الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

القضاء ينصف أهالي عين دارة... فماذا حوى تقرير شورى الدولة؟

المصدر: "النهار"
منال شعيا
منال شعيا
القضاء ينصف أهالي عين دارة... فماذا حوى تقرير شورى الدولة؟
القضاء ينصف أهالي عين دارة... فماذا حوى تقرير شورى الدولة؟
A+ A-

عادة، حين تتوالى "المصائب" في مكان واحد، يصعب العثور على صورة ايجابية. وحين تتسارع "الكوارث" يغدو التفتيش عن بصيص امل من الحالات النادرة.  

ربما هي حال بلدة عين دارة (قضاء عاليه)، اذ تراكمت فيها، منذ زمن، "الجرائم" البيئية دفعة واحدة: كسارات، مرامل، زفاتة باطون، نفايات ومعمل اسمنت، لكن يبدو ان "معركة شد الحبال"، لا بل معركة "الحفاظ على الوجود والارض والجبل" لن تكون بالسهلة، ولن تمر مرور الكرام على الاهالي والناشطين. هكذا، "خرق" الاسبوع الماضي خبر تقرير قضائي ينصف اهالي عين دارة في معركتهم ضد انشاء المعمل.

وفق معلومات "النهار" ان التقرير نص على "عدم اجازة الترخيص لمعمل الاسمنت ومنع الشركة المستثمرة من تنفيذ الاستثمار من خلال شركات اخرى"، و"عدم السماح لها ايضا بتطوير وسائل الانتاج والطاقة وعدم تشييد ابنية عائدة الى هذه الصناعات وبناء المكاتب وسكن العمال والمباني الادارية، وعدم الترخيص لاستخراج الصخور والرمول والاتربة والمواد الاولية وغيرها من العقارات المعنية".

المفارقة ان مطالعة مفوّض الحكومة لدى مجلس شورى الدولة جاءت مطابقة لتقرير المستشارة المقرّرة، فيما يفترض ان تكون الخطوة التالية رفع الملف الى هيئة مجلس شورى الدولة الناظرة بالطعن لاصدار القرار النهائي.

الطعن كان قدّم لدى مجلس شورى الدولة، ووقعته مجموعة من اهالي عين دارة، الى رئيس البلدية العميد فؤاد هيدموس وممثلين عن الهيئات البيئية، وفي مقدّمها "هيئة المبادرة المدنية". فأي تأثير يمكن ان يكون لهذا التقرير في المسار الطويل لانشاء المعمل؟

قصة اهالي عين دارة مع المعمل ليست بجديدة، فهي تعود الى اكثر من عامين. مذذاك، ومواجهة الاهالي لفكرة المعمل مستمرة، وما زاد في ضراوة معركتهم، ان المجلس البلدي السابق في البلدة كان امتنع عن الطعن ضمن المهل القانونية.

اعتصامات، بيانات، وحتى التعرض لملاحقات قضائية ومواجهة دعاوى ضدهم. كلها اساليب عاشها اهالٍ من عين دارة، من اجل هدف واحد هو قطع الطريق امام اي امكان لفرض امر واقع على الارض، يصبح معه انشاء المعمل حقيقة لا مفر منها. حتى اللجوء الى رئيس الجمهورية ميشال عون اعتمدوه، لا سيما بعد تكليف مستشاره انطوان سعيد الاطلاع على القضية.




مضمون التقرير

اليوم، ثمة مستند قضائي يمكن الركون اليه، هو تقرير المستشارة المقررة في مجلس شورى الدولة ميراي عماطوري الذي صدر اخيرا في الملف، فأي جديد في القضية؟

يكشف عضو "هيئة المبادرة المدنية" في عين دارة عبد الله حداد لـ"النهار" ان "تقرير المستشارة عماطوري حظي بموافقة مفوّض الحكومة لدى مجلس شورى الدولة، وهو أتى ليؤكد منطق الذين تقدّموا بالطعن، اي ان المقالع واستخراج المواد الأولية هو جزء أساسي من "مشروع إسمنت الأرز"، ومن ضمنه معمل الإسمنت، وبالتالي فان الترخيص المعطى من وزير الصناعة أتى ليشرعن "جرائم بيئية" ارتكبت على العقارات نفسها الواردة في الترخيص. بهذا المعنى، يصبح الترخيص للمعمل في ذاته، جريمة بيئية، فنّد مخالفاتها مرسوم تنظيم المقالع والكسارات، وان تقرير المستشارة عماطوري يؤكد وجهة نظر فريق الإدعاء صاحب الطعن".

اذا كان هذا التقرير يعتبر خطوة اولية، فما هي الاجراءات اللاحقة التي تترتب عليه؟

يجيب حداد: "في انتظار القرار النهائي، لا يزال فريق الإدعاء ينتظر الافراج عن ملف اداري كامل، هو في حوزة وزيري البيئة والصناعة، وهو عبارة عن ملف الترخيص الكامل للمعمل مع دراسة تقويم الاثر البيئي، لا مجرد دراسة تقنية ناقصة أوصى عليها القيمون على المعمل، وهي لا تحتوي على أي دراسة كاملة لأكثر من مليون متر مربع من المقالع، علما ان مجلس شورى الدولة طلب من الوزيرين المعنيين ذلك".

الاطلاع على هذا الملف الاداري الكامل يعتبر، في نظر رافضي المعمل، "حقا قانونيا ودستوريا"، لا سيما بعد اقرار قانون حق الوصول الى المعلومات، وهم حتى اللحظة، لم يطلعوا على مضمونه، مما يعزز لديهم "فرضية التحريف وتزوير الحقائق". ويلفت حداد الى ان "ثمة عملية تحريف لقرارات مجلس الوزراء السابقة التي تعود الى عامي 1994 و1996، والتي يقال ان القيمين على المعمل استندوا اليها لتمرير انشاء المعمل، فيما هي واقعاً لا تحتوي إطلاقاً على أي إشارة إلى "معمل إسمنت" في ذلك الحين، وبالتالي فقد جرى التلاعب بمضمون القرارات الواردة في الترخيص عبر الحشو والإضافات التي لم تأتِ في مكانها الصحيح".

ثقة شورى الدولة

اهمية الملف الاداري الكامل تتيح لأهالي عين دارة، ولا سيما منهم مقدّمي الطعن، معرفة مصير ملاحظات اللجنة الفنية لوزارة البيئة، لكون موافقة وزير البيئة حينذاك أتت مشروطة بمعالجة وزير الصناعة لهذه الملاحظات، والتي تتعلق بشكل اساسي بـ"التلاعب الواضح في تصنيف الأراضي".

اليوم، يعوّل اهالي عين دارة على مجلس شورى الدولة. يقول حداد: "ثقتنا به لا تزال قائمة ونأمل استمرار المجلس في الحرص على إجراءات قضائية عادلة تحترم حق المدعين الدستوري والقانوني في الإطلاع على المعلومات اولا وفي اكمال مسار القضية ثانيا. ان المنطق السليم كاف للإستنتاج أن معمل الإسمنت لا يجوز ان يبصر النور، لأن الترخيص مناف لعشرات القوانين، وأن المقالع والكسارات في جبل عين دارة ينبغي ان تؤول إلى زوال، اذ يعلم الجميع انها باقية وتعمل حتى الساعة، بقوة المحاصصة والصفقات السياسية المالية، لا بقوة القانون".

اللافت انه في الفترة الاخيرة، ترددت معلومات عمّا سمّي "لجنة تخمين ضرر" من وراء عدم انشاء المعمل. هذه اللجنة زارت بلدة عين دارة، واطلعت على مكان انشاء المعمل. فهل اتت بُعيد صدور تقرير المستشارة، وبطلب من اصحاب المعمل، كخطوة استباقية – احترازية؟

"النهار" حاولت مرار الاتصال بالسيد بيار فتوش للاطلاع على رأيه، ولكن من دون جدوى.

يبقى ان الملف بات اليوم عند القضاء، فأي مسار ستختتمه هذه القضية وبالشمع الاحمر؟!

[email protected]

Twitter:@MChaaya

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم