الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

الفقر يضرب منطقة بعلبك – الهرمل والبطالة تسجّل مستويات قياسية

المصدر: "النهار"
بعلبك – وسام اسماعيل
الفقر يضرب منطقة بعلبك – الهرمل والبطالة تسجّل مستويات قياسية
الفقر يضرب منطقة بعلبك – الهرمل والبطالة تسجّل مستويات قياسية
A+ A-

فإن أردت أن تتفقد حال أسرة فقيرة لم تعد بحاجة للبحث كثيراً هنا او هناك بعدما ضرب #الفقر خلال السنوات العشر الاخيرة العدد الأكبر من الأسر البقاعية خصوصاً عند القرى الحدودية منها، بحيث لم تعد قادرة على توفير الحدّ الأدنى من المعيشة جراء عدم توافر مصدر دخل للأفراد، أو عدم كفاية هذا الدخل لتغطية نفقاتهم المعيشيّة في ظل نقص الخدمات وعدم وجود فُرص وظيفيّة مع غياب خطّة اقتصادية شاملة تضعها الدولة. 

غياب السياسة الصحية كان له أثر واضح حيث يتعرض الكثير من ارباب الاسر الى حالات وفيات مع الظروف الصحية السيئة، وغياب المعيل لدى الكثير من الاسر. ويزيد من حجم المشكلة، تقاعس الدولة في ايجاد سياسة صحية، ومحاربة الأسباب خصوصاً التلوث، وعملية احراق النفايات المنتشرة في كل بلدة وقرية، ما يساهم بتلوث المياه الجوفية، كذلك عملية الري للمزروعات التي استبدلت من مياه الري الصالحة الى مياه آسنة ترفع من الحالات المرضية .

الأزمة السورية تضطلع أيضاً بدور في تدني مستوى الفقر في القرى البقاعية حيث كان اعتماد معظم القرى على التبادل الاقتصادي بين البلدين ونشاط التهريب الذي بات معدماً حيث عامل تداخل القرى بعضها ببعض مع الأراضي السورية ساعد في اعتمادها على السلع الغذائية وغيرها كمصدر أساسي من الأراضي السورية، إن كانت للاستهلاك او للتجارة نسبةً لفرق الأسعار الشاسع بين السلع اللبنانية والسورية، وهو كان حيزاً لبقاء الأسر ذات الدخل المتوسط ليسر حالها، الا ان اقفال المعابر النظامية وغير النظامية منها أدخل البقاعي امام حال جديدة لم تكن بالحسبان ما اوقعه بين مطرقة الغلاء وسندان الأمر الواقع، ناهيك بمنافسة العامل السوري للبناني، إضافة إلى أن الجهات المانحة تراعي أوضاع السوريين في برامجها بسبب اللجوء.

اقرأ أيضاً: بالصور: 8 أسرار تعوقك من أن تصبح غنياً

ولا نستطيع أن نغض النظر عن الظروف الامنية التي عصفت بالمنطقة والتفلت الامني داخل المدن الذي ألقى بثقله على المواطن وأدى إلى انهيارات اقتصادية طالت اصحاب المؤسسات والمحال في المدن وغيرها وعطّل معظمها، وقد يعود المواطن، وهو لا يحمل رغيف خبز لأطفاله ( فلم يستفتح)، كذلك ضرب بعرض الحائط القطاع السياحي الذي بات شبه معدم فالسائح بات يحسب الف حساب لزيارة المناطق البقاعية الغنية بالمعالم السياحية وهي مصدر دخل لـ 40 في المئة من الأهالي.

أما زراعياً، فالمصيبة أكبر. إذ مع توقف التصدير حيث إن البقاع الشمالي يعتمد في شكل كبير على الزراعة ويكثر فيه المزارعون لخصوبة سهله، فالمزراع وقع ضحية ومن منا لم يشاهد المحاصيل الزراعية ترمى على الطرق من دون استجابة الدولة لمطالبهم والوقوف الى جنبهم بعدما رزحوا تحت عبء الديون إن كان من خلال المساهمة بالتعويضات أو بتصريفها من خلال تصديرها.

ونأتي الى واقع #البطالة الذي يفرض نفسه بقوة جراء عدم قدرة السّوق المحلية على استيعاب الأعداد الكبيرة لحملة الشّهادات والخرّيجين من المنطقة، وبات وجود تخصّصاتٍ علميّة وأكاديمية لا تتوافر فرص عملها في السّوق، مّا يؤدي إلى البطالة المُرتبطة في معظم الأحيان بالفقر.

رئيس جمعية الدراسات والتدريب، الدكتور رامي اللقيس، أكد أن الاحصاءات التي أجرتها منظمة الأمم المتحدة بينت أن منطقة بعلبك - الهرمل فيها 30 في المئة من الاسر الفقيرة، فمن بين 270 الف نسمة هناك 110 آلاف حالة ترزح تحت عبء الفقر، وتكمن خطورة الامر ان هذا العدد آخذ في الازدياد لعدم وجود آلية ووسائل للحد من حالات الفقر.

ولفت الى ان مستوى البطالة ناهز 27 في المئة وفق الإحصاءات، أضاف: " لقد وضعنا امام اخطار اجتماعية تؤدي الى التطرف وتعاطي الممنوعات، فمستوى الخدمات التي تقدم للمواطن رديئة جداً. العائلة اللبنانية في بعلبك - الهرمل تدفع فواتير مضاعفة ولا تستطيع التكيف مع الوضع الاقتصادي، فمعدل العائلة في البقاع يتخطى 5 أفراد، ومن الملاحظ ان العائلة الفقيرة يكون عدد افرادها أكثر من العائلات الغني ".

وكشف اللقيس ان ثمة 35 في المئة من الخريجين الجامعيين في بعلبك - الهرمل عاطلون عن العمل لعدم وجود فرص عمل أمامهم، وهنا الحاجة الى إعادة الاعتبار والتخطيط العاجل لكل مرافق التنمية، إذ إن المخططات الحالية لا تشكل 5 في المئة مما يُنفّذ من صرف للمال العام عشوائياً ومن دون تحقيق المصلحة العامة. وعلى سبيل المثال، هناك أموال كبيرة تصرف في المنشآت نفسها وهنا يكون الإهدار عوض صرف هذا المال في الاستثمار لإيجاد فرص عمل.

ورأى اللقيس ان المعاناة لا تقتصر على فرص العمل بل تنسحب على الخدمات الانمائية التي لها دور أساسي بزيادة الأعباء على المواطن، فثمة 60 في المئة من منازل بعلبك - الهرمل غير موصولة بشبكات المياه وشبكات الصرف الصحي، على رغم الإنفاق العام في هذا المجال، والذي تقوم به البلديات والوزارات المعنية، وهذا إن دل على شيء فعلى عدم وجود خطط واضحة عن آلية العمل وكيفيته.

وعن الحلول؟ اعتبر ان االمطلوب ان تكون هناك دراسات مشتركة بين كل جهاز تشريعي مع البلديات وشخصيات المنطقة الاجتماعية والمدنية للنظر بالاولويات الاستراتيجية واشراك الجمعيات الفاعلة في هذا المجال، ولتتضافر الجهود لخدمة الناس بحاجاتها الاساسية ورفع الاعباء عنها. ومن أهم تلك الملفات في منطقتنا الأمن، الكهرباء، المياه والصرف الصحي. ومن ضمن اولويات المنطقة تأهيل المؤسسات التعليمية والتدريبية للتمكن من تدريب اجيال وشباب لهم الكفاءة العصرية لتفعيل كل القطاعات الإنتاجية، واعطاء دور للمجتمع المدني هو حاجة اساسية للتنمية.

حلول كثيرة وعديدة لمكافحة الفقر كإصلاح سياسات الدولة الاقتصاديّة، والنّهوض بشتّى المجالات، إضافة الى استحداث تخصّصات في الجامعات والمعاهد المختلفة، بما يتناسب مع سوق العمل لدفع الأفراد إلى تحسين مستواهم المعيشي والاجتماعي. فالمعاناة لا تعد ولا تحصى في منطقة بعلبك - الهرمل ولا حلول في الأفق، وهي تحتاج إلى معجزة إنقاذيَّة تقودها دولة مسؤولة بعيداً من الحسابات الشخصية والضيقة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم