لعبة "PUBG" هروب خطر من الواقع الى ساحة المعركة: "قاتل 41 ساعة متواصلة"
هي عملية اختطاف من نوع آخر. التجربة الأولى تكون بإرادتك لتتحوّل في ما بعد إلى شيء من الإدمان. تعلّمك فن القتل والاستمتاع فيه، "تثقفك" حول أنواع الأسلحة والرصاص وتجبرك على الهرب من عالٍم واقعيّ خطر إلى آخر افتراضيٍ أخطر.
15 دقيقة تقريباً تحوّلك من شابٍ يعيش حياة طبيعية إلى مقاتل في ساحة معركة يناضل ليكمل ويقتل ليصمد، والرابح هو من يصمد حتى النهاية.
PUBG (PlayerUnknown's Battlegrounds)، لعبة إلكترونية سرقت عقول الشباب وتركيزهم واستولت على حياتهم الشخصية وبعضاً من أموالهم. فما هي هذه اللعبة تحديداً؟ وما تأثيرها على الشباب اللبناني؟ وكيف يفسر علم النفس تداعياتها على المراهقين والمجتمع؟
ما هي الـ PUBG؟
صنّعت هذه اللعبة شركة كورية لمايكروسوفت ويندوز على برمجة خاصة (ستيم) في آذار 2017، ومنذ ذلك اليوم حتى الآن بيعت أكثر من 13 مليون نسخة منها، ووصل عدد اللاعبين بها في الوقت نفسه إلى مليوني لاعب لتصبح أكثر الألعاب رواجاً على ستيم.
PUBG هي لعبة أكشن يصل عدد اللاعبين فيها في الجولة الواحدة إلى 100، والهدف منها هو القتال أما الرابح فهو من يصمد حتى نهاية المعركة.
ويمكن للاعبين أن يختاروا اللعب منفردين أو في فريق صغير يصل عدد أفراده إلى 4 كحدٍ أقصى، وفي الحالتين الشخص الذي يبقى حياً حتى نهاية المعركة يكون هو الرابح.
تُلعَب PUBG عبر الانترنت، الأمر الذي يجمع "محاربين" من كل أنهاء العالم في الوقت نفسه، وتبدأ الجولة في سقوط اللاعبين من طائرة عبر مظلات ليحطّوا في ساحة المعركة.
وتظهر المعالم والأسلحة وحتى الأشخاص بشكل يلامس الواقع، مما يساعد في نقل اللاعب إلى عالمٍ آخر ليعيش في عزلة واقعية ومعركة افتراضية، هذا وتعطي اللعبة معلومات مفصلة عن الأسلحة المتوافرة وأنواع الرصاص التي يمكن استعمالها.
"41 ساعة متتالية وهو يلعب"
وأوضح ج.ع وهو شاب لبناني عشرينيّ ولاعب PUBG ناشط، في حديث لـ"النهار"، انه يمضي نحو 10 ساعات من يومه تقريباً، مقسمة على فترات، في اللعب. وقال: "ما أشعر به تحديداً هو ارتفاع نسبة الأدرينالين في جسمي، أتحمس لا شعورياً وكأني انتقلت فعلاً إلى ساحة المعركة وحياتي في خطر".
ولفت الشاب إلى أنه ينفق بمعدّل 20 ألف ليرة لبنانية يومياً ليلعب. وفي حين أكد أن اللعبة لم تؤثر في حياته الخاصة وعلاقته بمحيطه، كشف لنا أن صديقاً له أمضى 41 ساعة متتالية وهو يلعب ما أثر في علاقته بعائلته وأصدقائه. وأضاف "كان المشهد غريباً، صديقي جالس في المكان الذي نرتاده للعب وحوله أكياس طعام فارغة، مسمّر على كرسيه وتركيزه في مكان آخر كلياً". وشدد على أن هذه اللعبة لم تعلّمه شيئاً جديداً أو تفده بأي شيء، "PUBG لعبة مسلية، تساعد في تمضية الوقت والمرح".
علم النفس يحذّر!
في المقابل، أتت وجهة نظر علم النفس لتؤكد أن "لهذا النوع من الألعاب خطورة كبيرة لأنها تجعل الإنسان يهرب من واقعه ليعيش في عالم آخر بعيداً من الحقيقة. فلا يدرك دائماً الفرق بين العالم الحقيق والعالم الافتراضي الذي تعرضه اللعبة"، وفق ما شرحت الاختصاصية في علم النفس العيادي ميريام أبو عون في حديث لـ"النهار".
وأكدت أبو عون أن لهذه اللعبة خطورة كبيرة على المراهق لأنها توهمه بأن أساليب العنف هي الطريقة الوحيدة للدفاع عن النفس، مضيفةً "وكأن العنف هو الوسيلة للوصول الى الهدف المنشود وإلغاء الآخر أمر طبيعي". وأوضحت أن PUBG وما يشابهها "تجعل الفرد يلجأ إلى العنف لحل نزاعاته، كأن الاذية أصبحت أمراً عادياً، وتصبح بذلك ردات فعله عصبية كما يصبح منعزلاً اجتماعيًا ويتفاعل مع آلة ويعيش في عالم خيالي".
وشددت على أن هذه الألعاب تؤثر في مستوى الطلاب المدرسي كما يمكن أن تؤدي إلى الادمان، وحذّرت من أن "استعمال السلاح في هذه اللعبة يشجع الفرد على استعماله في الحياة الطبيعية".
وبعيداً من علم النفس وممارسة اللعبة، يعتبر أصحاب محال ومراكز الألعاب الإلكترونية هم المستفيد الأول من الضجة التي خلقتها هذه اللعبة، واللافت أن هؤلاء لم يترددوا في شراء الحواسيب الخاصة بهذه اللعبة وتوسيع أعمالهم لأن مردودها المادي كبير جداً ولا يستهان به.
PUBG، 4 أحرف تلخص واقعاً يتأرجح بين الإدمان والهرب من جهة والتسلية والمرح من جهة أخرى. ومهما كثرت النظريات وأساليب الشرح، يبقى الواقع واحداً وهو أن جيل الشباب مهددٌ على أصعدة عدّة إن كان من جهة ثقافة السلاح أو الأفكار التي تُزرع في داخله حول اللجوء إلى المعارك والحروب لتحقيق نشوة الانتصار انطلاقاً من غريزة البقاء.
ولا يبقى إلا أن نسأل هل يكون مصير هذه اللعبة كسابقاتها من Counter Strike إلى Call of Duty وغيرها؟ أم إنها ستتحول إلى آفة اجتماعية خطرة؟