الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

هل السعودية راضية عن تريث الحريري؟

المصدر: " النهار"
أسرار شبارو
أسرار شبارو
هل السعودية راضية عن تريث الحريري؟
هل السعودية راضية عن تريث الحريري؟
A+ A-

بعد أن قلب الطاولة وأعلن استقالته من الرياض، عاد رئيس الحكومة سعد الحريري وتريث في تقديمها إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ليتلقى اللبنانيون صدمة جديدة هذه المرة اعتبرها معظمهم إيجابية. فبعد جولة مكوكية من فرنسا إلى قبرص ومصر، حطّ الحريري في لبنان حاسماً قراره، مجمّداً مواقفه النارية وعلى رأسها "قطع أيدي إيران في المنطقة".

مسلسل الغموض في قرارات الرئيس الحريري لا يزال مستمراً، فبعد اتهام أطراف لبنانية عدة للمملكة السعودية بإجباره على الاستقالة في الرابع من الشهر الجاري واحتجازه على أراضيها، على رأسهم رئيس الجمهورية اللبنانية وأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، بثت الحلقة الثانية من "الغموض" بإعلان الحريري تريثه في استقالته أمس بعد تمني فخامة الرئيس، للمزيد من التشاور في أسبابها وخلفياتها، بحسب قوله. لكن السؤال: هل كانت المملكة على علم بقرار تريثه؟ إذا كان الجواب نعم، فهل يعني ذلك تراجعاً في مواقفها؟ وإن كانت بعيدة عن هذا القرار، فكيف سينعكس ذلك على لبنان ومستقبل علاقة الحريري بها؟.



"كفانا وهم"

التريث في تقديم الاستقالة كما قال الأكاديمي والكاتب السياسي السعودي الدكتور خالد الدخيل" بمثابة منزلة بين منزلتين، ليس تراجعاً عنها وليس إصراراً عليها". وأشار، بعد أن أبدى استغرابه من قرار الحريري في اتصال مع"النهار"، إلى أن" الأخير لم يضع سقفاً لهذا التريث، إن كان هناك إمكانية للتراجع والعودة إلى رئاسة الحكومة، مع العلم أن ليس لديه مصلحة بالتمسك بفكرة رئاسة الحكومة". ولفت إلى أن "من يعتقد أن بإمكانه التوصل إلى حل حقيقي لصالح لبنان وحياده والنأي به عن الصراعات العربية فهو واهم بالحقيقة، حزب الله لم يقبل فكرة النأي بالنفس، توهمنا كثيراً، ورفيق الحريري دفع حياته ثمنا للذين يحاولون الآن تحقيقه".


فرصة لا إنهاء حالة

كتلة "المستقبل" اعتبرت خطوة الحريري "حكيمة، لمزيد من التشاور والامتناع عن كل ما يسيء للبنان بأشقائه العرب ورفضه تدخل أي بلد في الأمور اللبنانية"، في حين اعتبر النائب السابق الدكتور فارس سعيد خلال اتصال مع "النهار" أنها " تفتح المجال على الأقل أمام رئيس الجمهورية أن يخوضَ مفاوضات من أجل الحصول على تنازلات من حزب الله لصالح الدولة اللبنانية. فبعد التريث، المسؤولية تقع عليه، فهو المخوّل الدستوري والسياسي والمعنوي والوطني لإيجاد حل لهذه الأزمة. نعم التريث أعطاه فرصة انما لم ينهِ الحالة". ولفت "اذا حصل على التنازلات فهذا شيء ممتاز، لكن إن لم يستطع إيجاد مخارج مقنعة لسلاح حزب الله في الداخل اللبناني، فإن الأزمة لن تنحصر فقط في مستوى رئاسة الحكومة، إنما ستطال أيضاً رئاسة الجمهورية".

"تعويل سعودي"

خلف الكواليس يجري الحديث عن أن "حزب الله" أعطى الحريري وعوداً شجعته على العودة عن الاستقاله. أما السعودية فلا تزال تعوّل كما قال المحلل السياسي السعودي سليمان العقيلي لـ"النهار" "على التحركات السياسية التي يقوم بها الحريري من داخل المنظومة السياسية اللبنانية لوضع مقاربة جديدة تعتمد على شعار "لبنان أولاً" الذي يرفعه رئيس الحكومة، ويعني لا للتدخلات اللبنانية من اي طرف في الصراعات الاقليمية وتغليب المصالح الوطنية للشعب اللبناني على ما عداها وخاصة المصالح الإيرانية". وشرح "عندما ترسل الرياض سفيرها الجديد إلى بيروت في هذه المرحلة الدقيقة، فهي لا زالت تثق بقدرة الحريري على بعث معادلة جديدة للحكم اللبناني تنقله من الحياد السلبي (الصمت على أعمال أعضاء حكومته وعدم الاكتراث لانعكاسات أعمالهم) إلى معادلة التضامن لمواجهة أي انشقاق عن النأي بالنفس والفاعلية التي تحمي لبنان من ارتدادات تجاذبات الإقليم، وهو ما يمكن أن يكون حياداً إيجابياً من وجهة نظر الرياض".




ردّ ايراني سريع

إذا كان تريث الحريري في تقديم استقالته جاء "بعد وساطات دولية على رأسها الوساطة الفرنسية التي قامت بالتواصل مع الرئاسة اللبنانية"، بحسب ما قاله المحلل السياسي السعودي الدكتور خالد باطرفي لـ"النهار" متوقعاً أن "هناك تشاوراَ مع السعودية وفرنسا ومصر والإمارات بهذا الشأن". ويقول: "لعل الوساطات الدولية توصلت إلى رؤية لما يمكن أن تبنى عليه التسوية في المرحلة المقبلة. لم تتضح بعد مدى قوة الضمانات أو الوساطة والى أي حد يمكن الوثوق بها، ولكن من حق الحريري أن يعطي الأمر وقته، وينتظر حتى يرى ما تؤدي اليه هذه العروض، وهل ستكون أكثر جدية هذه المرة مما سبق، وهو في كل الأحوال لم يتراجع عن الاستقاله، وإنما أجّل تقديمها حتى تستكمل المباحثات في هذا الشأن ويُستكمل النقاش"، فإن الرد كما قال الدكتور سعيد، جاء اليوم من قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري الذي أكد أن نزع سلاح حزب الله غير قابل للتفاوض، واصفاً الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه شاب يفتقر إلى الخبرة وذلك نظراً لمطالبته ببحث النشاط الصاروخي الدفاعي للبلاد". ولفت سعيد "هذا يعني أن كل الهندسة التي يحكى عنها ليست قابلة للحياة بدليل ما يقوله عن ماكرون، حيث إن قرار التريث أتى نتيجة توافق فرنسي- مصري".

تحت المهجر

سعيد غير متفائل بنتائج المفاوضات المتوقع أن تحصل بين الاطراف السياسية اللبنانية. في حين يرى العقيلي أن" الرياض تراقب بدقة ولكن بحذر شديد نتائج تحركات الحريري التي اختار لها أن تكون من داخل الصندوق. واذا رأت الرياض أن شركاء الحريري لم يساعدوه في المهمة بما يدفعه للفشل المغطى بالسولفان السياسي (أي النفاق بدون التزام وعمل)، فعندها ستمسك الرياض بزمام المبادرة لتنتقل الازمة من محلية إلى خارجية، حيث سيتم الضغط على العلاقات اللبنانية الخليجية كي يضغط الشعب اللبناني على ساسته باعتماد سياسة تحمي مصالحه، والمقصود إيقاف أذى قواه السياسية المسلحة عن الأمن الإقليمي الخليجي. إن الرياض لم تضغط على الحريري في كيفية معالجته الأزمة أو أسلوب مداورته للحلول: من خارج الحكومة بالاستقالة، أم من داخلها بالتهديد بالاستقالة، وإنما يهمها في الدرجة الأولى أين سيكون لبنان من هذا الحريق الإقليمي الكبير، مورّد الحطب، أم المغني بعيداً عن الشر؟!".

اقرأ ايضاً بالفيديو والصور- الحريري: هذه لحظة لا يمكن أن أنساها

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم