الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

"حكومة إعلان حرب"... ما بين التصريح السياسيّ والمواجهة العسكرية المُرتقبة

المصدر: "النهار"
علي عواضة
علي عواضة
"حكومة إعلان حرب"... ما بين التصريح السياسيّ والمواجهة العسكرية المُرتقبة
"حكومة إعلان حرب"... ما بين التصريح السياسيّ والمواجهة العسكرية المُرتقبة
A+ A-

"انتهى زمن التمييز بين #حزب_الله والحكومة اللبنانية. سنتعامل مع الحكومة اللبنانية على أنها حكومة إعلان حرب علينا". بهذه العبارة لخّص وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي #ثامر_السبهان عنوان المرحلة المقبلة. تصريح أعلن خلاله عن طبيعة التعامل المقبل من المملكة مع الحزب والحكومة اللبنانية، فقد طالب الشعب اللبناني بأن يختار بين السلام وبين الانضمام للحزب... "المسارات السياسية وغير السياسية متاحة للتعامل مع خطر حزب الله".

لطالما كانت العلاقة بين الحزب والسعودية تحمل طابع الحدة، لا سيما في الفترة الاخيرة. فالتصريحات المتبادلة بقيت ضمن الأطر السياسية، ولكنّ التطورات الأخيرة أخذت منحى مختلفاً، فأطلق الحوثيون صاروخاً على الرياض واتهم "حزب الله" بمهاجمة السعودية داخل أراضيها، ما اعتُبر تصعيداً غير مسبوق في العلاقات مع "حزب الله"، حتى وصل الأمر بالأمس الى اعلان السبهان حكومة لبنان على انها "حكومة إعلان حرب".

آراء الخبراء في القانون الدولي انقسمت بين "مهول" للتصريح، وبين ما اعتبره "مجرد تصريح سياسي هدفه المزيد من الضغط على الحكومة اللبنانية لا اكثر"، فالاعلان جاء عبر وسيلة اعلامية ضمن مداخلة تلفزيونية، بينما البعض اعتبر أنّ التصريح "ما هو سوى تمهيد لمزيد من الإجراءات التي تبدأ بقطع العلاقات وسحب الرعايا الخليجيين من لبنان وصولاً الى اعلان حرب يمكن أن تُشنّ بوجه لبنان، إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه اليوم".

الخبير في القانون الدولي أنطوان سعد، يؤكد في حديثه لـ"النهار" أنّ "السياق العام ينذر بحالة حرب كأنّ لبنان يحارب السعودية، أو ينضوي في تحالف ضدّ المملكة، خصوصاً مع المعلومات الأمنية التي نشرتها السعودية عن الصاروخ الموجّه الى أراضيها، مؤكداً بأنّه لا يجب الاستهوان بالتصريح واعتباره تصريحاً سياسياً، فهو صدر عن مسؤول سعودي بعد التطورات الأخيرة.

لبنان في قلب العاصفة

وعما قد تؤول اليه الأمور في ظل التصعيد الخطابي، اعتبر سعد "اننا في قلب العاصفة، فيمكن أن تقطع السعودية العلاقات الديبلوماسية مع لبنان ولا تعترف بحكومته، كذلك يمكن الطلب من الجامعة العربية مقاطعة لبنان مالياً، وسحب الودائع، ويمكن طرد اللبنانيين من الخليج، وصولاً الى المحاصرة المالية والتصعيد في كلّ الاتجاهات، إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه اليوم"، معتبراً أنّه "على لبنان القبول بالحياد التام والأفضل عدم مشاركة حزب الله بأيّ حكومة مقبلة، فملائكته حاضرة داخل الحكومة من خلال فريقه السياسي".

عدم مشاركة الحزب في الحكومة حصراً يرفضه مدير "معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية" سامي نادر، إذ يعتبر أنّ "الحل يكون بحكومة برئاسة الحريري أو شخصية أخرى، فيما التركيبة الحكومية يجب ألا تضمّ أيّ مكوّن سياسي في البلد "لا حزب الله ولا غيره".

واعتبر نادر تصريح السبهان "خارج السياق الطبيعي للعلاقات بين الدول، وهو يعطي الحقّ بالرد والتصعيد بوجه الحكومة اللبنانية، فقد قالها بصراحة إنّه في حالة حرب ويمكن أن تصل لأيّ عقوبات بوجه لبنان، والتصريح فتح الباب لتصعيد عملاني، ففي السابق كنا في مرحلة التصعيد السياسي والكلامي فقط، ولكن حديثه يفتح الباب لخطوات تنفيذية كعقوبات اقتصادية وغيرها"، مؤكداً أنّ "موقع السبهان رسمي ولا يجوز الاستخفاف بما قاله وبما وصلنا اليه، فالامور ليست طبيعية، والتصريح قد تصدَّر الصحف السعودية اليوم". وبطريقة ساخرة، قال نادر: "في السابق كانت هناك مظلة ممزّقة تحمي لبنان، وشبكة أمان تعمل داخل الحكومة، أما اليوم فالمظلة قد رفعت".

الخبير في القانون الدولي والدستوري شفيق المصري، اعتبر أنّ "إعلان حالة الحرب يجب أن يكون قائماً على معطيات معلنة وليس وفق فريق معين، فإعلان حرب ضدّ دولة ما لا يجوز أن تسند سياسياً ضدّ فئة معينة ضمن هذه الدولة، بل يتم بصيغة تعلن من الدولة وليس عبر تصريح صحافي". وتابع: "إعلان الحرب ضمن الآليات والوسائل المعلنة تختلف عن حالة الحرب التي يمكن أن تتّخذ شكل المقاطعة والحصار، وهو ليس حالة دائمة بين الدول، ولا تتمظهر بإطارات عسكرية فعلية، فيمكن أن تقاطع أي دولة دولة أخرى من دون الحرب الفعلية".

تصريح "عالي السقف"

يستشهد المصري بكلام وزير الإعلام #ملحم_الرياشي خلال زيارته الأخيرة للسعودية عندما شدد على "التعاون الوثيق بين السعودية ولبنان"، معتبراً أنّ "كلام السبهان تعبير سياسي عالي السقف، في ظل التحريض المستمر على المملكة العربية السعودية"، ومشدداً على أنّ "التصريح يبقى حتى هذه اللحظة ضمن التصاريح العالية النبرة، ولم يصدر بعد بشكل رسمي".

أما أستاذ العلاقات الدولية والوزير السابق عدنان السيد حسين، فأكد في اتصاله مع "النهار" أنّ "الحكومة اللبنانية لم تهاجم السعودية، وهي تضمّ معظم الأفرقاء على الساحة اللبنانية، وتصريح السبهان يندرج ضمن التصاريح السياسية والضغط على هذه الحكومة".

وعن اعتبار "حزب الله" مسؤولاً عن إطلاق الصاروخ على السعودية، تساءل السيد حسين: "الصاروخ خرج من اليمن، فما علاقة حزب الله؟"، وتابع: "السعودية والحوثيون في حرب مستمرة منذ سنوات، والقصف جاء ضمن هذه الحرب، فما علاقة الحكومة اللبنانية به؟"، متمنياً أن "تحلّ الأمور بأسرع وقت ممكن ضمن الطرق الديبلوماسية والا تأخذ طابعاً آخر".

ما بين التهويل بمزيد من التصعيد في حق لبنان والحزب تحديداً، وما سمعه الحريري بأنّ "المملكة لم تعد تستطيع تغطية حكومة تأخذ مساراً ضدها"، وبين اعتبار "التصريح مجرّد تصريح"، ينتظر اللبنانيون الأيام المقبلة عودة مرتقبة للرئيس الحريري الى لبنان لمعرفة إلى أين يمكن أن تتّجه الأمور، وما هي طبيعة المرحلة المقبلة، وما حقيقة ما يُحكى عن حرب اقتصادية وسياسية وربما عسكرية بوجه لبنان، أو تصعيد كلامي يمكن أن ينتزع فتيله في ظل المساعي لحلّ الأزمة المستحدثة؟






حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم