السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

ما أجمل هذه الحكومة ما أجمل مجلس النوّاب!

عقل العويط
عقل العويط
ما أجمل هذه الحكومة ما أجمل مجلس النوّاب!
ما أجمل هذه الحكومة ما أجمل مجلس النوّاب!
A+ A-

بروحٍ مفعمة بالتفاؤل والأمل، لا يسعني إلاّ أن أشكر مجلس النواب رئيساً واعضاء، ومجلس الوزراء رئيساً وأعضاء، على اليومين الفائتَين، الممهورَين برقيّ العمل الديموقراطي، وبحضارة المراقبة والنقاش والمساءلة، مكلّلَين بهذا النهار السعيد بالذات، نهار التصويت على الموازنة، بعد اثني عشر عاماً من الغياب والتأجيل. 

لقد فعلوها أخيراً. فماذا أطلب أكثر؟!

والله العظيم، لا أملك سوى الزلغطة، تعبيراً عن الغبطة.

لو كان لي شرف النزول إلى المجلس، مجلس النواب، مجلس ممثلي الأمة والشعب، لمتابعة جلسات النقاش، الخاصة بالموازنة، لجئتُ مشياً على القدمَين، كمَن يجيء حاجّاً، للتبرّك، ثمّ لمصافحة النواب والوزراء واحداً واحداً، بحرارة، بحبّ، بانتشاء، باعتزاز، بفخر، وبإحساسٍ يشبه الانغمار بالوحي وبهجة العرس.

لَجئتُ مشياً، لا للمصافحة فحسب. بل للعناق.

ما أجمل أن تصافح وتعانق أشخاصاً مسؤولين، إعراباً عن الجميل الوطني الذي صنعوه، ليس من أجلكَ فحسب، بل من أجل الجمهورية كلّها، شعباً ودولةً ومؤسسات.

لكنْ، يؤسفني حقاً أن مواطناً عادياً مثلي لا يستطيع أن يحظى بمثل هذا الشرف.

تعويضاً عنه، أكتب هذا المقال – التحية، لأني لا أريد تفويت الفرصة. فمن واجبي أن أشكر هؤلاء السادة، والسيدات طبعاً، على الإنجاز العظيم.

لن أغفل أحداً من أهل السلطتين التشريعية والتنفيذية، وخصوصاً منهم الذين يمثّلون أطراف الحكم والحكومة، وزراء ونواباً، لانصرافهم طوال يومَي المناقشة، إلى تسجيل الشكاوى والاعتراضات، والإعراب عن التضامن مع أوجاع ناخبيهم ومواطنيهم في أرجاء البلاد كافةً.

يا لهم أوفياء!

لا يمكنني إلاّ أن أسجّل إعجابي بالقدرة الفذّة والأعجوبية لهؤلاء الأطراف، المُوالين - المعارضين، على أن يجمعوا في أشخاصهم النقيضَين: أن يكونوا في السلطة، وأن يكونوا على مسافةٍ منها، أو أن ينتقدوها، أو يسبّوها ويشتموها، في الآن نفسه.

هذه أمثولةٌ فريدة في تنوّع الكفاءات الديموقراطية التمثيلية، وحيويتها، وديناميتها، التي تُشعِر الناس بالثقة، وتجعلهم يطمئنون إلى يومهم، وإلى غدهم.

هذه الأمثولة الفريدة، يجب المحافظة عليها، وصونها بالرموش والمهج والأفئدة.

بل يجب تدريسها في كليات العلوم السياسية، وفي المعاهد التي يؤمّها أبناء السياسيين. هذه ضرورةٌ قصوى. لأن من شأن ذلك أن يُخرّج لنا ورثةً سياسيين وأجيالاً يمكنهم أن يحملوا مشعل السياسات الوطنية، ويقودوا الجماهير والجمهورية إلى المستقبل الآمن والزاهر والسعيد.

يا لعبقرية هؤلاء. يا لهم عباقرة!

عندي ملاحظة بسيطة واحدة على الهامش.

فقد كان من الضروري جداً، أن يتنبّه المسؤولون عن الأمّة، إلى لزوم اقتناص مثل هذه الفرصة الديموقراطية التاريخية، لوقف الأعمال والأشغال والوظائف في المؤسسات الرسمية والخاصة، و"إجبار" المواطنين – طبعاً بطريقة لائقة ومهذبة وذكية - كلّ المواطنين، كباراً وصغاراً، على حضور المناقشات التلفزيونية، وتفجير طاقاتهم الأدبية، بكتابة انطباعاتهم الوطنية ومشاعرهم الصادقة، حيال هذه الظاهرة الفريدة والعظيمة.

كان ذلك ليرتدّ إيجاباً على الوطن والمواطنين، وليس فقط على العهد الجديد.

صحيح أن ذلك يستلزم التعطيل ليومين أو ثلاثة. لكن المردود المعنوي والمادي سيكون أكبر بكثير، في الجوهر وعلى المدى البعيد. تمكيناً للثقة بين السلطة والمواطنين، وترسيخاً للوحدة الوطنية و"العيش المشترك".

ذلك، أن المواطنين لن يجدوا محفّزاً على تجديد الولاء لهؤلاء الأطراف، مثل هذا المحفّز.

ولن يجدوا محفّزاً على الإيمان بالوطن، ومضاعفة النشاط والانتاج وتحريك عجلة الاقتصاد والانخراط في ورشة الإعمار والإصلاح والتغيير... مثل هذا المحفِّز.

مقالٌ – تحية كهذا، لا يمكن إيقاف التفجر في مضمونه وأسلوبه. لكني مضطرٌ اضطراراً إلى الاختصار. إنْ هو سوى مقال – تحية.

فما أجمل هذه الحكومة وما أجمل مجلس النوّاب!

ما أجمل لبنان!

[email protected]






حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم