكة، رأت فيه احدى الناشطات المدافعات عن حقوق المرأة بأنه "تمييز مضحك".

في 26 من الشهر الحالي غرّد باسيل من المكسيك على حسابه على "تويتر" قائلاً: "العنف ضد المرأة ليس جسدياً فقط، بل يكون أخطر بسلب الحقوق. لمساواة المرأة والرجل بحق اعطاء الجنسية للأولاد، ما عدا الدول التي تشكل خطر التوطين". هل يعتبر كلامه تمييزا بين لبنانية وأخرى؟ أم أنه يفتح ثغرة في جدار الأزمة يمكن البناء عليها كمقدمة لحل تدريجي؟

أول التعليقات جاء على لسان منسقة حملة #جنسيتي كريمة شبو التي تقول لـ"النهار" إن باسيل تحدث عن "التمييز ضد النساء اللبنانيات المتزوجات من رجل غير لبناني، الا أنه نسي أن كل تمييز هو عنف بحد ذاته، عندما ميَز بين امرأة وأخرى بحسب جنسية زوجها عندما اضاف "ما عدا الدول التي تشكل خطر التوطين".
وترى أن كلامه "مضحك ولايستدعي الرد عليه فهو تفنن وتذاكٍ للتحايل على القضايا ولا يحق لاحد ان يدلي بتصاريح مبنية على اعتبارات طائفية بحتة". 

بالأرقام...

يعطي الدخول في لعبة الأرقام، شرحاً مفصلاً حول الرفض أو القبول بقانون اعطاء جنسية الأم لأبنائها حتى في ظل غياب الاحصائيات الدقيقة. وأظهرت دراسة رسمية أعدتها وزارة الداخلية عام 2012 أن ما يزيد عن 80 ألف حالة زواج للبنانيات من أجانب، وهي أرقام استندت إليها لجنة وزارية شُكّلت لدراسة مشروع تعديل قانون الجنسية في عهد حكومة نجيب ميقاتي، من أجل رفض السير به، باعتبار أن الأرقام تخل بالتوازن الديموغرافي الطائفي إخلالاً كبيراً، فضلاً عن شمولها عدداً لا يُستهان به من الفلسطينيين. 

أما بحسب دراسة إحصائية – اجتماعية أعدتها حملة "جنسيتي" فعدد اللبنانيات المتزوجات أجانب 840 لبنانية، وقد بلغت نسبة الزيجات من عرب 515 زيجة، فيما توزعت البقية بين زيجات أوروبية وأميركية وأفريقية وآسيوية. توضح شبو أن "أقل نسبة هي الزيجات من فلسطيني حيث تسجل الزيجات من العراقي المرتبة الأولى تليها الزيجات من الاوروبي"، مشيرة الى ان السياسيين يتخذون من مسألة التوطين ذريعة لعدم اقرار تعديل قانون منح الجنسية. وتأمل أن "يأتي يوم يكون مناسبة للاحتفال باليوم اللبناني لمكافحة العنصرية الباسلية ضد الانسان ".

الدولة تماطِل منذ أكثر من ثلاثين سنة في إعطاء المرأة اللبنانية حقها بمنح الجنسية لأولادها، مماطلة تطال 80 ألف امرأة، هي نوع من العنف الذي يمارس باسم القانون. عنف قانوني يعكس عقلية ذكورية لطالما ميّزَت بين الرَجل والمرأة، وينتُج عن مقاربة طائفية، فكلما طالبت النساء بتعديل القانون يخرج بعض السياسيين ليقولوا إنّ هذا التجنيس "يروّج لتوطين الفلسطينيين، وينافي حقّ العودة "أو "يغلّب ديانة على ديانة أخرى".

في السياسة للمسألة بعد طائفي، يعتمد على الاطار الديموغرافي. وللقضية، من حيث الارقام والتوزيعات، بعد طائفي ايضاً يحول دون أن تحصل المرأة على حقها باعطاء الجنسية لأولادها الأجانب. وفي أحسن الاحوال يكرر السياسيون عبارة "ليس وقته الآن فلدينا قضايا أهم" علماً أن قانون منح الجنسية يعد ملفاً شائكاً وسياسياً بامتياز، ملف لا يقل أهمية عن الأزمات السياسية التي تمر بها البلاد كل حين كونه يدخل في صلب حياة الناس اليومية، والمطلوب مقاربته بجرأة وإن كان إشكالياً. 

يؤيد عضو تكتل "التغيير والاصلاح" النائب #غسان_مخيبر الحلول المتدرجة كالحل الذي طرحه باسيل خاصة في القضايا الشائكة كهذه القضية ويعتبرها الطريق الأسلم للوصول"، مؤكداً لـ"النهار" وجود مطالب محقة وتمييز بين المرأة والرجل معتبراً أنها يجب أن تُعطى ضمن ضوابط معينة.

ويلفت مخيبر الى ان الأمر لا يقتصر على النساء، فهناك عدد كبير من الرجال يتزوجون من أجنبيات ويمنحونها جنسيتهم. وعن التمييز يقول "انه تمييز يجيزه الدستور كونه حرصاً على عدم التوطين". متحدثاً عن اجراءات يمكن أن تكون
حلولا مؤقتة بالنسبة للفلسطينيين والسوريين كتحسين شروط العمل، حق السكن، الخروج والدخول الى البلاد قبل الوصول الى البعد التشريعي بمنحهم الجنسية. 

ضغط المجتمع المدني في السنوات الماضية لم ينجح في إخراج هذا التعديل من براثن المزايدات السياسية والحسابات الديموغرافية، إلا أنه ساهم في تخفيف بعض المصاعب التي كانت تواجه عائلات اللبنانية المتزوجة من أجنبي لجهة الحاجة سنوياً إلى تجديد الإقامة وإلى كفيل عمل، إذ صدر مرسوم عام 2010 أجاز منح الأمن العام تلك العائلات إقامة لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، على سبيل المجاملة، من دون تكاليف مادية، وعدم الحاجة إلى كفيل. كما تمّ إدخال تعديلات عام 2012 إلى شروط العمل تُخوّل زوج وأولاد اللبنانية مزاولة المهن التي يمارسها اللبنانيون باستثناء المهن النقابية. لكنها تعديلات لا ترقى إلى مستوى إزالة الغبن والتمييز اللاحق باللبنانية المتأهلة من أجنبي.

تعاني النساء وأزواجهن وأولادهن من مشاكل تتقاطع مع المستويات الثقافية والاجتماعية ومع الاتجاهات السياسية والمالية، يصاحبها قلق دائم على مصير أزواجهن وأولادهن في المستقبل. وإذا كان الشعور بالغربة هو أقل المشاكل إلحاحاً على مجتمع مفتوح كالمجتمع اللبناني، إلّا أنّ القلق على الأولاد ومستقبلهم هو المسيطر.

دول المغرب العربي سبقتنا بأشواط في هذا الملف، فالجزائر تداركت هذا التمييز عام 2005، فمنحت الجنسية للزوج والأولاد بأثر رجعي، والمغرب في العام 2007 منح الجنسية للأبناء وللآباء بشرط الابقاء على زواجهم لمدة 5 سنوات والاقامة الدائمة في المغرب خلال هذه المدّة، علماً ان الفلسطينيين لم يستثنوا من هذا المكسب. وحذت مصر حذوهما مانحة الجنسية للاولاد دون الزوج. حركات ضاغطة تنشط في دول الخليج وسوريا والاردن، فيما لم نسجّل، نحن اللبنانيين، خطوة متقدّمة تنفي قليلاً العنصرية التي تسيطر على دولتنا. فالوطن "الام" لا تستطيع أن تمنحه أم لبنانية لأولادها، فهي تعطي الحياة فقط ولا تعطي الجنسية لمجرّد اقترانها برجل غير لبناني. 

ألم يحن الوقت لعزل مفهوم المساواة عن السياسة؟ ونمنح بذلك المرأة حقوقاً متساوية مع الرجل، ألم يحن الوقت ليتوفر التحرك اللازم لتعديل القانون والوصول إلى المساواة في الحقوق. 

اقرأ أيضا: بيوم عيدي ... اعطوني حقّي

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم