السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

توسع سوق الأحد:"بطلت توّفي معنا" !\r\n

المصدر: "النهار"
رين بوموسى
رين بوموسى
A+ A-

"قرّب.. عروضات أي شي بـ500.. قرّب" ينادي أحدهم عند مدخل "سوق الأحد" في قلب سن الفيل، لجذب المارة على طريقته. لهجته السورية لا تختلف كثيراً عن اللهجات الموجودة في قلب "سوق الأحد"، فأغلب التجار والزبائن من التابعية السورية، تخرقها بعض الجنسيات الأخرى منها اللبنانية، والفليبينية، والأثيوبية، والسري لنكية،.. الموجودة أصلاً في لبنان والتي تعتبر من الطبقة الفقيرة التي تعتمد على هذه السوق والأسواق الشعبية الأخرى.


"سوق الأحد" يعتبر من الأسواق التي يعتمد عليها الفقير، اذ يشتري كل حاجياته من ملابس وقطنيات الى مستلزمات المنزل والخضر والفاكهة، وما "هبّ ودبّ" من الحاجيات. هذه السوق الشعبية المعروفة منذ سنوات، أصبحت مركزاً حيوياً، بعد الأزمة السورية وتدفق العديد من اللاجئين السوريين الذين يعانون بأغلبهم من فقر مدقع.


ينادي الباعة الزبائن "قرّب.." واللافتات تجذب الزبائن الذين يبحثون عن نوعية جيدة بأرخص الأسعار، حتى ان البضاعة السورية واللهجة يشعران المارة انهم في سوق شعبي في قلب دمشق.


الفتى البائع


علي، يحمل "صينية" من الشعيبيات يدور على المارة يعرض عليهم الحلوى العربية. فتى لا يتجاوز عمره الثماني سنوات، يبيع "القطعة" بألف، "بيي بيعمل الشعيبيات، وأنا بيعها بألف". علي يخبرنا والابتسامة مرسومة على وجهه البريء، يضحك ويقول "سأبيعها كلها"، ويمضي ليكمل بيع الحلويات التي يصنعها والد ذلك الصبي السوري الذي جاء الى لبنان هرباً من عاصفة الدم التي تفتك ببلده وقريته الواقعة في حلب، بستان القصر.
أما محمود (سوري) الذي يبيع العطورات، يروي لـ"النهار" قصة سنتين أمضاهما في عمله كتاجر عطورات في "سوق الأحد" ، "السوق توسعت كثيراً، فكانت المساحة تقتصر على السوق الأساسية الموجودة حيث الخيم البيضاء، أما اليوم فتمتد البسطات تحت جسر الرئيس اميل لحود كاملاً". ويضيف أن بعد اندلاع الأزمة السورية ازداد عدد السوريين الذين اتخذوا مساحة صغيرة من المساحة الكبيرة تحت ذلك الجسر، بهدف "الرزقة" ". ويشرح أن الأزمة السورية انعكست ايجاباً على العمل، فقد ازداد عدد الزبائن السوريين الذين يتوافدون من جميع المناطق، فهم وبسبب الوضع المعيشي الصعب خصوصاً أنهم هربوا من حرب دامية أخذت منهم الكثير، يعتمدون على هذه السوق الشعبية التي تقدم لهم ما يحتاجون بأسعار زهيدة. كما انه أشار الى أن التجار السوريين يأتون من مختلف المناطق اللبنانية ليبيعوا بضاعتهم، فهناك من يأتي من صيدا، وآخرون من عاليه، وبيروت، والضاحية الجنوبية لبيروت.


سوري آخر يعمل على ترتيب بضاعته لعرضها بشكل أفضل، يبيع القطنيات والملابس الداخلية. ذلك المشهد يذكر المارة بالأسواق الشعبية السورية، فتلك القطنيات يشتريها ذلك البائع السوري من سوريا ويقول انه يجلبها عبر طريق الشام المعتمدة. يعرض الملابس الداخلية والقطنيات على بسطته: "فانيلات.. قطنيات" ينادي المارة الذين يتلفتون يميناً ويساراً لعلّهم يجدون ما يبحثون عنه.


"اديش بدو يحمل هالسوق"...


اللافت في "سوق الأحد" الشعبية انها باتت مقسومة بين السوق القديمة والسوق الجديدة. فالسوق القديمة القائمة منذ التسعينات، لا تزال حتى اليوم تنبض بزحمة الزبائن، فتلك السوق التي تبدأ من المدخل حيث اللافتة "السوق الشعبي الكبير يرحب بكم"، تحيط بها الشوادر البيضاء التي تفصل بين السوق القديمة والسوق الجديدة. يستطيع المارة في تلك المنطقة ان يلاحظوا امتداد السوق على طول ذلك الجسر وصولاً حتى جسر "الفيات" المعروف بالجسر "الواطي".


امتداد السوق اثر سلباً على التجار الموجودين في السوق القديمة، يقول أحد التجار الذي رفض الكشف عن اسمه "تأثرنا بامتداد السوق، وازدياد البائعين ... بطلت توفي معنا، فاضافة الى أننا نشتري البضاعة، ندفع أسبوعياً للجنة السوق.. أما القادمون الجدد فبعضهم لا يشترون بضاعتهم، ويجمعون ما يجدونه صالحاً في النفايات".


موسى سلامة يقف الى جانب بسطته في قلب السوق القديمة يبيع المناشف والقطنيات. الابتسامة لا تفارق وجهه الأبيض. يقول اللبناني ان الأزمة السورية دفعت كثيرين في سبيل مواجهة فقرهم الى عرض بضاعتهم على البسطات التي تؤمن لهم ربحاً بسيطاً، الا أنه استدرك قائلاً "اديش بدو يحمل هالسوق تجار.. في الأساس نحن نعمل هنا منذ التسعينات، ونعرف جيداً أن الربح هنا مثل رشة الملح.. الطبخة أد ما كانت كبيرة بدها رشة ملح.. وهنا في هذه السوق، في رشة ربح". ويشرح أنه يدفع للجنة السوق نحو 60 ألفاً بدل ايجار البسطة الى الكهرباء"، مضيفاً أن "ايجار البسطات الجديد أغلى من المبلغ الذي أدفعه". ويشير الى انه "من الطبيعي ان يزداد عدد الزبائن الا ان كثرة الباعة لن يؤثر ايجاباً على نسبة البيع، بل على العكس".


اللافت في الموضوع والذي اشتكى منه بعض التجار ان اللجنة تأخذ ايجار البسطات خارج نطاق الأرض المستثمرة للسوق، اضافة الى ذلك لا وجود لأي عناصر أمنية، ويخبر أحدهم أن بعض العناصر يأتون في فترة بعد الظهر لتحرير مخالفات بحق المارة الذين يدخلون عكس السير هرباً من الزحمة.


"سوق الأحد" باتت ملاذاً حيوياً للفقراء اللاجئين الى لبنان هرباً من الموت.. "رشة ربح" في بلد شقيق تعوّض لهم ما سلبته منهم الحرب، ولكن من يعوّض للبنانيين الذين ضاقت بهم الحال؟


[email protected]


Twitter: @ReineBMoussa

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم