الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

بول إيلوار: أطلقتُ الرصاص على الدادائية وانتقلتُ إلى السوريالية باعتبارها مدرسة الجنون العظمى في التاريخ الشعري

المصدر: "النهار"
الكتابة والحوار: أسعد الجبوري
Bookmark
بول إيلوار: أطلقتُ الرصاص على الدادائية وانتقلتُ إلى السوريالية باعتبارها مدرسة الجنون العظمى في التاريخ الشعري
بول إيلوار: أطلقتُ الرصاص على الدادائية وانتقلتُ إلى السوريالية باعتبارها مدرسة الجنون العظمى في التاريخ الشعري
A+ A-
ليس مهماً أن تصل إلى مكان إقامة الشاعر الفرنسي بول إيلوار (1895-1952) في دار الآخرة، بقدر أهمية التفكير بالأسئلة التي ستطرحها عليه في الحوار الافتراضي هذا. فشاعر الحب والحرية الذي شغل الذهن الفرنسي والعالمي على مدار عقود من الزمن، لا بد أن يحظى بأسئلة فوق العادة. أسئلة تصدم، لتخرج الشاعر الفرنسي من أعماقه، فيتحدث ويكشف ويتأمل ويدحض ويلعن العشق القديم الذي أوقع به في أكثر من حفرة وموقد نار.كنا ننتظرهُ في بار "المغنية النائمة" ونحن نحتسي الشراب بين اللوحات العملاقة التي امتلأت بها الجدران. لم تمض دقائق على وجودنا في ذلك المكان، حتى أطل علينا محروساً بحيوانين من نوع "براغولا" الخاص بحماية الشخصيات المُطارَدة، أو تلك التي تشعر بقلق على حياتها من المجهول.صافحنا بول. وجلس إلى الطاولة، بعدما أخرج من جيب سترته قنينة شراب داكن اللون، وأخذ يحتسي من فم الزجاجة مباشرة. شكّل لنا ذلك المشهد صدمةً. لذلك بادر بالقول: هذه خمرة خاصة شغل بلدي وتصنع من فاكهة "الباوتا" الشبيهة بالكرز. آنذاك، أدركنا أنها فرصة جيدة للدخول في الحوار. فطرحنا عليه السؤال:* مَن الأول الذي فتح تحت سقف رأسكَ نافذة الشعر: الحبّ أم الحرب أم الخمر؟- لا الحب ولا الحرب، بل المرض الذي كاد يصدّ الهواءَ عن صدري بعدما ملأه السلّ.* هذا معناه، أنك تعتبر الألمَ أحد أهم مصادر الشعر؟- بالتأكيد. غيابه عن الجسد، ربما يقطع عن الحواس الكهرباء، فيبطل مفعولنا كشعراء.* هل تعتبر مسقط رأسك في سان دوني الفرنسية في الرابع عشر من كانون الأول من العام 1895 مكاناً شعرياً، أم مسقطاً لمرض تكره استعادة ذكرياتك المؤلمة معه؟ـــ عندما تصبح قامةُ الشاعر شجرةً وسط نيران تحيط بالغابة التي يسكن فيها، فليس بالضرورة أن يفكر في مصادر تلك النيران، وما إذا كانت تلتهم الأوراق أم الغصون فقط. مصيرُ الشعر، يرتبط على الدوام بفكرة إقامة سور الصين حول الجذع، لدرء أخطار الحرائق عنه.* كأنك تتذكر كيف كانت والدتك تخيط الثياب، فتستظهر من وراء تلك المهمة مقاربة ما، ما بين صورتي الأمس واليوم؟- أجل. لذلك اخترعنا الخلاّط السوريالي، من أجل أن نهرس الغدة الدرقية مع الغدة الصنوبرية التي تشبه حبة الصنوبر الموجودة داخل الدماغ، تلك التي تفرز هرموناً مسؤولاً عن تنظيم النوم والاستيقاظ عند الإنسان. عدا الغدة النخاميّة والدرقيّة والكظرية المتعددة الوظائف المختلفة في الجسم، التي ربما تعمل من أجل تكوين غدة الشعر الكبرى.* هل تكوّنت تلك الفكرة من خلال رحلاتك إلى بلدان آسيا؟- كان اكتشاف الشعر في آسيا أمراً ملحاً. أنه بعبارة أدق، اكتشافٌ لطريق الحرير اللغوي.* تعني توسيعاً للمشروع الشعري الروحاني الشرقي، وربطه بجسر الماديات الأوروبية؟- في البدء، ربما كانت الفكرة هكذا، لكنها سرعان ما تحوّلت إلى حرب صدامية، عندما وجدنا أن الشعر الغربي شبه معادٍ للروحانيات. أو يرفض التعاطي معها كمرجعية سلفية، خاصة بعد أن أدخلنا الشعر إلى الغابات الحديدية لعصر الصناعات التكنولوجية.* هل تثيركَ القصيدةُ وهي بأطراف حديدية؟- أفضلُ من رؤيتها قطعة لحم متعفنة على رصيف.* كأنكَ تريد التحصنَ بأحضان الحرب، فلا ترغب إلا برؤية شعر مدرّع بالحديد في ساحات القتال والمقاومة؟- لقد أدخلتنا الحربُ العالمية الأولى إلى المشرحة، فكانت لنا مسرحاً تنزّ منه الدماءُ والآلامُ والدموعُ والأفكار المتسخة بأدخنة الأسلحة. لذلك كتبتُ أول أعمالي "قصائد أولى" عام 1913 وأعقبتها بـ"حوارات عديمة الجدوى" و"قصائد من أجل السلام" وكانت كلها صرخات مضادّة للموت والفناء.* هل وجدتَ حلمكَ بالانضمام الى الحركة الدادائية، والانخراط مع أراغون وبروتون وتزارا في تأسيس تلك المدرسة الفوضوية عام 1919؟- لم أجد حلمي في الدادائية، لذلك أطلقتُ على جبهتها رصاصةً، وانتقلتُ إلى السوريالية، باعتبارها مدرسة المجانين العظمى في تاريخ الشعر الفرنسي. أي إنها كانت العالم الأرحب حركةً والأكثر عبثاً وإفزاعاً للأنفس على كل الصعد، وفي مقدمتها الشعرية.* والحب. لماذا لم تأتِ على ذكره يا سيد إيلوار؟- ماذا به الحب؟!* ألمْ يكن النظرية الأولى التي أسستْ للصراع الثنائي ما بين أقطاب الشعر أو الفن عموماً؟- لماذا لا تسألني عن حبيبتي غالا بشكل مباشر؟!* أنتَ فتحت في الحواسّ الأبواب العاطفية. لذلك نريد تتبع رائحة المرأة غالا في كلّ من بول إيلوار وسلفادور دالي؟ـــ كانت غالا بالنسبة لي لغة مشحونة بالعواصف والعواطف والجنون، فيما ليست عند سلفادور دالي غير امرأة عارية تنام على قماش لوحة بإطار خشبي ميت.* كأنك استوليتَ على عقل تلك المرأة، فيما استولى دالي على جسدها. ما نسبة الصحة من الخطأ في هذا السؤال؟- هذا كلام في الصميم. لكنني تمتعتُ بشيء من تراب ذلك الجسد أيضاً. لم يأخذه مني سلفادور كلياً.* كان دالي يترك لكَ منه الفتافيت، تقصد؟ـــ لم نكن نتنافس على كبد بطة، بل على...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم