الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"خليفة آينشتاين" امرأة... صابرينا باسترسكي "فتاة الفيزياء" النّابغة

المصدر: النهار
هالة حمصي
هالة حمصي
"خليفة آينشتاين" امرأة... صابرينا باسترسكي "فتاة الفيزياء" النّابغة
"خليفة آينشتاين" امرأة... صابرينا باسترسكي "فتاة الفيزياء" النّابغة
A+ A-

 بين آلاف خريجي الفيزياء في الولايات المتحدة، تتألق هذه الفيزيائية الأميركية الشابة من أصول كوبية. الانجذاب الى التحديات ألفته طبيعيا منذ الصغر. "سنوات من دفع الحدود لما يمكن ان احققه قادتني الى الفيزياء"، على قولها (موقع "اوزي"). بالنسبة اليها، الفيزياء "أنيقة"، لكن ايضا "مليئة بالمنافع".      


طائرة من تصميمها 

في 3 حزيران 1993 ، ولدت باسترسكي في ولاية شيكاغو في الولايات المتحدة. نبوغها ظهر منذ الصغر. نالت تعليمها الابتدائي في مركز "أديسون للموهوبين" في "مدرسة شيكاغو العامة"، وحازت رخصة قيادة الطائرات الخفيفة. "كنت في التاسعة عندما بدأت الطيران"، تقول. في الثانية عشرة، شاركت في مشروع طائرة، من تصميمها الخاص، في معرض "أوشكوش" للطائرات.

وبعد عامين، تمكنت من تنفيذها، بمساعدة "معهد ماساتشوستس للتقنية"، عبر استخدام مجموعة قطع، لتصنع بذلك طائرة خفيفة بمحرك واحد. ونجحت في التحليق بها، "والامر كان مذهلا ببساطة"، على قولها. كانت تبلغ 14 عاما فقط. للعالمة الصغيرة، "انها الحرية التي لا يمكن مقارنتها باي شيء آخر" ("شيكاغو تونايت"). انجازها ابعد من التصديق، "ليس لان صابرينا كانت صغيرة في السن فحسب، انما ايضا لانها فتاة"، على قول احدى المديرات التنفيذيات في المعهد بيغي أودن.   


لم يكن يدري احد ان هذه الطالبة ستحقق مسيرة صاروخية خلال اعوام قليلة جدا. من مفارقات الامور ان معهد ماساتشوستس للتقنية رفض طلبها العام 2009، "وأبقاني على لائحة الانتظار العام 2010"، بينما رفضت جامعة هارفارد طلبي في نيسان 2010"، على ما تروي.  

لكن معهد ماساتشوستس عاد وقبلها، بدعم من احد الاساتذة، على ما تخبر. وتخرجت منه بتفوق (ايار 2010-2013)، بعد نيلها العلامة الكاملة 5/5. ثم انتقلت الى جامعة هارفارد (2014)، حيث تتابع حاليا دراساتها العليا (الدكتوراه) في "فيزياء الطاقة العالية". أول حبّات العنقود، بحثان بارزان في مجال "فيزياء الطاقة العالية"، الاول عن "المثلث"، والآخر عن "الذاكرة الدائرة".

لم تكن تجاوزت الـ21 عاما عندما قدمتهما. وسرعان ما سلطا الاضواء عليها، بحيث دعيت الى لقاءات والقاء محاضرات في جامعات ومؤسسات مرموقة، والى "ابداء رأيها العلمي في تطبيق مفاهيم على "شَعْر" الثقب الأسود، عارضة طريقة جديدة للكشف عن الموجات الثقالية".  

العالمة الشابة ابهرت السامعين، وتناقلت الالسن اسمها كالبرق، بحيث انهمرت عليها عروض العمل من مؤسسات عالمية في مجال البحث والتقنية. حاليا تتعاون مع الإدارة الوطنية للملاحة الفضائية والفضاء (ناسا)، شركة "بلو أوريجين" للفضاء والطيران، شركة "بوينغ فانتوم ووركس"، المنظمة الاوروبية للابحاث النووية، الى جانب جامعة هارفارد، ومعهد ماساتشوستس للتقنية.


"الغرافتون" والثقوب السوداء   

عالم باسترسكي الثقوب السوداء وأسرار الجاذبية... وتدرسها باتباع منهج العالمين الفيزيائيين ألبرت آينشتاين وستيفن هوكينغ، واضعة نصب عينيها "ايجاد حل لإحدى أكبر المسائل المستعصية في نظريات الفيزياء الحديثة: إخضاع نظرية النسبية العامة حول قوة الجاذبية لمقتضيات نظرية ميكانيكا الكم الهادفة إلى توحيد نظريات التفاعلات الأساسية الأربعة في الطبيعة: قوة نووية قوية، قوة نووية ضعيفة، قوة كهرومغناطيسية، والجاذبية" (صفحة خاصة بها على "ويكيبيديا").

بحوث في "الغرافتون"، وهو "جسيم اولي افتراضي يحمل تأثير قوة الجاذبية في اطار نظرية الحقل الكمومي"، الى مسائل فيزيائية اخرى. في ابحاثها، تحاول باسترسكي "إدخال مفاهيم جديدة في صياغة نظرية الأوتار الفائقة والجاذبية الكمية". وقد لفتت محاولاتها انتباه علماء فيزيائيين بارزين، على غرار ستيفن هوكينغ وآندرو سترومنغر (المشرف على الدكتوراه التي تعدها في هارفارد)، اللذين استشهدا بابحاثها في مقالاتهما العلمية، مما اعتُبِر مؤشرًا جيدا واعدا جدا لها.  


"اليقظة" 

صفات اخرى مفاجئة تتميّز بها العالمة الشابة. هذه الابنة الوحيدة لوالديها لم تشرب يوما الكحول، ولم تدخن، وتنأى بنفسها عن وسائل التواصل الاجتماعي. "ليس لدي ولم يكن لدي حساب على الفيسبوك او الانستغرام او تويتر"، على قولها. كذلك، لا تملك هاتفا خليويا ذكيا. بيد ان لديها موقعها الالكتروني الشخصي على الإنترنت، "Physic Girl" (اي فتاة الفيزياء)، وتنشر فيه نشاطاتها العلمية وسيرتها الذاتية.


الوضع يريحها، يناسبها. "افضل ان ابقى يقظة. ولحسن الحظ، صرت معروفة بما اقوم به وبما لا اقوم به"، على قولها. من المهارات التي تقول في سيرتها الذاتية انها تتمتع بها، "اكتشاف الأناقة داخل الفوضى والتصميم والتصنيع والبرمجة والدراجات النارية وبناء الطائرات، وأفضل لاعب عاشق للسرعة في الارجاء".  

 اجندة باسترسكي تمتلىء بمواعيد نشاطات علمية شاركت وستشارك فيها، الى جانب عدد من ابحاثها ومحاضراتها والافلام الوثائقية (33 في المجموع من ربيع 2010 الى خريف 2017)، ولائحة طويلة بجوائز نالتها، منها 5 هذه السنة. وفي الحصيلة، نحو 15 جائزة ابتداء من 2010، ابرزها جائزة "الإنجاز" من "رابطة صناعة وتجارة الطائرات" في إلينوي (2010)، جائزة "ثلاثون تحت الثلاثين" من مجلة "ساينتفك أميريكان" (2012)، جائزة باحث الشباب" من "ملتقى لينداو السنوي لحائزين جائزة نوبل" (2012)، جائزة "جويل ماثيو أورلوف" من "قسم الفيزياء" في معهد ماساتشوستس للتقنية (2013)، جائزة "ثلاثون تحت الثلاثين" من مجلة "فوربز" (2015)، وشهادة زمالة" من "مؤسسة هيرتز" (2015).  


نجاحات تتراكم، جوائز تعزز الرصيد... ورغم ذلك، تؤثر باسترسكي التواضع. "لست سوى طالبة دراسات عليا. ثمة الكثير لاتعلمه. ولا استحق الاهتمام"، على ما تكتب في موقعها في 29 تموز 2017، مع ملاحظة صغيرة: "لقد جربت اول فنجان قهوة لي". وبكل ثقة، تقبل على المستقبل الفيزيائي وفقا لمعادلة بسيطة. "الفيزياء مثيرة بذاتها كفاية. عندما تتعب تنام. وعندما لا تكون متعبا، تقوم بالفيزياء".   

[email protected]


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم