الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

مليارات "ظُهر" حلم المصريين... فهل يتكرر؟

المصدر: "النهار"
موريس متى
مليارات "ظُهر" حلم المصريين... فهل يتكرر؟
مليارات "ظُهر" حلم المصريين... فهل يتكرر؟
A+ A-

إنتاج الغاز من الحقل المصري "ظُهر"، الذي يعد الأكبر في البحر المتوسط، من المتوقع أن يبدأ في موعد أقصاه نهاية 2017، هذه البشارة للمصريين أعلنها وزير البترول المصري، طارق الملا مطلع الاسبوع، ما يشكل تحولا كبيرا بالنسبة للدول المنتجة للغاز في الشرق الاوسط، ويعيد رسم خارطة توزيع إنتاج هذه الدول، لكون هذا الحقل الاستراتيجي، سيعيد خلط الاوراق، ويعزز موقع مصر على خارطة الدول المنتجة والمصدر للغاز في العال، كما تسعى البلاد ايضا لوقف الاستيراد بحلول 2019 وتحقيق الاكتفاء الذاتي. 

يقع حقل ظهر، الذي اكتشف في العام 2015، في منطقة "امتياز شروق" قبالة سواحل مصر، وتقدر احتياطاته بما يقارب 850 مليار متر مكعب من الغاز، وكان رئيس الوزراء المصري، شريف إسماعيل توقع في أيلول الماضي أن ينتج حقل الغاز المصري الجديد 500 مليون قدم مكعبة يوميا بنهاية 2017. وينفذ مشروع حقل "ظُهر" كونسورتيوم شركات (تحالف) يضم شركة "بي بي" البريطانية و"إيني" الإيطالية و"روس نفط" الروسية بالاضافة طبعا الى الشركة النفطية المصرية الحكومية. هذا وتسعى هذه الشركات، وخاصة روس نفط الروسية، كبرى شركات النفط الروسية، والتي تملك 30% من الحقل كانت اشترتها العام الماضي من شركة الطاقة الإيطالية "إيني"، لتصدير أجزء كبيرة من الغاز الطبيعي المستخرج من حقل ظهر إلى الاسواق الأوروبية. وتمتلك "روس نفط" في حقل الغاز الضخم "ظهر"، الذي يعد الأكبر في البحر المتوسط، حصة تبلغ 30% كانت قد اشترتها العام الماضي من شركة الطاقة الإيطالية "إيني". وتسعى مصر الى ان تتحول المركز "الطاقي" في المنطقة وها هي تستغل كل الفرص المتاحة أمامها للعب هذا الدور المنشو، في الوقت التي تتجه في الانظار ايضا الى إعلان بلاد الفراعنية عن جولة تراخيص جديدة قبل نهاية العام 2017 لطرح حتى 10 امتيازات نفط وغاز.

خارطة المنتجين تُرسم من جديد

كما اصبح معروفًا فإن مرحلة ما بعد اكتشاف حقل "ظهر" لن تكون مثل مرحلة ما قبله بالنسبة الى مصر التي تعمل اليوم بجد على تخطي أزمتها المالية والاقتصادية والتي أجبرتها خلال السنوات الماضية، وتحديدا بعد إندلاع ثورة 25 يناير التي أطاحة نظام حسني مبارك ، على التحول من مصدر للغاز الى مستورد له، مما زاد عليها الاعباء المالية، قبل ان ينقذها إكتشاف "ظُهر" والاكتشافات المتتالية للشركات العاملة في مصر. ومنتصف العام الحالي، اقرت الحكومة المصرية قانون الغاز الطبيعي الذي يسمح للشركات الخاصة شراء وبيع الغاز واستعمال المنشاءات الحكومية لهذه الغاية ، مما سهل وصول مصر الى التحول لكين تكون المركز الطاقي في الشرق الاوسط وشمال افريقيا لبيع وشراء الغاز بلا قيود. ولاشك ايضًا ان اعلان مصر توقيف استيراد الغاز بداية منتصف 2018 جاء نتيجة الاكتشافات الناجحة. واليوم تسعى القهرة لكي تكون مركزا اساسيا لنقل الغاز من شرق المتوسط الى الاسواق الاوروبية، هذا وتريد شركة "اني" الايطالية انشاء خط انبوب يوصل الغاز المصري بالغاز الليبي وصولا الى القارة الاوروبية عبر الاراضي الايطالية. كذلك تسعى قبرص واسرائيل الى استعمال هذا الانبوب بالاضافة الى إستخدام محطات الغاز المسال في مصر بهدف تصدير الغاز في المستقبل، مع الاشارة ايضا الى ان لمصر دور اساسي في ما يعرف بخط او انبوب الغاز العربي عندما يتم إستكمال إنشائه من الجهة السورية ليدخل بعدها حيز الإستخدام.

وقف الإستيراد من إسرائيل

وفي تطور مهم جداً أيضا سُجل خلال الايام الماضية، هو خروج وزير الطاقة المصري ليؤكد ان الجهات المختصة في مصر لن تصدر أية تصاريح للشركات تجيز استيراد الغاز من إسرائيل، طالما لم يتم حل قضايا التحكيم. وحددت وزارة البترول المصرية، في وقت سابق، ثلاثة شروط للسماح للشركات الأجنبية باستيراد الغاز من الخارج، وتتضمن تلك الشروط الحصول على موافقة الدولة، وأن يحقق الاستيراد ميزة وقيمة مضافة للاقتصاد، ووضع حلول للتعامل مع قضايا التحكيم التي أقامتها بعض الشركات ضد الحكومة المصرية. وكانت غرفة التجارة الدولية في جنيف قد أصدرت حكما نهائيا، أواخر العام 2015، قضى بإلزام الشركة القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس"، والهيئة العامة للبترول بدفع تعويض بقيمة 1.76 مليار دولار لشركة كهرباء إسرائيل، بالإضافة إلى 288 مليون دولار لصالح شركة "غاز شرق المتوسط"، بعد قرار مصر وقف تصدير الغاز لاإسرائيل في 2012. وقضت المحكمة الفدرالية العليا السويسرية، الجمعة 28 نيسان 2017 أن تدفع مصر غرامة قدرها 1.73 مليار دولار لصالح شركة الكهرباء في إسرائيل بسبب "خرق العقود السابقة. وقالت المحكمة، إن الهيئة المصرية العامة للبترول وشركة إيجاس "تتحملان مسؤولية الأضرار الناجمة عن الهجمات المتكررة على خط الأنابيب الذي يمر بصحراء سيناء وصلا الى إسرائيل منذ عام 2011.

كما يشكل اعلان وزير الطاقة المصري وقف مصر استيراد الغاز ابتداءً من منتصف 2018، ضغوط كبيرة على ضع الشركات في اسرائيل ويضعها في وضع صعب، فالسوق المصري تعتبر الاقرب والاكبر بالانسبة الى الغاز الاسرائيلي واذا لم يعد هذا السوق متوفرًا فيسكون من الصعب جداً على الشركات العاملة في اسرائيل ايجاد أسوق بديل عن السوق المصرية.

قبرص تنتظر

ويبقى "ظًهر" كنز بالنسبة للمصريين، وحلم بالنسبة للدول الاخرى، وخاصة قبرص التي تحلم بإكتشاف حقل شبيه به. ففي ايلول الماضي اعلنت شركتي "توتال" و"اني" العاملتين على البلوك 11 في المياه القبرصية انها اكتشفت بئرًا بحجم 0.5 tcfوبالتالي غير قابل للاستغلال ولكنها اعلنت في الوقت ذاته ان الاكتشاف كان في الطبقة الكاربوناتية الشبيهة لاكتشاف حقل "ظهر" في مصر، الامر الذي يعطي بصيص امل بالنسبة للقبارصة. فعلى الصعيد الجيولوجي، هذا امر مهم اذ يعني ان اكتشاف مثل اكتشاف "ظهر" قد يتكرر في اي مكان اخر يكون شبيهًا لتكوين الحقل المصري، ما شجع شركتي "اكسون موبيل" و"قطر للبترول" لبدء عملية الحفر على البلوك رقم 10 القريب من اكتشاف "ظهر"، هذا وقد اعلنت الشركتين عن موعد بدء الاعمال في منتصف 2018. ولاشك بان القبارصة حكومة وشعبًا بانتظار الاخبار السارة وبانتظار البئر الرابح ليتمكنوا بالانتقال الى مرحلة الانتاج.

[email protected]

Twitter: @mauricematta





حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم