السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

هل تؤول زعامة شيعة العراق إلى رجل الدين الإيراني الشاهرودي؟

هل تؤول زعامة شيعة العراق إلى رجل الدين الإيراني الشاهرودي؟
هل تؤول زعامة شيعة العراق إلى رجل الدين الإيراني الشاهرودي؟
A+ A-

أوائل ايلول توجه أحد كبار المسؤولين وكبار رجال الدين في إيران آية الله محمود الهاشمي الشاهرودي (69 سنة)، إلى مدينة النجف المقدسة عند الشيعة في جنوب العراق. 

وكان بين حاشيته عدد غير قليل من رجال الأمن والرئيس السابق للحرس الثوري الإيراني، أقوى القطاعات العسكرية نفوذا في الجمهورية الإسلامية.

أمضى الشاهرودي أياماً في لقاءات مع المسؤولين ورجال الدين وطلاب المدارس الدينية في محاولة لاستمالتهم وذلك في مكتبه قرب مرقد الإمام علي ذي القبة الذهبية والذي يعد من أقدس المواقع في العالم عند الشيعة. ويقول مسؤولون عراقيون حاليون وسابقون إن هدفه هو تعزيز مكانته لخلافة آية الله العظمى علي السيستاني (87 سنة) أعلى المراجع الشيعية وأوسع الناس نفوذاً في العراق.

وعلى رغم أن الاهتمام ينصب على معركة العراق في مواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، فإن مستقبل البلاد قد يتوقف بالقدر نفسه على ما يدور الآن في النجف. ولتقدم السيستاني في السن ولاستمرار الشائعات عن حاله الصحية، باتت مسألة خلافته أكثر إلحاحاً. وتتنافس طوائف الشيعة العراقيين لاقتناص دور في اختيار الخليفة. وتساند إيران الشاهرودي في مسعاه. وقد يصير الشاهرودي خليفة تختلف فيه الآراء للسيستاني. إذ يخشى كبار رجال الدين في النجف أن تحاول إيران توسيع نفوذها. وينظر البعض الى الشاهرودي بعين الارتياب على رغم أن في وسعه أن يؤسس قاعدة دعم بين الطلاب. ولأن السيستاني باعد بينه وبين السياسة الإيرانية، فقد لا يريد بعض أتباعه أن تخلفه شخصية مقربة من طهران.

وقد رفضت المصادر المطلعة في النجف الحديث علناً عن مسألة خلافة السيستاني لحساسيتها، غير أن مسؤولاً عراقياً كبيراً سابقاً قال لـ"رويترز": "الإيرانيون سيبذلون قصارى جهدهم ... فالمسألة ليست دينية فقط بل أصبحت السياسة جزءاً منها. وستحدد مصير العراق".


المناطق المتنازع عليها

وعمدت إيران إلى توسيع نفوذها في العراق من طريق مساعدة الحكومة في بغداد على استعادة المناطق المتنازع عليها من أيدي الأكراد. فقد تولى قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني بنفسه مهمة إقناع بعض القيادات الكردية بالتخلي عن مطالبتها بالمدن المتنازع عليها مثل كركوك الغنية بالنفط.

وإذا أمكن إيران أن تفرض سطوتها في اختيار أكبر رجال المذهب الشيعي في العراق، فسيصير في وسعها أن تحكم قبضتها على السلطة في البلاد لسنوات مقبلة.

كذلك فإن وجود رجل دين رفيع المقام في النجف متعاطف مع المصالح الإيرانية سيبدد إمكان وجود منافس لمرشد الجمهورية الاسلامية الايرانية آية الله علي خامنئي الذي يعتبر نفسه زعيماً للشيعة في أنحاء العالم. فطوال سنوات ظل السيستاني، الذي اختط لنفسه خطاً مستقلاً عن إيران على الصعيدين الديني والسياسي، أكبر شخصية تتحدى خامنئي على زعامة الشيعة على مستوى العالم.

ونادرا ما يظهر السيستاني على الملأ، غير أن لقراراته قدسيتها عند الملايين من أتباعه الشيعة. وكانت فتواه التي دعا فيها أتباعه الى حمل السلاح في وجه مقاتلي "داعش" أتباع المذهب السني هي التي أحبطت زحف التنظيم نحو بغداد عام 2014.

كما استخدم السيستاني قراراته في تخفيف حدة العنف الطائفي في العراق. وعارض انفصال إقليم كردستان العراق بعد الاستفتاء على استقلاله في أيلول، لكنه حض بغداد على حماية الأكراد بعدما ظهرت تقارير عن انتهاكات في حقهم الشهر الماضي. ويقول مسؤولون ومراقبون عراقيون إنه لولا نفوذ السيستاني لتفجرت اشتباكات بين الطوائف بل بين الفصائل الشيعية المتنافسة.

وقال المسؤول العراقي الكبير السابق :"السيستاني ليس مجرد شخص بائس يجلس في بيت. ففي إمكانه التحكم في ملايين الناس".

وتتوقع المصادر في النجف أن يبقى السيستاني في منصبه حتى وفاته. ولا عملية واضحة لاختيار من يخلفه، غير أن الشاهرودي سيحتاج الى الحصول على تأييد عدد كبير من الشيعة العاديين وطلاب المدارس الدينية ورجال الدين الآخرين.

وليس الشاهرودي بغريب عن النجف، فقد ولد في المدينة لأبوين إيرانيين. وفي السبعينات دخل السجن وتعرض للتعذيب على أيدي قوى الأمن في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بسبب نشاطاته السياسية. ثم انتقل إلى إيران بعد قيام الثورة الاسلامية ورقي إلى مناصب عليا منذ صار خامنئي الزعيم الأعلى عام 1989.ورأس الشاهرودي القضاء الإيراني طوال عشر سنين وهو يرأس الآن مجمع تشخيص مصلحة النظام الذي يتولى تسوية المنازعات بين مجلس الشورى ومجلس صيانة الدستور وهو هيئة رقابية من الجناح المتشدد.

وفي المناسبات العامة يظهر الشاهرودي في كثير من الأحيان جالساً الى جانب خامنئي.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم