الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

الأونروا لـ"النهار": موارد إضافية للاجئين من سوريا\r\n

المصدر: "النهار"
سوسن أبوظهر
A+ A-

محنة مضاعفة، لاجئون مرتين، هذه حال الفلسطينين المسجلين في سوريا الذين اضطروا إلى الفرار إلى لبنان، فوجدوا صعوبات معيشية وعوائق في سوق العمل. وإذ يواجه لبنان الرسمي والشعبي أزمة اللجوء السوري بكل تأثيراتها السياسية والاقتصادية والديموغرافية على تركيبته الهشة، تضطلع وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين وتشغيلهم "الأونروا" بمسؤولية ملف فلسطينيي سوريا في لبنان، وقد تلقت التمويل المطلوب لإدارته.
ولمتابعة هذا الأمر التقت "النهار" المديرة العامة للوكالة في بيروت آن ديسمور. بداية كان لا بد من سؤالها عن التناقض في الأرقام الصادرة عن هيئات الأمم المتحدة نفسها في ما يتعلق بعدد اللاجئين الفلسطينيين من سوريا إلى لبنان، إذ تتراوح بين 54 ألفاً و90 ألفاً. فأوضحت أن الأسباب متعددة، فالوكالة لا تُسجل الفلسطينيين لأن ملفاتهم موجودة في سوريا، و"الأونروا" تأخذ علماً فقط بمن يتصل بها. وأضافت أن الأرقام المتاحة في تموز أشارت إلى دخول 93 ألف فلسطيني لبنان من سوريا، مع العلم أن العدد كان 63 ألفاً فقط في أواخر حزيران حين وُزعت المعونات المالية. وكان لدى العيادات الصحية لـ"الأونروا" رقم ثالث هو 50 ألف لاجئ.
وأمام هذه التقديرات المتباينة في فترة زمنية متقاربة، قررت الوكالة في نهاية آب التدقيق في حقيقة ظاهرة الفلسطينيين الآتين من سوريا، فتبين أنهم 45 ألفاً، بينهم ستة آلاف ولد انخرطوا في المدارس الـ69 التابعة للوكالة. غير أن اختلاف المناهج بين مخيمات سوريا ولبنان، أرغم الوكالة على فتح صفوف صيفية خاصة لتدريس الإنكليزية. واستطاع معظم الطلاب تحقيق الاندماج الأكاديمي مع نظرائهم، بينما بقي آخرون في صفوف خاصة بالفلسطينيين الآتين من سوريا. وفي الإجمال، وُظف 360 مدرساً إضافياً لمواكبة هذا الدفق من التلاميذ.
إذاً العدد هو نصف ما كان يُعتقد، لكنه يبقى كبيراً بالمقارنة مع ثمانية آلاف فقط ذهبوا إلى الأردن، وهو يعني عملياً أن عدد الفلسطينين في لبنان زاد بنسبة 16 في المئة. أما الآخرون فكانوا دخلوا البلاد ثم فضلوا العودة إلى سوريا بعدما اصطدموا بالغلاء والأوضاع الصعبة في مخيمات لبنان. غير أن هذا الخيار محفوف بالمخاطر، فمخيم اليرموك خلا من 85 في المئة من قاطنيه. وهناك من أقاموا لأيام قليلة، أو عبروا موقتاً إلى الأراضي اللبنانية للمغادرة جواً إلى وجهات متعددة. ولم يعد يُسجل إلا من يمكث أكثر من أسبوعين.
وكان التحقق من الأمر فائق الأهمية بالنسبة إلى الوكالة لوضع السياسات وتقويم الحاجات الإنسانية والمالية والقانونية لفلسطينيي سوريا، وكذلك التنسيق مع السلطات اللبنانية، مع العلم أن لا تكاليف تتكبدها لأن الأمر يدخل في إطار عمل "الأونروا". ويكاد الدور اللبناني يقتصر على الأمن العام وإدارة معبر المصنع الحدودي ووزارة الشؤون الاجتماعية، وقد أشادت ديسمور بتعاون هذه الجهات وناشدتها الإبقاء على الحدود مفتوحة، مشيرة إلى وجود مركز مراقبة للوكالة عند المعبر ينسق على الدوام مع الجانب اللبناني. ولا بد للفلسطينيين من الحصول على تأشيرة دخول يُعمل بها لثلاثة أشهر. والعبور أسهل لمن لديه عقد عمل أو إيجار، أو أقارب في لبنان، وزوجة أو أم لبنانية.
ويقيم نصف اللاجئين في المخيمات الفلسطينية التي تكاد تضيق بقاطنيها، والآخرون عند أقارب أو في أماكن مستأجرة تتجمع فيها أسر عدة فتكتظ بهم الغرف. ويتلقى اللاجئون معونات مالية كل بضعة أسابيع يذوب القسم الأكبر منها في تأمين تكاليف السكن والغذاء.
وأشارت ديسمور إلى أن الآتين من مخيمات سوريا ينعمون بالخدمات الصحية كسائر الفلسطينيين في لبنان، وقد حال ذلك دون انتشار أوبئة في صفوفهم كما حدث بين اللاجئين السوريين. وعزت ذلك إلى البنية التحتية الخاصة بالوكالة والتي طورتها على مدى سنين.
ولمخيم عين الحلوة الحصة الأكبر من اللاجئين، مع العلم أن لمخيم نهر البادر وضعه الخاص، فهو غير مهيئ لاستقبال حالات إضافية، والموازنة المخصصة له لا تزال ترزح تحت عجز كبير دفع في البداية إلى الاقتصاد في المساعدات وحصرها بالأشخاص الأكثر حاجة.
وتحدثت ديسمور عن صعوبة الوضع بالنسبة إلى لاجئين يضطرون إلى اللجوء مرة أخرى، وهم بالكاد يملكون شيئاً. وهل هذا يعني أنهم وجدوا لبنان بيئة غير حاضنة، تجيب بالنفي، ولكنها تعدد عوامل الغلاء والاكتظاظ السكاني وعدم القدرة على العمل لأن التشريعات اللبنانية تحظر ذلك، وثمة منافسة كبيرة مع اللاجئين السوريين الباحثين هم أيضاً عن فسحة للعمل والعيش، ومع شبان لبنانيين يريدون الفرص نفسها.
وبما أن الحلول لا تلوح في أفق الأزمة السورية، تتعامل "الأونروا" مع الأزمة على أنها طويلة وقد تمتد أكثر من عام 2014. وإذ نسألها عن العوامل السياسية بعدما دخل الفلسطينيون في سوريا طرفاً في النزاع، تلفت ديسمور إلى تعاون لا سابق له بين الفصائل في مخيمات لبنان، خصوصاً بين حركتي "فتح" و"حماس"، لتحصينها من أي انعكاسات لتدفق اللاجئين من سوريا، ووصفت الأمر بالمشجع لأن من شأنه تجنيب الفلسطينين في لبنان آثاراً إضافية لتعقيدات الوضع السوري، أو التسبب بتوتر أمني في مخيمات ذات حساسيات أمنية مثل عين الحلوة والرشيدية. وأضافت أنه ليس صعباً على لاجئ تفهم لاجئ مثله، فكيف إذا كان فلسطينياً هو الآخر؟
ودعت المجتمع الدولي إلى التعامل مع الوضع على أنه "مشكلة لاجئين من سوريا" وليس فقط قضية "لاجئين سوريين"، فالتعبير الأول أدق، والأهم أنه يشمل حُكماً فلسطينيي سوريا في أي تسوية مقبلة. مع العلم أن الأمر غائب حالياً عن اهتمام المعارضة السورية والمجتمع الدولي ولا يدخل في تجاذبات التسوية بين الأطراف المعنيين بها.
ومن المفارقات المتعلقة بهذه الأزمة، الأكبر في تاريخ "الأونروا" منذ عام 1949، أن المانحين الدوليين أظهروا سخاء في تلبية نداء الوكالة لجمع 65 مليون دولار إضافية لهذه السنة للتعامل مع أزمة فرار الفلسطينيين من سوريا، رُبعها من المقرر إنفاقه في لبنان. فقدموا أكثر من 45 مليون دولار ونصف المليون دولار، بينها أكثر من عشرة ملايين من الولايات المتحدة. مع العلم أن الموازنة العامة للوكالة لا تزال تغرق في عجز يصل إلى 52 مليون دولار، ولم يكن التجاوب كبيراً مع النداء الموجه بعد أزمة مخيم نهر البارد. وهذا يعني أن الوكالة لا تواجه نقصاً في التمويل، في هذا الملف بالذات.
وفي انتظار أن تتبلور أفق التسوية في سوريا، يبقى قدر الفلسطينيين السقوط في مرارة التهجير واللجوء مرة جديدة.



[email protected]
Twitter : @SawssanAbouZahr


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم