الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

هل سيبقى لبنان مصلوباً على خشبة الجلجلة؟

المصدر: "النهار"
مجد بو مجاهد
مجد بو مجاهد
هل سيبقى لبنان مصلوباً على خشبة الجلجلة؟
هل سيبقى لبنان مصلوباً على خشبة الجلجلة؟
A+ A-

ماذا يقول السعوديون؟ 

تتهم السعودية "حزب الله" بالمشاركة الفعلية في تدريب الحوثيين على القتال وترتيب عمليات التسلل والتخريب داخل الأراضي السعودية. وفي رأيها ان الحزب لم يأتِ الى اليمن لأغراض تعليمية، بل تصر على اعتبار الدعم المعنوي الذي يقدمه للحوثيين، والمعلن عنه رسميا، هو إحدى القرائن التي تستند اليها وسترفعها الى مجلس الأمن الدولي وجامعة الدول العربية لـ"تأكيد انتهاك الحزب القرار الدولي 2216".

يقول المشرف العام على التقرير الاستراتيجي الخليجي الدكتور عبد الخالق عبدالله لـ"النهار"، ان "الدلائل لا يمكن ان تكون اكثر وضوحا، وفي مقدمتها وجود مكتب لجماعة الحوثي في عقر دار "حزب الله" في الضاحية، وتحديدا في مربعه الأمني. تأخذ هذه الجماعة تعليماتها من قادة "حزب الله" في لبنان، ويتولى عناصر الحزب تمويلها وتدريبها"، مضيفاً: "تكفي زيارة مكتب جماعة الحوثي في الضاحية للاطلاع على عمق التدريب والدعم انطلاقا من المنصات الاعلامية وصولا الى الخبراء والفنيين. الحزب يعيث فسادا في اليمن من بيروت".

ويرى عبد الخالق عبدالله في شأن المعادلة الثلاثية التي تربط "حزب الله" والحوثيين بإيران، ان "قائد الحرس الثوري الايراني اعترف بأنه يقدم معلومات ودعما معنويا واستشاريا للحوثي عبر "حزب الله" في لبنان، علاوة على الصاروخ الذي ارسل من لبنان الى اليمن بقرائن أميركية، ما يجعلنا لا نحتاج الى المزيد من الأدلة التي تؤكد ارتباط الحوثي بـ"حزب الله" المرتبط أساساً بايران". 

كيف؟

كيف تمكنت السلطات السعودية من الحصول على هذه المعطيات التي تصفها بأنها قرائن تثبت مشاركة "حزب الله" عسكريا في اليمن؟

يجيب عبدالله ان "كلّ دول العالم لديها مؤسساتها الأمنية والاستخباراتية ولديها وسائلها لكشف المعطيات بالصوت والصورة، وأكثر الأجهزة الاستخباراتية نشاطا في العالم هي الأميركية منها، وليس هناك مكالمة واحدة تجرى بين بيروت وصنعاء من دون مراقبة، ولا يوجد صاروخ واحد الا ويتم رصده وتصويبه. الولايات المتحدة هي التي ساعدت في استقاء القرائن، الى جانب دول الخليج. كما ان لبنان ينسق تنسيقاً أمنياً تاماً مع المؤسسات الاستخباراتية الأميركية والفرنسية والاوروبية التي تتبادل المعلومات حول الجماعات الارهابية".

كيف جاء الرد؟

في الموازاة، تنظر مصادر مطلعة على صلة وثيقة بـ"حزب الله" ان "المعطيات التي أبرزتها السعودية مضحكة ومثيرة للسخرية". وتقول هذه المصادر لـ"النهار" ان "الفيديو الذي عرضته الوسائل الاعلامية السعودية مجرّد عمل سينمائي هوليوودي، والصور التي استخدمت فيه لا تشكل اي قرينة تؤكد مشاركة "حزب الله" في اليمن، بل انها مجرد صور متناثرة".

وتقرأ المصادر المقربة نفسها اتهام الحزب بالمشاركة في اليمن على انها "رد فعل حتمي على الهزيمة السعودية الكبرى في مواجهة لبنان بعد مراكمتها الخسائر في بلد كانت تعتبره يوضع في الجيب. كما ان السعودية لم تعد دولة مؤثرة استراتيجيا او دوليا، على رغم ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب يستطيع تغطية بعض الأمور، ولكن جزءاً كبيراً من العالم بات ينظر الى "حزب الله" على انه حركة مقاومة".

وتتساءل المصادر موجهةً سؤالها إلى السعودية: "انها تملك الجو والحدود والمعابر. فلماذا لم تعالج الفيديو بالنار، وكأنها في ذلك تسمح لحزب الله بالاضطلاع بدورٍ ما في اليمن؟". 

حول الدعم المعنوي للحوثيين الذي يجاهر به "حزب الله" صراحة، تشير المصادر الى انه "واجب أخلاقي وشرعي اسلامي في وجه جرائم الحرب التي ترتكبها السعودية في حق الشعب اليمني، ذلك ان "حزب الله" حركة اسلامية تلتزم أقوال الرسول، فيما النأي بالنفس لا يحول الانسان الى آلة".

عن الشروط التي وضعها الحريري، طالباً النأي بالنفس الفعلي لا الاسمي، تقول المصادر نفسها: "الحريري بحاجة للوقت كي ينسى ما حصل معه في السعودية".

... وماذا عن الجعفري والسلاح؟

يقطع قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي الجعفري الطريق امام اي تساؤلات حيال قبول ايران التفاوض على مصير سلاح "حزب الله"، فيعيد خلط الأوراق مجدداً في شأن التسوية التي يمكن ان تتبلور في هذا الاطار. 

وكان التلفزيون الرسمي نقل عن الجعفري قوله ان "الحرس الثوري سيلعب دورا نشطا في تحقيق وقف اطلاق نار دائم في سوريا"، معتبرا ان "نزع سلاح جماعة حزب الله غير قابل للتفاوض".

في هذا الإطار، يقول الكاتب السياسي الدكتور سامي كليب لـ"النهار" انه "لا يوجد اي مؤشر للحلحلة يدفع ايران الى القول انها يوما ما ستتخلى عن سلاح "حزب الله". فهذه مسألة استراتيجية لا تتعلق بلبنان فقط بل تمتد الى كل دول المنطقة، وتاليا لا يمكن ايران ان تفاوض على نزع سلاح الحزب الذي لن يقول يوما انه سيتخلى عن السلاح. فهذه بالنسبة إليه، مسألة مبدئية، بسبب الصراع مع اسرائيل، اضافةً الى ان القضية لم تعد لبنانية بحتة بل إقليمية. فايران لا تساوم على نزع السلاح لأن "حزب الله" هو السند الأساسي والاول لها في المنطقة العربية وليس عندها ما يدفعها للتخلي عن هذه الورقة المهمة بالنسبة لسياستها العربية". 

أين فرنسا في هذا كلّه؟

تبقى المبادرة الفرنسية التي طرحت حلاً للأزمة اللبنانية عقب استقالة الحريري، رهن تساؤلات عدة، أولها مستقبل العلاقة بين فرنسا وايران. يعتبر الجعفري ان "مطالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ببحث النشاط الصاروخي الدفاعي للبلاد ترجع إلى أنه شاب يفتقر إلى الخبرة"، رافضاً "أي محادثات في شأن برنامج إيران للصواريخ الباليستية"، كما تطالب فرنسا وقوى غربية أخرى.

يأتي هذا التصريح في حين تشير مصادر مطلعة لـ"النهار" إلى ان "اجتماعا خاصا مغلقا عقده الاتحاد الاوروبي حول ضرورة التوصل مع السياسة الاميركية الى اتفاق يسيّر عمل الشركات الاوروبية في ايران ولا يعيقها".

بدوره، يقول الباحث في القضايا الاقليمية الدكتور طلال عتريسي لـ"النهار" ان "الفرنسيين ابدوا موقفا ايجابيا ازاء الاتفاق النووي الايراني وهذا عنصر أساسي ومهم لايران على رغم ان ماكرون حاول فتح نقاش حول مسألة الصواريخ البالستية، لكنه أكثر توازنا من الرئيس السابق فرنسوا هولاند الاكثر تحيزا الى السياسة السعودية. حتى ان فرنسا كانت اول من رد على ترامب بعد مهاجمته الاتفاق النووي".  

وعن زيارة ماكرون المرتقبة لايران، يقول عتريسي انها ستبحث عن مخارج، فيما العنوان المباشر للزيارة يكمن في بحث العقوبات وعدم التدخل الرسمي في شؤون الدول الأخرى.

في رأي كليب ان "الضغط على ايران هدفه رفع مستوى الثمن السياسي في حال التوصل إلى تسوية، لأن الحاصل ان هناك تفاهما ضمنيا حاليا بين السعودية وروسيا، وأن هناك تحالفا ايرانيا مع الكرملين. اما بالنسبة لاميركا واسرائيل، فالموضوع الايراني لا يزال مقلقا وسيزداد تأثيره لأن الوجود الايراني صار على مشارف اسرائيل".

إذاً، ما مصير التسوية في لبنان، وهل سيكون من الممكن إيجاد مخارج تسمح للحريري بالرجوع عن استقالته؟ أم أن لبنان سيبقى معلّقاً على خشبة الجلجلة إلى أن يحين موعد الحلول الإقليمية الشاملة؟

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم