جدران "الأوتوستراد العربي" مساحة لبثّ الحب واللوعة

"مشروع الأوتوستراد العربي. انتبه. ممنوع الدخول إلى حرم المشروع. طريق قيد الإنشاء. إنّ المشروع غير مسؤول عن أيّ مركبة آلية أو مشاة تدخل حرمه"، تلك هي التحذيرات والممنوعات المطبوعة على إشارات موزعة على "مشروع" قيد الإنشاء" منذ عام 2007 في جزئه الممتد من نقطة المصنع الحدودية حتى بلدة تعنايل، ومن عام 2009 في جزئه الممتد من تعنايل إلى جسر النملية. تعبر بها يومياً مئات المركبات، التي تسلك الأجزاء المنجزة من الطريق، اختصاراً للوقت وزحمة السير، فيما يجتاز عشرات المشاة يومياً مسلكيه وطرق الخدمة خصوصاً جهة السهل، حيث قامت على جانبيه مصالح ومشاغل ومخيمات. أما الأجزاء المقطوعة منه بمكعبات إسمنتية فوفّرت مساحة للأولاد للّعب، يحوّلون أجزاءً منها ملاعب كرة القدم، وللشباب للتنافس في الإقلاع والتسابق بدرّاجاتهم النارية وسياراتهم، وكذلك مساحة لإقامة الأفراح بعد نصب الخيم لهذه الغاية. أما طرق الخدمة الجانبية فهي شرفة، ولاسيما لسكان المخيمات.هذا الشريان النابض نهاراً وليلاً، تتجلى عليه الحياة بطريقة أخرى، إذ إنّ جدران الحماية على جانبيه والفاصلة بين مسلكيه وفّرت "حائطاً" للبعض يخطّ عليه "ما يدور بباله". يكفي أن يكون هناك من معه "عبوة بخّ" ولديه ما يقوله، فثمة من بخّ مشاعره للحبيبة، وأحياناً بطرافة. من يشكو حرقة القلب من الفراق القسري والوحدة ومن خيانة الحبيب، من يخطّ مرارة تجربته في الحياة وفلسفته في شؤون الدنيا، ومن يدبّج العبر لمن يعتبر، ومنهم من يترك توقيع مروره في المكان.