الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

لماذا قتل الابن والده في زقاق البلاط؟

المصدر: "النهار"
ليلي جرجس
ليلي جرجس
لماذا قتل الابن والده في زقاق البلاط؟
لماذا قتل الابن والده في زقاق البلاط؟
A+ A-

أثارت جريمة زقاق البلاط صدمة كبيرة في المجتمع اللبناني. جريمة مروعة ارتكبها فتى لم يتجاوز 15 عاماً، طرحت أكثر من تساؤل وفرضية لمعرفة الدوافع النفسية والاجتماعية التي أدت الى هذه الجريمة. نحن هنا لسنا في صدد تبني أي فرضية او سبب، بل نغوص في الأسباب والعوامل النفسية التي دفعت بابن الـ15 عاماً الى قتل ابيه والناطور واطلاق النار عشوائياً بعد جريمته الاولى.

قيل إن الفتى علي ليس متوازناً عقلياً، وإنه يعاني اضطرابات عقلية وفق ما أفادت عمّته. لكن كيف يفسر علم النفس هذه الجريمة، وما الذي يعانيه نفسياً حتى يقدم على قتل ابيه رمزياً وفعلياً؟

أسباب نفسية وفرضيات ...

تحرص المعالجة النفسية حنان صادر في اتصال مع "النهار" إنها "لا تعرف تفاصيل ومعطيات عما عاشه هذا الفتى وطبيعة العلاقة التي تربطه بعائلته، لذلك سنطرح أكثر من فرضية وسبب نفسي يدفع الى ارتكاب جريمة قتل". برأي صادر إن الفتى "يعاني من ذهان ويُدرج في خانة الذهان، لكن الناس تجهل هذه التسمية وتُطلق على هذه الحالة "مضطرب عقلياً". أن يُقدم ابن على قتل والده، فهو حتماً يعاني من مرض نفسي، ولا يمكن لأسباب خارجية ومشكلات طبيعية ان تدفعه الى ارتكاب جريمة كما هي الحال هنا".

إذاً، هناك فرضيات عدة وأسباب يمكن أن تفسر ما حدث وفق المعالجة النفسية، التي تتابع حديثها قائلة: "في علم النفس يعتبر الأب رمزاً للحدود والنظام والقوانين، وان قتل علي لوالده هو بمثابة قتل وحذف كل هذا الممنوع والقوانين وكسره بطريقة ما. لقد انتقل الابن الى مرحلة الفعل passage à l’acte واقترف الجرم. أسباب نفسية تؤثر بطريقة مباشرة وغير مباشرة في ارتكاب الجريمة أبرزها:

* لم يكن الابن محبوباً ولم يأخذ الحنان والعاطفة من عائلته في طفولته.

* قد يكون الابن مُعنفاً وقد تعرّض لعنف لفظي أو جسدي من والده.

* قد يكون قتل رمز الرجولة ليشعر برجولته وبأنه اليوم هو رجل.

* قد يكون يتعاطى المخدرات وغير واعٍ لتصرفاته.

اقرأ ايضاً : فتى يقتل والده وسوريين... والصدمة تلف زقاق البلاط

علي ضحية ايضا؟ 

ومهما اختلفت الأسباب التي دفعت به الى قتل والده، يبقى ان نعرف على حدّ قول المعالجة النفسية صادر ان هذا الشاب ما زال قاصراً ويجب عدم محاكمته كباقي المجرمين. علينا ان نعرف ان الشاب ارتكب الجريمة نتيجة تراكمات عدة نفسية عاشها منذ صغره ومن المهم متابعته نفسياً حتى لا تضيع حياته، هو ضحية أيضاً ويجب التعامل معه بطريقة صحيحة وعدم وضعه بالسجن وانما معالجته ومساعدته وليس معاقبته".

اضطراب نفسي مسبق

أكدت الاختصاصية النفسية هيفاء السيد في حديثها لـ "النهار" أن "ليس هناك جريمة دون هدف، من المؤكد أن هذه الجريمة محفزة بدافع يتخللها الغموض وهناك حلقة مفقودة. أسئلة كثيرة يمكن طرحها في هذه الحادثة أهمها: هل الشخص يعاني من اضطراب نفسي مسبق كما اكد اقاربه والجيران؟ وما الذي أوصل هذا المراهق الى هذه الحالة"؟

برأيها "ان إقدام مراهق على قتل والده يعود الى اسباب عدة منها:

- ضغوطات ناجمة عن مشاكل أسرية او اجتماعية او اقتصادية ادت الى شخصية مضطربة والانفجار.

- احيانا يظهر الفرد على انه شخصية متماسكة ولكن هناك اضطرابات نفسية مثل paranoia حيث يعيش شكاً واوهاماً اضطهادية بما يحيط به. قد يكون هذا المراهق ضمن هذه الفئة من الأشخاص ولديه اضطراب شخصية حيث يبدو الشخص انه متماسك لكنه في الحقيقة يعيش اضطهادا نفسياً.

- التفكك الأسري والضغوط الإقتصادية والإجتماعية تدفعه الى اتخاذ سلوك عدواني والتمرد والقتل من المحيط به. لأن المناخ الأسري الذي يغيب عنه النمو العاطفي والوجداني يكون تربة سيئة لإنهيار المجتمع وانحلال القيم وافتقار شعوره بالأمان.

- غياب العاطفة والتواصل بين أفراد العائلة يؤدي ذلك الى العنف وتالياً الى القتل.

- تعاطي المخدرات التي تضطلع بدور كبير في سفك الدماء. ان غياب الوعي والإدراك يجعل الفرد عاجزاً عن كبح دوافعه وسلوكه مما يدفعه الى ارتكاب جرائم، خصوصاً اذا كان بحاجة الى مخدر ولا يملك المال.

- بنيان الأسرة والعلاقة بين أفرادها. اذا كان هناك خلافات عائلية تؤدي الى اضطرابات شخصية، فالشخص الذي يكبت مشاعره لفترة ينتهي بانفجارها. إن علاقة بين أفراد الأسرة تحدد سلوك الفرد ولها دورها المؤثر والفعال في حدوث الجريمة والانحرافات الإجتماعية.

الحاجة الى الحب

هل يعتبر المراهق ضحية؟ تشدد الاختصاصية النفسية على انه "لا يمكن لشخص ان يولد ويملك سلوكاً انحرافياً، هذا السلوك ليس بالفطرة او بالوراثة لأن البيئة المحيطة بالفرد هي التي تدفعه نحو سولك اجرامي او سلوك عادي. هناك خلل في البنيان الأسري حتى وصل الى ما هو عليه اليوم. واذا لم يكن من الاسرة فقد يكون من المحيط والاصدقاء.  

الفتى علي، إذاً، هو ضحية الخلل في التربية السلوكية والضغوط والتراكمات التي تسبب بانفجار النواة المرضية، وتالياً الوصول الى مرض نفسي كامن لديه وجاء الوقت لظهوره".

وتتوجه الاختصاصية النفسية السيد بالقول الى مراهق: "ان حمل السلاح آفة خطيرة في مجتمعنا وعواقبها وخيمة في نهاية المطاف، لا سيما عند فئة الشباب التي غالباً ما تدفع الثمن غالياً في الوقوع في الجريمة والندم بعد فوات الأوان. واتمنى على الاهل الاستماع الى اولادهم وتفهمهم لأن المراهق يكون لديه اضطراب انفعالي وليس ناضجاً وانما لديه نمو انفعالي وجداني متذبذب. لذا على الاهل التقرب من اولادهم وان يكونوا أصدقاء لهم ويبادلوهم الحب والحب والحب...".



في حين أكد محلل نفسي رفض ذكر اسمه ان "علاقة الأب بابنه تشرح هول هذه الجريمة، ويُعيد السبب الى ان الأب كان ينفذ سلطته بطريقة عير محقة على ابنه، ووفق ارادته وليس رغبة الإبن. كان الوالد يؤدي دور الشرطي وليس دور الأب ويعمل وفق مصلحته وليس مصلحة الابن". مستندا الى رواية عنوان " Moi, Pierre Rivière, ayant égorgé ma mère, ma sœur et mon frère "هذا الشخص قتل والدته واخواته لأنهم كان يسخرون من والده ويعذبونه".



الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم