الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

فرنسا تختصر الوقت في ضرب الإرهاب... هل ترتاح واشنطن قليلاً؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
فرنسا تختصر الوقت في ضرب الإرهاب... هل ترتاح واشنطن قليلاً؟
فرنسا تختصر الوقت في ضرب الإرهاب... هل ترتاح واشنطن قليلاً؟
A+ A-

فإلى جانب الإجراءات الأمنيّة والقانونيّة التي طرحها العهد الفرنسيّ الحاليّ، ومن بينها مشروع القانون الجديد لمكافحة الإرهاب والذي أثار جدلاً واسعاً حول حقيقة إنهاء حال الطوارئ وعدم استبدالها بتشريعات تضرب حقوق الإنسان، لا زالت #فرنسا تحتفظ برؤيتها الخارجيّة التقليديّة في محاربة التطرّف. فهي تؤمن، مثل #واشنطن و #لندن بأنّ من بين أفضل الطرق لحماية أمنها، شنّ الحروب للقضاء على معاقل الإرهاب والمناطق التي يستغلّها لتدبير مخطّطاته. وكان #ماكرون قد أكّد في آب الماضي أنّ محاربة داعش في #العراق و #سوريا تتصدّر سلّم أولويّات سياسته الخارجيّة. غير أنّ النشاط الفرنسيّ المعادي للإرهاب لا يقتصر على آسيا أو الشرق الأوسط بل يمتدّ إلى أفريقيا أيضاً.  


شمّال وبرخان

تحتفظ فرنسا بآلاف الجنود في القارّة السمراء لمحاربة الجماعات الإرهابيّة مثل مالي، تشاد، النيجر، بوركينا فاسو وموريتانيا ضمن عمليّة "برخان" التي أطلقتها منذ حوالي ثلاث سنوات ضدّ القاعدة. كما أطلقت في الفترة نفسها عمليّة "الشمّال" ضدّ داعش في العراق. واستوحت فرنسا اسمي عمليّاتها انطلاقاً من الظواهر الطبيعيّة، إذ إنّ الشمّال هو اسم ريح شديدة تهبّ على العراق في فصل الصيف بينما البرخان هو شكل من الكثبان الرمليّة على شكل قوس وهو يتراكم بفعل الرياح خصوصاً في الصحراء العربيّة الكبرى. وتعمل القاعدة في بلاد المغرب العربيّ ضمن منطقة تشبه القوس الذي يربط ليبيا بقسم من النيجر ومالي ومورتانيا والجزائر. وقال وزير الدفاع الفرنسيّ حينها (2014) جان إيف لودريان إنّ هدف الانخراط العسكريّ في المنطقة هو منع الإرهابيّين من بناء ممرّ طويل يمكن أن يربط ليبيا بالمحيط الأطلسي حيث قد يتواصل الإرهابيّون بالجغرافيا والسلاح والتهريب والتموين.


"حتّى لا يعود هنالك من إرهاب"

ولا شكّ في أنّ فرنسا خلال عهد ماكرون تتمتّع بحركيّة سياسيّة بارزة دشّنها الأخير لاستعادة موقع بلاده على الساحة الأوروبّيّة والعالميّة. ويعتقد الرئيس الشابّ أنّ تصعيد فرنسا حملتها ضدّ الإرهاب يجعلها تكسب موقعاً في فترة "تقاسم الكعكة" بعد التخلّص من المجموعات الإرهابيّة عبر تكريس مواقع نفوذ تحاول ملء الفراغ الناجم عن تقلّص سيطرة هذه التنظيمات. والرئيس الفرنسيّ يعلم أنّه يقود البلاد في عالمين دوليّ وأوروبّيّ مختلفين جدّاً عن العهود السابقة. في أيّار الماضي، زار الرئيس الفرنسيّ دولة مالي متعهّداً بتصعيد الحملة ضدّ التطرّف في منطقة الساحل الإفريقيّ "حتّى لا يعود هنالك من إرهاب". كما شدّد على ضرورة الدعم الاقتصادي لمالي كجزء من "كسب الحرب والسلم معاً". وبما أنّ المعركة ضدّ الإرهاب في مختلف القارّات هي جزء لا يتجزّأ من الحرب الطويلة ضدّه، يمكن للتصعيد العسكريّ الفرنسيّ الذي تحدّث عنه ماكرون في أفريقيا أن ينعكس إيجاباً على الخطط الأميركيّة في سوريا والعراق. وهذا ما شدّد عليه "مركز الدراسات الدوليّة والاستراتيجيّة".


شريك في الرؤية والتحدي والحل

وتشير مؤسّسة الرأي هذه إلى أنّ العديد من الجماعات الإرهابيّة الأفريقيّة حاولت أن تنشط في المنطقة التي عزّزت فرنسا حضورها العسكريّ فيها مثل "بوكو حرام" و "لواء الملثّمين" وغيرهما من المجموعات التي وضعتها واشنطن على لائحة الإرهاب. وقال وزير الدفاع الفرنسيّ السابق لودريان للمركز نفسه إنّ الولايات المتّحدة "شريك أساسيّ لفرنسا لأنّنا نتشارك في الرؤية والتحدّيات الأمنيّة نفسها والحلول التي نسعى إليها".

وأضافت المؤسّسة أنّه بعد فشل واشنطن العسكريّ في الصومال أواخر القرن الماضي، حاولت الولايات المتّحدة تفادي الانخراط الأمنيّ في أفريقيا، قبل أن تعود إلى القارّة بطريقة متوازنة حيث افتتحت في النيجر قاعدة للطائرات بلا طيّار بعد أن ساعدت فرنسا في بعض الأمور اللوجستيّة داخل مالي وجمهوريّة أفريقيا الوسطى. لذلك، إنّ تصعيد فرنسا عمليّاتها هناك، سيعزّز التعاون بين الطرفين في مواجهة الإرهاب.


نقل المعركة لمستوى آخر

لكنّ فرنسا تهيّئ لخطوات اخرى قد تكون أكثر فاعليّة وربّما أكثر إفادة للأميركيّين أنفسهم في المعركة المشتركة. وكتب دايفد دابتولا وجون دوراي في مؤسّسة الرأي "ذا ناشونال إنترست" أنّ تطوير وزارة الدفاع الفرنسيّة لمهام أسطول الطائرات بلا طيّار يشكّل إضافة للمعركة المشتركة ضدّ الإرهاب. فطائرات ال "أم كيو 9" التي اشترتها فرنسا من واشنطن سنة 2013، استخدمتها الأولى لعمليّات الاستطلاع وجمع المعلومات فقط، لكنّ تسليح هذه الآلات سينقل المعركة إلى مستوى آخر. فقد تعمد باريس خلال سنتين أو ثلاث إلى تحميلها صواريخ أوروبّيّة جو-أرض، فتكون قد انضمّت إلى الولايات المتّحدة وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا في تسليح طائراتها التي تتحكّم بها عن بعد.


ميزتان لتسليح "أم كيو 9"

ويشرح الباحثان في القوى العسكريّة الجوّيّة أنّ فرنسا كانت تعاني في عمليّاتها المتفكّكة من تضييع نسبيّ للوقت: فكان يجب عليها إيجاد الهدف وتحديد موقعه أوّلاً، ثمّ إرسال المعلومات إلى طائرات الرافال التي عليها أن تجتاز مسافات طويلة قبل الوصول إلى هدفها المنشود. ولاستخدام الأم كيو 9 في عمليّات القتل (بين 2019 و 2020 كما هو متوقّع) ميزتان: اختصار الوقت الأمر الذي يزيد فرص شنّ الهجمات عبر الاستعداد للقصف قبل تمكّن الهدف من تغيير نمط سلوكه. والثاني يؤدّي إلى تقليص احتمال وقوع أضرار جانبيّة وسقوط عدد من الضحايا المدنيين عبر إتاحة مزيد من الوقت لدراسة الهجوم. يأتي ذلك من خلال إعطاء المهاجم قدرة أكبر على التحكّم بقرار شنّ الضربة في المكان والزمان اللذين يحدّدهما بنفسه بدلاً من إرسال التعليمات إلى المقاتلات التي تحتاج زمناً غير قليل لدراسة الأمر وتنفيذه. وأشارا في نهاية المطاف إلى أنّ الخيار الفرنسيّ الجديد "يمكن أن يقلّص العبء الأميركي العالميّ في محاربة الإرهاب".






الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم