الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"بداية النهاية الأبديّة" لأنغيلا ميركل؟

جورج عيسى
"بداية النهاية الأبديّة" لأنغيلا ميركل؟
"بداية النهاية الأبديّة" لأنغيلا ميركل؟
A+ A-

ويبدو أنّ الفوز "المخيّب" قد انعكس فعلاً على المشاورات التي تعرقلت يوم الأحد الماضي، بعد انسحاب الديموقراطيّين الأحرار من المفاوضات حول تشكيلة الحكومة. وبالرّغم من ذلك، لم تكن الأجواء السياسيّة في #ألمانيا غير متوقّعة بشكل كامل، بل إنّ البعض رجّح أن تطول فترة المراوحة إلى أبعد من ذلك. ونقلت إستيل بيار من "وكالة الصحافة الفرنسيّة" عن خبراء قولهم إنّ برلين لن تشهد قيام تحالف حكوميّ إلّا قبل الميلاد بفترة قصيرة كما كتبت في تغريدة على "تويتر" بعد صدور النتائج.  


مرحلة ما قبل النازيّة

يعود البعض بالذاكرة إلى مرحلة ما قبل الحرب العالميّة الثانية ليتحدّث عن آخر مرّة أخفق فيها الألمان بتشكيل حكومتهم. أمبروز إيفان-بريشاردز كتب في صحيفة "ذا دايلي تيلغراف" أنّ جمهوريّة فيمار (1919-1933) كانت آخر جمهوريّة واجهت إخفاقاً كهذا. لا تعني تلك الأحداث أنّ العودة إلى النازيّة ممكنة، لكنّها أيضاً لا تعني أنّ ما يحصل هو مسألة ثانويّة بحسب الكاتب، أو حتى بحسب الرئيس الألمانيّ فرانك فالتر شتاينماير الذي وصف المجريات السياسيّة ب "غير المسبوقة في تاريخ الجمهوريّة الفيديراليّة".


نهاية ميركل "قد تأتي بسرعة كبيرة"

ترافق هذا المأزق مع تراجع شعبيّة أنغيلا ميركل بحسب أحد استطلاعات الرأي الذي أجراه مركز "سيفاي" منذ يومين وقد تبيّن من خلاله أنّ 54% من الألمان لا يؤيّدون بقاء ميركل كمستشارة فيما أيّد هذا الأمر 38.5% من المستطلعين فقط. تراجع التأييد الشعبي لميركل لم يتجلّ على المستوى الشعبي وحسب بل على المستوى السياسيّ أيضاً. وقال مؤسس حزب الخضر هانز كريستشن ستروبل في مقابلة مع موقع "واتسن" السويسريّ إنّ "نهاية مستشاريّة ميركل كان قد أعلنت من خلال نتائج الانتخابات العامّة". وأضاف: "الآن، يمكن حقاً لنهاية ميركل أن تأتي بسرعة كبيرة. برأيي إنّ السيّدة ميركل لن تكون قادرة على البقاء في رأس الحكومة لفترة أطول". ودعا حزب المستشارة إلى تشكيل حكومة مصغّرة لأنّها ستكون "مناسبة للديموقراطيّة".


من سيقود أوروبا بعد ميركل؟

إنّ فشل "الاتّحاد الديموقراطيّ المسيحيّ" وشقيقه الأصغر "الاتحاد الاجتماعيّ المسيحيّ" (برلين) و"الحزب الديموقراطيّ الليبيراليّ" و "حزب الخضر" في الوصول إلى تحالف حكوميّ منتظر، يشكّل منعطفاً سياسيّاً سيّئاً لميركل. سايمن جينكينز من صحيفة "ذا غارديان" البريطانيّة ذهب مباشرة إلى أنّ أوروبّا بحاجة إلى قائد. "من سيتقدّم (إلى هذا المنصب) إذا رحلت ميركل؟"، تساءل في عنوان مقاله. يتذكّر الكاتب كيف حضر مؤتمراً في #برلين تمحور حول السياسات الألمانيّة قبل شهر على استفتاء البركزيت. حينها ألحّ الألمان على البريطانيّين بألّا يصوّتوا بنعم كي لا يتركوا ألمانيا تتحمّل مسؤوليّة قيادة أوروبا، مشيرين إلى أنّ ألمانيا ليست ديموقراطيّة ناضجة.


الخيارات الأخرى محدودة

عبارة "بداية النهاية" تكرّرت كثيراً داخل ألمانيا في الآونة الأخيرة خصوصاً بعدما أعلن حزب الديموقراطيين الأحرار خروجه من مشاورات التأليف على قاعدة "خير ألّا نحكم مطلقاً من أن نحكم بشكل سيّئ". فشلت ميركل في محاولة إيجاد صيغة يتعايش من خلالها حزبا الخضر والديموقراطيين الأحرار، بسبب خلافات حول سياسات الهجرة والطاقة فسقطت المشاورات فاتحة المجال أمام احتمالين: إمّا انتخابات مبكرة قد لا تحمل تغييراً جوهريّاً في توزيع القوى السياسيّة داخل مجلس النوّاب وإمّا تشكيل حكومة مصغّرة. وقد يقتنع مارتن #شولتز، زعيم الحزب الاشتراكيّ الديموقراطيّ، بالعودة عن موقفه السابق بعدم الدخول مجدّداً في تحالف مع ميركل وإن يكن هذا الاحتمال ضئيلاً.


تخلّصت من أزمات أسوأ

يرى مراقبون أنّ المستشارة الحاليّة ستتمكّن في نهاية المطاف من تخطّي وضعها الشائك، لأنّه سبق لها أن تخلّصت من مشاكل أصعب. "إنّها حلّالة عظيمة للمشاكل" يقول كونتين بيل، باحث في المشروع الأوروبي ضمن مؤسّسة الرأي البريطانيّة "تشاتهام هاوس" في حديث إلى مجلّة "ذي اتلانتيك". بيل الذي كان أيضاً كبير مراسلي صحيفة "فايننشال تايمس" البريطانيّة في ألمانيا أضاف أنّ ميركل قد "أُضعِفت بشكل واضح" لكنّها ما زالت بعيدة عن المرحلة التي يتمّ فيها البحث عن شخصيّة أخرى لتخلفها في منصبها. أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة كيل الألمانيّة مارسيل ديرسوس قال للمجلّة نفسها إنّ أزمة اللاجئين إلى ألمانيا هدّدت موقع ميركل وكانت أكبر من المشكلة التي تواجهها حاليّاً واستطاعت تخطّيها. والأمر نفسه ينطبق على الأزمة في منطقة اليورو والتي برزت فيها ميركل كعامل استقرار ماليّ مهمّ داخل الاتّحاد.


"الرقم 1 هو من يتحمّل الفشل"

مع ذلك، يشدّد آخرون على أنّ مستقبل ميركل لن يكون مضموناً بغضّ النظر عن إمكانيّة نجاحها في تخطّي العقبة الحاليّة. الصحافيّ والباحث الألمانيّ في "معهد هوفر" ضمن جامعة "ستانفورد" الأميركيّة جوزف جوف، كتب مقال رأي في مجلّة "بوليتيكو" أوضح فيها مصير ميركل. وأشار إلى أنّ أصباع الاتهام ستتوجّه إلى ميركل لإصرارها على قيادة حزبها في الانتخابات المقبلة. فهي قد لا تفكّر بتلك الطريقة "لكنّ الرقم واحد هو من يتحمّل الفشل، لا أحد اللاعبين الأقلّ درجة". وتوقّع أن تتمكّن المستشارة من الحصول على ولاية أخرى بفضل الاستقرار الذي تتمتّع به ألمانيا، لكن "لا تراهنوا على السنوات الأربع كاملة". وأضاف: "في التاريخ، قد يُسجَّل الأحد الأسود، حين انهارت محادثات التحالف، على أنّه بداية النهاية لأنجيلا، الأبديّة".


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم