الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

ما أجمل صباح "غوغل" هذا الصباح!

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
ما أجمل صباح "غوغل" هذا الصباح!
ما أجمل صباح "غوغل" هذا الصباح!
A+ A-

استيقظتُ في ساعةٍ مبكرة من فجر هذا اليوم، لتتلقّاني صورتكِ، أيتها الجميلة كفَرَسٍ صاهلة في النعيم، بوجهكِ المتبّسم الضَحوك، على صفحة "غوغل" الأولى. خلف الصورة إلى الجهة اليمنى، أعمدة بعلبك، وإلى الجهة اليسرى فرقةٌ للدبكة بالزيّ القروي. 

ليست فحسب، صورتكِ، يا صباح، التي رأيتُها على محرّك "غوغل"، بل صورة الصباح اللبناني مطلقاً؛ لذيذاً، طريّاً، ليّناً، رخيّاً، طيّباً، طَروباً، أنيقاً، حالماً، سعيداً، غاوياً، فاتناً، هانئاً، مموسَقاً، رضيّاً، مأخوذاً بشغف الانضمام إلى الضوء، مضفوراً بالنعمة والموهبة، محرَّراً من لعنة الكوابيس والرعونات والفظاعات المرتَكَبة في حقّ هذا البلد الصغير.

يا لهذه الهدية!

يا لهذا الصداح البصري، ينسّيني ما أكابده شخصياً، وما يعانيه المواطنون اللبنانيون الكثر من أمثالي، الذين ضاقت أرواحهم بالعيش تحت وطأة السفلة والمجرمين والزعران والسرّاق وتجّار الهيكل من قراصنة المذاهب والطوائف والأوصياء، محليين وإقليميين ودوليين، فرساً وأعراباً وأغراباً، بلا أخلاق، وبلا دين!

فليطردهم صوتكِ، ووجهكِ، يا صباح، فليطردهم جميعاً إلى الجحيم!

مرحبا أيتها المرأة اللذيذة. مرحبا يا عزيزتي صباح.

سلامي إليكِ. وإلى لبنانكِ الجميل.

سلامي إلى طبقات صوتكِ الموصولة بالشبق.

إلى الطيبة المسروقة.

إلى الغنج المطلوب والمحبوب.

إلى رغيف الصاج والتنّور الفائح من عينيكِ المُفتِنتين.

إلى روحكِ الشبيهة بطلاقة العصافير وأوجاع العسل.

إلى جسدكِ الخلاّق الناضح بالسعادة.

إلى رغبة عيشكِ القادرة على إلحاق الهزيمة بكلّ أشكال القهر والموت، وبكلّ أنواع الوحوش والوحشيات.

وسلامي إلى لبنانكِ؛ هذا الذي لم يعد قادراً على الانوجاد؛ هذا الهاشل في البراري، في الجبال، في الأودية الشاقّة، في أماكن التيه والهرب، بحثاً عن منفى، أو ملجأ، أو مقبرة!

بحثاً عن مقبرة. نعم. بحثاً عن مقبررة!

فأن يُعاش في مقبرةٍ حقيقية، حيث يرقد الموتى، ويستريحون، لأَهون بكثير من العيش في هذه المقبرة النتنة اللبنانية، التي يتعهّر فيها الأشرار، ويفرشون سلطان الرعب اليومي، ممعنين في ارتكاب التشويه غير المسبوق لصورة لبنان، تحت أدران أنيابهم والأظفار والأيدي التي تنهش جسد البلد الجميل، وتهبه للغربان والديدان من كلّ حدبٍ وصوب.

ليتكِ يا صباح، تعثرين على لبنانكِ، الفارّ من سجون السلطات والتسويات والصفقات والوصايات، ومن أوكار الطوائف والمذاهب والميليشيات، لتضمّيه إلى صوتكِ الفتيّ، لعلّه يجد في ألياف حنجرتكِ الأبيّة، فراشاً ومخدةً يتكئ عليهما في انتظار الأعجوبة التي لا تأتي.

شكراً لمحرّك "غوغل"، الذي منحني الفرصة من خلال نشره صورتكِ هذا الصباح، في مناسبة عيد ميلادكِ التسعين، لأفلت الصرخة الغضوب، طليقةً وحرّةً من كلّ قيد، بل ومن كلّ اعتبارٍ ترهيبي، لعلّ لبنان ذاته يسمع أن ثمة هنا، في هذه الجهنم الموبوءة بهؤلاء، من لا يزال يؤمن به، ويريده، ويتمناه، وينتظره، إلى أبد الآبدين.

على نسق صوتكِ، يا صباح، فليصدح لبنان حرّاً من كلّ قيدٍ واعتبار.

[email protected]


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم