الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

عقود من الصراع على النفوذ بين الحزبين الرئيسيين في كردستان العراق

عقود من الصراع على النفوذ بين الحزبين الرئيسيين في كردستان العراق
عقود من الصراع على النفوذ بين الحزبين الرئيسيين في كردستان العراق
A+ A-


طوال عقود، راوحت العلاقة بين الحزبين الكرديين الرئيسيين، الحزب الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني في اقليم كردستان العراق، بين التحالف والعداوة تبعاً للظروف التي تمر بها بغداد ودول الجوار. 

خرج حزب الاتحاد الوطني من رحم الحزب الديموقراطي في العراق عندما قاد الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني تياراً ضمن الأخير ثم أعلن عن تشكيل حزب الاتحاد عام 1975.

وجاء في تقرير لهيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" أن تشكيل الاتحاد الوطني أعقب اتفاق الجزائر بين العراق وإيران، والذي توسط فيه وزير الخارجية الاميركي في حينه هنري كيسينجر وهو الإتفاق الذي أنهى "الانتفاضة الكردية" في شمال البلاد.

وساعد وجود عدد كبير من النخب اليسارية والعلمانية في قيادة الإتحاد في توسيع قاعدته الجماهيرية في أوساط المتعلمين وأبناء المدن، بينما حافظ الديموقراطي على قاعدته الواسعة في أوساط الطبقات المحافظة والريفيين والمتدينين.

ونشبت أولى المواجهات المسلحة بين الحزبين عام 1978 وأدت الى سقوط قتلى في صفوفهما بسبب الصراع على مناطق النفوذ في الاقليم وقتل خلالها أحد قادة الاتحاد عندما قاد الديموقراطي هجوماً مسلحاً على 800 من عناصر الاتحاد لدى توجههم إلى كردستان تركيا لتسلم شحنة أسلحة فقتل 700 منهم.

وخلال الأعوام الأولى من الحرب العراقية - الإيرانية، استمر الصراع بين الحزبين نتيجة ارتباطهما بأطراف اقليميين متصارعين وتحول كردستان الى ساحة للحرب بعدما دخلت القوات الايرانية منطقة نفوذ طالباني في منطقة بنجوين على رغم معارضة الزعيم الكردي. وكان مقاتلو الحزبين ينصبون المكامن بعضهم للبعض من غير خوض مواجهات مباشرة خلال هذه المرحلة.

وبحلول أواسط ثمانينات القرن الماضي وسيطرة الجمود على جبهات القتال في الحرب العراقية - الايرانية عادت المواجهات بين الطرفين.

ووقع الاتحاد الوطني اتفاقاً مع الحكومة العراقية عام 1984 تم بموجبه تسليح 40 ألف من مقاتلي الحزب ليعملوا حراس حدود. ورفض عدد كبير من أعضاء الحزب الاتفاق وانضموا إلى غريمه الديموقراطي الكردستاني.


"حملة الانفال"

في نهاية الحرب العراقية - الإيرانية 1988 وعلى رغم "حملة الأنفال" التي أدت إلى قتل ما بين 100 الف و150 الف شخص، استناداً الى بعض التقديرات، وإلى تدمير آلاف القرى وتهجير مليون ونصف مليون شخص، استمر الحزبان في التعاون وجمعا ما تبقى من قوات البشمركة وانطلق العمل العسكري مجدداً في كردستان.

وبعد هزيمة العراق في الكويت، قامت انتفاضة آذار 1991 في جنوب العراق وشماله ضد حكم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. وخلال أيام قليلة خرج معظم مدن كردستان عن سيطرة الحكومة العراقية بما في ذلك مدينة كركوك.

واستعادت القوات العراقية السيطرة على كردستان بسرعة بعد إخماد التمرد في الجنوب بعنف وفر مئات الآلاف من المدنيين من مدنهم خوفاً من انتقام الحكومة العراقية وسط ظروف جوية بالغة القسوة ورفض الحكومة التركية فتح الحدود أمامهم.

وأنشأت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا منطقة آمنة في 23 نيسان 1991 عرضها 15 كيلومتراً على الحدود التركية - العراقية، وفي وادي نهر دجلة لمسافة 40 كيلومتراً وطول 60 كيلومتراً على الحدود بمساحة مقدارها 2400 كيلومتر مربع، كما فرضت حظراً جوياً عراقياً عليها عند خط العرض 36 شمالاً.


"حرب الأخوة"

وفي أيار 1994 دار قتال بين الحزبين بسبب خلاف على أرض في بلدة قلعة دزة، فانتشر إلى العديد من المدن والبلدات وأسفر عن سقوط ما بين 600 وألف قتيل، وتوقف القتال بعد التوصل إلى وقف موقت للنار في آب 1994.

 وفي أب 1996 في ذروة الصراع بين الحزبين، استنجد مسعود البارزاني بصدام حسين، الذي أرسل قوات من الحرس الجمهوري. ودخلت تلك القوات لطرد مقاتلي الإتحاد الوطني من مدينة أربيل وساعدت الحزب الديموقراطي على ملاحقة جماعة الاتحاد الوطني حتى الحدود الإيرانية إلى إن تدخلت إيران وساعدت الإتحاد على استعادة معظم المناطق التي خسرها باستثناء اربيل. ولا تزال مناطق النفوذ الحالية للحزبين في الاقليم الحالية كما هي تقريباً منذ ذلك العام.


صوت واحد

وتعاون الحزبان مع القوات الأميركية قبل غزو العراق وخلاله 2003 وساعدا القوات الاميركية في احتلال معظم مدن كردستان. ولعب طالباني والبارزاني دورا أساسياً في إقامة "مجلس الحكم الانتقالي" ووضع دستور العراق الحالي، فتراجعت خلافات الطرفين، وكان الأكراد يتحدثون بصوت واحد خلال المفاوضات التي جرت مع القوى السياسية الأخرى لصوغ شكل الحكم والدستور وتقاسم المواد والسلطات. وعقب انتخاب طالباني رئيساً للعراق عام 2005، تحسنت العلاقات بين الطرفين أكثر وتولى البارزاني رئاسة الاقليم، ووقع الحزبان اتفاقا عام 2007 لتقاسم المناصب والادارة في الاقليم.

وفيما عزز البارزاني سيطرته على الاقليم، كان الإتحاد يشهد توترات وتكتلات أفضت في النهاية عام 2009 إلى إنشقاق عدد كبير من قادته وأعضائه وتشكيل قوة سياسية جديدة لها حضور قوي في الاقليم، "حركة التغيير"، الأمر الذي غير طبيعة التحالفات السياسية في الاقليم.

واضطر الإتحاد إلى التحالف مع الديموقراطي للحفاظ على ما تبقى من قاعدته في الشارع الكردي لمواجهة منافسه الجديد الذي أخذ منه جزءا كبيرا من قاعدته الشعبية وفي معقله التاريخي.

وأصيب طالباني بجلطة دماغية عام 2012 وغاب عن المشهد السياسي العراقي والكردي ومذذاك يعاني الاتحاد صراعات على النفوذ بين عدد من الأجنحة، مما أضعف الحزب أكثر وزاد نفوذ زوجة طالباني هيرو أحمد وأبنائها على مفاصل الحزب.


"خصم جديد"

وتدهورت العلاقة بين الديموقراطي وحركة التغيير بعد مقتل ثلاثة من أنصار الديموقراطي على أيدي أنصار الحركة خلال تظاهرات احتجاج على عدم صرف مرتبات الموظفين، فرد الديموقراطي بإقفال مبنى البرلمان ومنع وزراء التغيير من دخول أربيل. فاتجه الاتحاد إلى فتح باب المفاوضات مع الحركة.

وفي بداية عام 2016 أعلن الإتحاد إنهاء اتفاق 2007 مع الديموقراطي، وفي أيار من العام ذاته، أعلن التوصل إلى اتفاق مع حركة التغيير تحت مسمى "اتفاق الشراكة" لخوض إنتخابات 2017 في قائمة واحدة وتالياً برز مجدداً امكان انهاء سيطرة الديموقراطي على السلطة في الاقليم.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم