الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

سقوط الاتفاق النووي مع إيران وتداعياته

علي أحمد
سقوط الاتفاق النووي مع إيران وتداعياته
سقوط الاتفاق النووي مع إيران وتداعياته
A+ A-

يمر الاتفاق النووي بين إيران والقوى العظمى بفترة مفصلية، فمن المتوقع أن يعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفضه تمديد العمل بالاتفاق النووي مع إيران أواخر هذا الأسبوع، متجاهلًا نصائح وزارتيّ الدفاع والخارجية بعدم الإقدام على هكذا خطوة، لا سيما أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، المخولة التحقق من التزام إيران ببنود الاتفاق، أكدت امتثال إيران التام، وبشكل دوري. هذه العودة إلى لغة العقوبات والتهديد، لم تثبت في تجارب سابقة فشلها في الحد من طموحات إيران النووية وحسب، بل أعطت طهران حافزًا للمضي قدمًا في تطوير برنامجها النووي.  

إن سياسة عزل إيران وإعادة وضع العقوبات الاقتصادية عليها سوف تجعلها أقرب إلى خيار التسلح النووي من أي وقت مضى. قد تكون حالة الارتباك الأميركي في معالجة ملف كوريا الشمالية النووي، حافزًا إضافيًّا للمتشددين في طهران لتبني خيارات المواجهة والتصعيد، والتي ليس من المستبعد أن تكون تحت غطاء شعبي نتيجة حالة الإحباط الداخلي من فشل الدبلوماسية الدولية.

في الشكل، ليس بالضرورة أن يؤدي قرار ترامب بعدم التصديق إلى الغاء العمل بالاتفاقية، حيث ستتوجه الأنظار إلى الكونغرس المعني حينها بتقرير مصير الاتفاقية النهائي. إن إعادة فرض العقوبات على إيران، وبالتالي خرق الاتفاق، سيتطلب تصويت ٥١ عضوًا على الأقل من مجلس الشيوخ على ذلك. وعلى الرغم من وجود غالبية جمهورية (٥٢ صوتًا)، فإنه من الممكن أن يمتنع الكونغرس عن مجاراة ترامب بسبب وجود عدّة أصوات جمهورية ممانِعة لسياسات ترامب التي من شأنها تحويل الولايات المتحدة إلى دولة مارقة لا تلتزم تعهداتها، أو في الحد الأدنى ترفض فتح مواجهة نووية على جبهات مختلفة في آن واحد.

 أما في المضمون، فمن المحتمل أن تكون لخطوة ترامب تداعيات مهمة مثل خسارة الولايات المتحدة للمصداقية في أية مفاوضات مستقبلية مع إيران أو أي بلد آخر. لكن الخسارة الأهم تكمن في ردة فعل إيران المتمثلة بعودتها عن القبول بالعمل بإجراءات الشفافية وبالسماح للمفتشين الدوليين بفحص منشآت عسكرية وعلمية حساسة. شكَّل قبول إيران بهذه التدابير التطفلية انتصارًا حقيقيًّا لنظام عدم الانتشار النووي، لا سيما أن موافقة إيران على كافة التدابير الأخرى، مثل الحد من قدرات تخصيب اليورانيوم وكميات اليورانيوم المخصب التي يمكن الاحتفاظ بها، هي مرتبطة بحد زمني يتراوح بين عشرة وخمس عشرة سنة.

 على صعيد آخر، من شأن أي تراجع أميركي عن خطة العمل المشتركة مع إيران أن يؤدي إلى حالة تململ بين الأطراف الموقّعة على الصفقة، والتي لا ترى سببًا مُقنعًا للتخلي عنها. على العكس، لم تنفك بعض الدول الحليفة للولايات المتحدة مثل فرنسا وألمانيا عن عقد اتفاقيات تجارية ضخمة مع طهران في قطاعات رئيسية مثل الطاقة والنقل منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ.

 تكمن مشكلة البعض مع الاتفاق النووي في عدم تضمينه شروطًا متعلقة بتغيير سياسات إيران في الشرق الأوسط، لا سيما شأنيّ التدخل العسكري في سوريا ودعم حزب الله في لبنان. لكن هؤلاء يتجاهلون أن الجمهورية الإسلامية، قبل توقيع الاتفاق النووي، كانت بالفعل قاب قوسين أو أدنى من الحصول على السلاح النووي، إذا أرادت ذلك. قد لا أتفق مع التصور الأميركي لبرنامج طهران النووي ونواياه، لكن من الجانب السياسي والأمني الأميركي، فاقت ضرورة معالجة قضية حرجة مثل حصول إيران على قدرات تسلح نووية القضايا الأخرى أهمية، ولم يكن هنالك أي مجال للمخاطرة بإعاقة المفاوضات النووية على حساب اعتبارات أخرى.

جاء الاتفاق النووي مع إيران نتيجة مفاوضات طويلة ومعقدة وتقديم كافة الأطراف تنازلات سمحت في التوصل إلى تسوية، ولكن أغضبت المتشددين في الولايات المتحدة وإيران على السواء. في إيران، هنالك من ينتظر لحظة إخلال الولايات المتحدة بالاتفاق للانقضاض السياسي على فريق الرئيس حسن روحاني، الذي استثمر شعار انفتاح إيران على الغرب في تحقيق انتصارات في موقعيّ الرئاسة ومجلس الشورى. ويبدو أنَّ هذه الانتصارات قد أججت الخلاف بين روحاني والمرشد الأعلى، علي خامنئي، على عدة ملفات من ضمنها ملف السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية، والذي لم يعد بسر.


*علي أحمد، مدير برنامج الطاقة والأمن في معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت

[email protected]





الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم