الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

عكار الأكثر فقراً في لبنان هل تنقذ الدولة أهاليها من المعاناة؟

المصدر: "النهار"
عكار - ميشال حلاق
عكار الأكثر فقراً في لبنان هل تنقذ الدولة أهاليها من المعاناة؟
عكار الأكثر فقراً في لبنان هل تنقذ الدولة أهاليها من المعاناة؟
A+ A-

عكار والحرمان توأمان. منذ الاستقلال وحتى اليوم، والفقر تتسع دائرته وتتوسع، حتى إن هذه المنطقة المنسية منذ عهود تربعت على أعلى معدلات الفقر في لبنان وفق كل الدراسات، الأممية منها والوطنية. 

أينما توجهت في هذه المنطقة وشبح الفقر جاثم في كل موقع، من شاطىء البحر
حيث صيادو الأسماك يعيشون خبزهم كفاف يومهم، الى السهل الفسيح ومحيطه وحتى مختلف المناطق حيث المزارعون تائهون غارقون في الديون من موسم الى آخر والقطاع برمته الى تراجع شأنه شأن المشتغلين فيه. والأمر نفسه في مختلف القطاعات الصناعية، الصغيرة والحرفية، حيث ان العاملين فيه أوضاعهم صعبة للغاية وبالكاد هم قادرون على الاستمرار نظراً إلى أن الصناعة السياحية حديثة التكون، فدونها والنجاح عقبات كثيرة من الواجب على المعنيين تذليلها. 

وإذ تشكل الزراعة العمود الأساس لمعيشة الأهالي الى جانب الوظيفة العامة
وبخاصة الاسلاك العسكرية والتعليم... إلا أن هذه المنطقة تصنف منطقة فتية بامتياز، ذلك أن معدلات الشباب فيها في تنامي مطرد بحكم ارتفاع معدلات الولادة فيها (متوسط عدد افراد العائلة في عدد من البلدات العكارية بين 5 و 9 أفراد في العائلة الواحدة). إلا أن تناقص فرص العمل وتراجع إنتاجية القطاع الزراعي شكّلا عاملاً أساسياً لهجرة الشباب من الريف إلى المدينة، ومن لبنان الى الخارج، حيث الأحلام بأن تتاح لهم سبل العيش الكريم، فيدفعون في هذا السبيل أثماناً باهظة من حياتهم تعباً ومغامرة الى المجهول، وغرق العائلات في المحيطات أبلغ دليل. 

مشاريع مستقبلية

ويعول العكاريون اليوم على وعود الحكومة لجهة إقرار سلّة من المشاريع
التي ستساهم في حال تحقيقها بوضع نقطة عند بداية خط النمو المأمول، والذي من شأنه حل جزء من حاجات الشباب لسوق العمل. ومن أبرز هذه المشاريع: إطلاق العمل في مطار القليعات، والسكة الحديد، وتطوير مرفأ العبدة لصيد السمك، وتطوير شبكة المواصلات بما يفتح الباب واسعاً أمام مشاريع اقتصادية زراعية وصناعية وسياحية وصحية يعول عليها لدفع هذه المنطقة نحو النمو ويعيد الأمل لأبنائها بإمكان بقائهم في مناطقهم ليساهموا في هذه العملية الموعودة وبما يفسح المجال لأن تتراجع معدلات الفقر الطاغية الآن. 

فعكار تحتل الجزء الشمالي الشرقي من هذا الوطن بمنطقة حدودية مع سوريا
بطول نحو المئة كيلومتر تقريبا، من العريضة وحتى نقطة النبي بري، وتبلغ مساحة عكار الاجمالية 80 الف هكتار تقريباً، اي ما يقارب ثمن 1/8 مساحة لبنان، وعدد سكانها نحو 450 الفاً ويسكنها ما يزيد على 170 الف نازح سوري منذ بدء الازمة السورية وشكلوا عاملاً اضافياً في تنامي معدلات الفقر. 

رئيس اتحاد بلديات جرد القيطع - عكار عبدالإله زكريا اعتبر أن مؤشر الفقر
في عكار وتدنيه الملحوظ سنة إثر سنة ينذر بكارثة حقيقية إن لم يتم تداركه ووضع خطط سريعة قريبة وبعيدة المدى من الجهات الرسمية المعنية. 

وقال: "ما زاد الطين بلة تدفق النازحين السوريين خلال السنوات الأخيرة
ومنافستهم للعمالة اللبنانية، علاوة على غياب المؤسسات والدوائر الرسمية 

والمصانع والمؤسسات والمرافق التي من شأنها توفير فرص للعمل للشباب".

أضاف زكريا: "إن غياب عكار عن خريطة لبنان منذ عهد الاستقلال ونسيانها يعدان
من أهم الأسباب الرئيسيّة لتدني مستوى دخل الفرد في عكار، فمثلاً منطقة جرد القيطع، وهي الأكثر فقراً وفق دراسات الامم المتحدة والتي تعتمد اعتماداً كليا على الزراعة مع وجود مقومات سياحية فريدة ومعالم طبيعية نادرة ومواقع أثرية وتاريخية وثروة مائية ضخمة ووجود موارد بشرية لافتة، إلا أن غياب الوزارات المعنية جعلها منطقة منسية. وزاد الفقر في شكل مخيف تزامناً مع زيادة هائلة بعدد السكان حيث سجل بإحدى بلدات الجرد الكبرى سبعة أفراد متوسط عدد أفراد الاسرة وفق دراسة أعدتها منظمة اليونيسيف منذ بضع سنوات". 

واعتبر زكريا أن الحل يكمن بوضع خطة لتثبيت أبناء القرى بقراهم وتوفير
التعليم، وبخاصة إيلاء التعليم المهني اهتماماً بالغاً، والطبابة والقطاع الاستشفائي، واستكمال الدوائر الخاصة بالمحافظة واستحداث الأقضية وتشجيع السياحة البيئية واستثمار الطاقات البشرية الموجودة، علاوة على اتخاذ المراسيم الخاصة بالجامعة اللبنانية وافتتاح مطار القليعات والاهتمام بمرفأ العبدة والتصنيع الغذائي... وأول الحلول دمج الشباب بمؤسسات الدولة. 

تفاقم الفقر بعد الأزمة السورية

رئيس اتحاد بلديات منطقة وادي خالد الحدودية الدكتور فادي الاسعد لفت الى
أن "الامور تفاقمت بعد اندلاع الازمة السورية عام 2011، وبعد أن أقفلت جميع الحدود البرية بالسواتر الترابية والألغام من الجانب السوري. ولئن أغلب اهالي وادي خالد، والذي يقدر عددهم بنحو 41 الف نسمة ونزوح ما يقارب 32 الف سوري الى هذه المنطقة واستضافتهم من المجتمعات المحلية التي كان ابناؤها يعيشون على التبادل التجاري مع الداخل السوري وفي ظل الاحداث السورية، توقف المصدر الرئيس لاقتصاد هذه المنطقة". 

تابع الاسعد: "اضافة الى كل هذا، فإن ابناء وادي خالد الموظفين في
قطاعات الدولة أعدادهم جد قليلة؛ فعدد الموظفين لا يتجاوز الـ 500 شخص فقط، وهذا الامر أعاق كثيرا في ظل تراجع الواقع الزراعي والتجاري ودفع بالحركة الاقتصادية الى الوراء وسادت البطالة". 

أضاف:" القطاع الزراعي كان يشكل 75 في المئة من مردود أبناء عائلات وادي
خالد، إلا أن تراجع هذا القطاع أتى بسبب كساد المواسم وبسبب تلوث مياه النهر الذي يروي سهل البقيعة بفعل الازدحام السكاني الكثيف في المنطقة وعدم وجود شبكات صرف صحي تتوافر فيها مواصفات حماية البيئة والسلامة العام". 

وتبعاً لذلك، اشار الاسعد الى أن أكثر من 75% من اهالي وادي خالد
يعيشون دون خط الفقر، ومن هنا يأتي التخوف من تفاقم الأزمات والنزاعات وبخاصة بين أبناء الوادي والنازحين السوريين الذين باتوا ينافسون العامل اللبناني على سوق العمل. واشار الاسعد الى أن "أول الحلول يكمن في افساح المجال امام ابناء وادي خالد، لا سيما الشباب منهم، للدخول الى الوظائف العامة في مختلف مؤسسات الدولة، وباستحداث محطة تكرير للمياه المبتذلة التي من شأنها حل مشكلة تلوث مياه النهر الذي يروي الاراضي الزراعية في سهل البقيعة بما يفسح في المجال لبث الحياة في القطاع الزراعي شبه المنهار حالياً، والعمل جدياً على حل قضية النازحين السوريين بإرجاعهم الى وطنهم بما يحد من حال التنافس على سوق العمل الحاصلة اليوم، وتأمين مشاريع انتاجية تؤمن فرص عمل للشباب ليس فقط في وادي خالد وإنما في مختلف المناطق العكارية". 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم