الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

Focus - المجتمع المدني اللبناني يسبق الدولة... ويعلق في شباك الأحزاب والطوائف زياد بارود: لا أحد يعرف ما هو فعلاً المجتمع المدني

نيكول طعمة
A+ A-

عام 2009، أثار موضوع حل النزاعات وبناء السلام اهتمام الناشطة في المجتمع المدني الصحافية فانيسا باسيل، فبدأت منذ ذلك الوقت مسيرتها الحافلة في هذا المجال. عندما تسأل باسيل ماذا تصنّف نفسها: ناشطة في المجتمع الأهلي أو المدني؟ تجيب بحزم: "حين نتكلم عن المجتمع الأهلي نقصد نموذجاً مصغراً لعائلة، عشيرة، قبيلة، طائفة أو منطقة، أما مفهوم المجتمع المدني فهو أكثر تطوراً وانفتاحاً من الأهلي".


تصنّف باسيل نفسها بأنها ناشطة في المجتمع المدني، "لأني لست ناشطة لطائفتي، أو لبيئتي أو لمنطقتي، بل ناشطة لكل لبنان". وتشير إلى وجود مجتمع مدني فاعل جداً في لبنان ينشط في إحقاق الحق بقضايا مهمة جداً.
والناشط في نظرها، "هو المندفع في مجتمعه نحو مناصرة قضية يؤمن بها، أكانت سياسية، بيئية، إقتصادية، إجتماعية، إنسانية، الخ...". وهي تنشط في المشاركة بمؤتمرات تتعرّف من خلالها إلى مواضيع لها علاقة بالقضية التي تعنيها، أي بناء السلام في بلدها. لذلك، تعتبر الناشط في المجتمع المدني، كل شخص يعبّر في مكان عام عن قضية معيّنة، بشكل حيوي وعفوي، ويلفت اهتمام الناس إليها وإلى مطالب حقوقيّة تعني الشأن العام. أما المعايير التي تخوّل الفرد أن يكون ناشطاً، "فهي معايير واضحة، إنسانية، وموضوعية على أن يضع كل ناشط معاييره بنفسه".
المجتمع الأهلي جزء من المدني
ينطلق وزير الداخلية والبلديات السابق المحامي زياد بارود من عبارة دوّنها في مجلة الـEconomist البريطانية الكاتب إدمون غريفند: "الكل يتحدّث عن المجتمع المدني والكل يدّعي أنه جزء منه، ولكن لا أحد يعرف ما هو فعلاً". وقال: "هذه المقولة تصح في المجتمع المدني اللبناني". والمقصود بالمجتمع المدني، "كل ما هو خارج منظومة الدولة ومؤسساتها وهيكليتها، أي أن كل المجتمع اللبناني يستطيع أن يكون مجتمعاً مدنياً، ومنظمات المجتمع المدني هي كل الجمعيات غير الحكومية". ويوضح: "إذا اردنا توسيع المفهوم، يمكن آنذاك أن تشمل النقابات أو الجامعات التي تعتبر جزءاً منه". غير أن المفهوم المتداول لهذا المجتمع، وفق بارود، "هو الجمعيات أو المنظمات غير الحكومية التي تتخذ شكل جمعية لا تتوخى الربح وتسجّل إجمالاً وفق القانون العثماني الصادر عام 1909 المعروف بقانون الجمعيات، والذي لا يزال ساري المفعول، وهو قانون جيّد وليبرالي وشبه منسوخ عن القانون الفرنسي عام 1901 الذي لا يزال ساري المفعول في فرنسا أيضاً".
وعلى المستوى التطبيقي، تتخذ الإشارة إلى المجتمع المدني في الإعلام والسياسة معاني مختلفة، على ما يفيد، "فالبعض يريد هذه الصفة المجتمع المدني كي لا يدخل إلى السياسة، فيقوم بنشاط بيئي أو بآخر مدني واسع، وكأنه يريد أن يقول إن المجتمع المدني هو على هامش السياسة، في حين أن الواقع مغاير تماماً، ذلك أن المجتمع المدني "في صلب السياسات العامة، ويمكن أن يكون جمعية تضم هواة جمع الطوابع، كما يمكن أن يكون منظمة غير حكومية تعنى بموضوع الإنتخابات مثل "الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الإنتخابات". من هنا، يرى بارود أن المجتمع الأهلي هو جزء من المجتمع المدني، ومن غير المجدي التمييز بينهما.


المجتمع المدني مهزوم؟
نظرة بارود إيجابية تجاه لبنان الذي يفخر بأنّ لديه مجتمعاً مدنياً حيّاً منذ عقود. ويقول إن هذا الأخير في كثير من الأحيان، وخصوصاً في اعوام الحرب، كان أكثر وعياً من السلطة التي حكمته. ولكنه مهزوم أيضاً، لأنه مجتمع يشبه البلد، وبالتالي هو منتج من هذه الحال القائمة. لذلك، يلخّص بارود أزمته بالنقاط الآتية: ثمة أزمة تعريف بكل ما ينطوي تحت لواء ما يعرف بالمجتمع المدني؟، متسائلاً من يستطيع أن يدّعي أنه من هذا المجتمع؟، ولا سيما عندما نسمع أن بعض الأحزاب والقوى السياسية دعت مثلاً إلى مشاركة المجتمع المدني في نشاطاتها، فهل يبقى هذا المجتمع عندما يتعلّق بفريق سياسي؟". ويجيب: "الإصطفاف الدائم شيء، وأن تتقاطع مواقف المجتمع المدني مع مواقف قوى سياسيّة شيء آخر. ولا بأس إذا ما تقاطعت، ما دام الخطاب السياسي لفريق معيّن، بقي مستقلاً وغير منحاز".
كذلك يعتبر بارود أن أزمة المجتمع المدني هي تنظيمية داخلية، مشيراً الى أن الجمعيات المنظمة هي التي تحتاج إلى ديموقراطية داخلية وإلى الشفافية. وتكمن المشكلة في حصول بعض الجمعيات على تمويل هائل. فالمشكلة ليست في المبالغ والتمويل، لأن من حق الجمعيات ان تحصل على المال لمشاريعها. ولكن السؤال، أين شفافيّة هذا التمويل؟ من يطلع من أعضاء الجمعية على هذا الإنفاق، وعلى آلية الصرف والمعايير المفروضة لقبول الهبات والمشاريع وإدارتها؟.
ويتطرق بارود إلى استغلال السلطة وبعض القوى السياسية للمجتمع المدني، "إمّا عبر إغراء قياداته بمناصب، أو عبر الترهيب أو وسائل أخرى تجعل هذا المجتمع خاضعاً لتأثيرات معيّنة، وهذا ما يُلغي صفة المجتمع المدني".
ويقول رداً على سؤال: "المجتمع المدني هو بقسم كبير منه حالة اعتراضية، تهدف إلى تغيير الأمور وإلى تحسينها وتطويرها، فالشارع هو المكان الطبيعي لهذا المجتمع، كونه مساحته الطبيعية وبيئته الحاضنة، وهو ينشط في الشارع أكثر مما ينشط في المكاتب. ويؤكد أن لبنان اليوم أمام تحوّل على مستوى المجتمع المدني، لكن الإصطفاف السياسي الحاد بين فريقين كبيرين أدى إلى تراجع موقعه". ويرى اليوم أن ثمّة حاجة الى حالة مطلبية شبابية يبقى متفائلاً بشأنها، خصوصاً أنه يواكب أكثر من تحرّك في الشارع. "أعتقد أنه يعيدنا إلى هذا الحراك المدني الذي افتقدناه بضعة أعوام. وهو يشجّع على قيام حركة مدنية في هذه الفترة تقدّم أفكاراً تعترض على ما هو قائم، عبر بدائل واقتراحات في مواجهة إفلاس طبقة سياسية وسلطات حاكمة منذ 1943. وهي تسعى إلى تجييش أكبر عدد ممكن من الناس حول هذه الفكرة، وأن تتحوّل أداة ضغط قادرة على إحداث خرق ما في جدار التصلب والممانعة.


[email protected]


مجتمع اهلي لا مدني


تقول رئيسة اللجنة الوطنية للاونيسكو الدكتورة زهيدة درويش ان المجتمع الناشط في لبنان هو اهلي وليس مدني، اذ انه اقرب الى التجمعات العائلية، كما الاحزاب اللبنانية، عشائرية ومناطقية وطائفية، وان معظم المجتمع المدني ما زال أسير المذاهب والطوائف، ولم يرق الى مستوى المجتمع المدني في الخارج، الذي ذهب الى العلمنةـ ووضع الانسان وحقوقه في صلب اهتمامه من دون الالتفات الى حسابات اخرى صغيرة.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم