الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

كاتالونيا تستقلّ... "شبح حرب أهليّة في وسط أوروبا"

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
كاتالونيا تستقلّ... "شبح حرب أهليّة في وسط أوروبا"
كاتالونيا تستقلّ... "شبح حرب أهليّة في وسط أوروبا"
A+ A-

وكان رئيس الوزراء الكاتالوني كارل #بيغديمونت قد رفض الخوض في مسار إعلان الاستقلال أو الدعوة إلى إجراء انتخابات نيابيّة مبكرة، محيلاً هذا الملفّ الساخن إلى البرلمان المحلّي الذي سرعان ما اتّخذ قرار نقل صلاحيّات الحكومة المركزيّة إلى السلطات المحلّيّة. ودعا بيغديمونت المناصرين إلى التصرّف بطريقة سلميّة مع توقّعات بأن تتّخذ إسبانيا إجراءات قاسية بحقّ مواطني الإقليم. ودعت إحدى المجموعات الكاتالونيّة الانفصاليّة الموظّفين المدنيّين إلى الامتناع عن تلقّي الأوامر من السلطات الإسبانيّة، مشدّدة أيضاً على ضرورة مواجهة التحرّكات الحكوميّة بطرق سلميّة. وستتحرّك النيابة العامّة في إسبانيا لتوجّه اتّهامات إلى زعماء الانفصال بالتحضير لأعمال ثوريّة وقد تصل عقوبات تلك الاتّهامات إلى سجن لمدّة 25 سنة. 


للتفاوض "على قدم المساواة" مع إسبانيا

لن تألو الحكومة الإسبانيّة جهداً من أجل إبطال القرار، بعدما عارضت بشدّة استفتاء الإقليم الذي نظمه في الأوّل من الشهر الحاليّ والذي صوّت فيه أكثر من 90% من المشاركين لصالح الاستقلال. وفي أوّل تعليق على تلك الخطوة، أعلن رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي في تغريدة له على حسابه عبر "تويتر"، أنّ "حكم القانون" سيعاد إلى كاتالونيا داعياً المواطنين إلى الهدوء. وكان النوّاب الكاتالان قد دعوا الحكومة المحلّيّة إلى الاستعداد من أجل التفاوض "على قدم المساواة" مع إسبانيا من أجل التعاون الثنائيّ في المستقبل. لكنّ مجلس الشيوخ الإسباني تحرّك بعد ساعة واحدة على قرار كاتالونيا فلجأ إلى المادّة 155 من الدستور التي تسمح له فرض الحكم المباشر على الإقليم عبر تجريد حكومته المحلّيّة من صلاحيّاتها. وصوّت 214 عضواً لصالح تلك الإجراءات مقابل 47 ضدّها. ويُرتقب أن ترفض المحكمة الدستوريّة هذا الإجراء، فيما يتوقّع المراقبون ألّا تحوز الجمهوريّة الحديثة على حماسة دوليّة للاعتراف بها.

دعم أميركيّ

رئيس المجلس الأوروبّي دونالد توسك عقّب على الأحداث مؤكّداً أنّ إسبانيا ستبقى الطرف الوحيد الذي يتحاور معه الاتّحاد الأوروبّي. ومع ذلك، تمنّى أن ينتهج المسؤولون الإسبان قوّة الحقّ لا حقّ القوّة في التعاطي مع الإقليم. أمّا حلف شمال الأطلسي #ناتو، فقد أصدر بياناً رأى فيه أنّ الأحداث الجارية في إسبانيا "شأن داخليّ" ويقع عاتق حلّه على مدريد. أمّا الولايات المتّحدة الأميركيّة فقد أصدرت بياناً عبر وزارة الخارجيّة تعتبر فيه كاتالونيا "جزءاً لا يتجزّأ من إسبانيا". واضاف البيان أنّ "الولايات المتّحدة تدعم الإجراءات الدستوريّة للحكومة الإسبانيّة من أجل إبقاء #إسبانيا قويّة ومتّحدة". ولهذا السبب، قد يغدو قرار كاتالونيا مغامرة شائكة مع انحياز الدول الكبرى لصالح الدولة الإسبانيّة. وأعلنت #ألمانيا أنّها لا تعترف بالاستقلال الذي أعلنه البرلمان.


هواجس اقتصاديّة

في الأساس، تتمتّع كاتالونيا بسلطات دستوريّة تسمح لها بإدارة شؤونها الخاصّة. لكنّ سكّان المقاطعة يتطلّعون إلى ما هو أكثر من مجرّد حكم ذاتيّ في بعض المسائل الثانويّة مثل التعليم. فحكومة الإقليم في #برشلونة تتمتّع بسلطات بارزة على صعيد إدارة شرطتها الخاصّة وتحمّل عدد من المسؤوليات في القطاعين الصحّي والتعليميّ. لكنّ الضرائب والسياسة الخارجية والمرافئ وإدارة النقل العام تبقى في يد حكومة العاصمة الإسبانيّة. وقد تعود مطالبات الإقليم بالاستقلال لأنّه قوّة اقتصاديّة كبيرة تشكّل حوالي خمس الناتج المحلّي لإسبانيا في حين أنّه يتلقّى فقط 14% من العائدات الضريبيّة التي يدفعها لمدريد.


"الوضع مقلق كثيراً ... كثيراً"

ما زالت قضيّة الانفصال تقابل بالريبة في عيون الغربيّين. الباحث ستيفن كينزر من "معهد واتسون للشؤون الدوليّة والعامّة" ينقل في صحيفة "بوسطن غلوب" الأميركيّة عن أحد المسؤولين الأوروبّيين قوله: "الوضع مقلق، كثيراً كثيراً. يتمّ التخطيط لحرب أهليّة في وسط أوروبّا". وبغضّ النظر عن كلام المسؤول الأوروبّي نفسه، لا يبدي الباحث نفسه اندفاعاً لدعم مطالب الكاتالان لأنّ رغبات الانفصال تحوّلت إلى أحداث فوضى بدلاً من أن تصبح قضيّة تحرّر بحسب رأيه. ويقارن وضع كاتالونيا بالوضع الكردي في العراق حيث يشير إلى أنّ التطوّرات هناك قد تنتهي بنزاع شرق أوسطيّ آخر، علماً أنّ القضيّة الكتالونيّة "أقلّ إقناعاً" من المسألة الكرديّة كما كتب.


مشكلة للاتحاد الأوروبّي أيضاً

سايمون جينكنز من صحيفة "الغارديان" البريطانيّة رأى أنّ كاتالونيا ليست الإقليم الأوروبّي الوحيد الذي يسعى إلى الاستقلال أو على الأقل إلى مزيد من الصلاحيات المحلية. وانطلاقاً من هنا، إنّ ما حصل في الإقليم، ليس مشكلة لإسبانيا فقط بل لأوروبّا أيضاً بحسب رأيه. فهنالك موجة متصاعدة تشعر بالنفور من النخب الحاكمة في #بروكسيل، ولهذا لا تستطيع السلطات الإسبانيّة أن تقرأ القوانين التي تشدّد على "وحدة الأراضي" ثمّ تذهب لفرض رؤيتها بالقوّة بناء على ما تتمتّع به من صلاحيّات دستوريّة. وأضاف أنّه سيكون "من الغباء" أن تعتبر أوروبّا ما يحصل كأمر لا يعنيها، خصوصاً أنّ ديبلوماسيّتها الفاشلة هي المسؤولة عن خسارة بريطانيا وخروجها من الاتّحاد.

مهما تكن التوجّهات الأوروبّيّة المقبلة، فإنّ الأحداث التي تنتظر الاتّحاد لن تكون موضعيّة التأثير. فلو نجحت كاتالونيا بترسيخ استقلالها، ستنتظر حركات انفصاليّة أخرى اللحظة المناسبة لانتهاز فرصتها. وقد لا تكون تلك اللحظة بعيدة جدّاً على أيّ حال.





اقرأ أيضاً: برلمان كاتالونيا يعلن الاستقلال عن اسبانيا... فرنسا تدعم وألمانيا "لن تعترف"

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم