الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

صور من قلب الرقة... ذهول أمام الركام والفراغ

المصدر: أ ف ب
صور من قلب الرقة... ذهول أمام الركام والفراغ
صور من قلب الرقة... ذهول أمام الركام والفراغ
A+ A-

يقف بشار حمود (26 عاماً)، العنصر في قوات سوريا الديموقراطية، مذهولا في مسقط رأسه #الرقة، عاجزا عن التعرف على الأحياء والشوارع والساحات التي حفظها عن ظهر قلب، بعدما دمرتها اشهر من المعارك ضد تنظيم "#الدولة_الاسلامية".

تعكس ملامحه إحساسا بالهول لدى دخوله الاثنين، للمرة الاولى منذ اعوام، حي الرميلة المدمر في شمال شرق الرقة. ويقول: "اعتدت المجيء الى الرميلة، لان أخوالي كانوا يقيمون هنا، وكنت أدرس في كلية الآداب".

ويضيف: "اذا نزلت من السيارة الآن، فلن أعرف كيف أعود. كل شيء اختفى. نحن في الرميلة، لكن أين تحديدا في الرميلة؟ لا أعرف".

القصف حوّل منازل الحي المؤلفة بمعظمها من طبقتين أكواما من الركام. ويجوب مقاتلون من قوات سوريا الديموقراطية المؤلفة من فصائل كردية وعربية مدعومة من واشنطن، ازقة الحي التي تغطيها الحجارة المتناثرة والركام، وتخلو من أي مدنيين.


عند سماع دوي انفجارات لدى وقوع غارتين قريبتين، يقطب بشار حاجبيه، مبديا قلقه حيال مصير منزل عائلته في حي المعري الواقع على بعد 500 متر غربا، وما زال تنظيم "الدولة الاسلامية" يسيطر عليه. 

يقول: "أكان سلِم ام سوي بالارض، أمنيتي الوحيدة أن أرى بيتي. لكن ما اعرفه ان الحي لم يتحرر بعد". ويضيف: "يقول لي الرفاق انه قد يتحرر اليوم. اذا كان بيتي مدمرا، فستكون هذه بالتأكيد صدمة لي".

(أ ف ب) 


فر بشار مع عائلته من مدينة الرقة العام 2014، عند سيطرة التنظيم عليها. ثم عاد اليها في صفوف قوات سوريا الديموقراطية التي دخلت المدينة في حزيران، بعد نحو 7 اشهر من شنها هجوماً واسعاً في المحافظة بدعم من التحالف الدولي. وتشهد المدينة منذ 3 اشهر معارك عنيفة تتخللها غارات كثيفة للتحالف. وتوشك قوات سوريا الديموقراطية على السيطرة على المدينة التي كانت تعد ابرز معقل للتنظيم في سوريا، وتعمل حالياً على ملاحقة فلول مقاتليه في المربع الاخير في وسط المدينة.  


ويتداول المقاتلون المتحدرون من الرقة كيف استبدل التنظيم أسماء أحياء ومساجد معروفة منذ عقود بأسماء أخرى، خلال سيطرته على المدينة التي شكلت جزءاً من "الخلافة الاسلامية"، بعدما أعلن اقامتها على مناطق سيطرته في سوريا والعراق المجاور منتصف العام 2014. وبعدما كان السكان يعرفونه باسم حي الحكومة، اطلق التنظيم عليه اسم حي الحكمة، واستبدل تسمية مسجد الباسل بمسجد النور.  

(أ ف ب) 

بدورهم، بدل السكان تسمية دوار النعيم، حيث اعتاد التنظيم تنفيذ عمليات اعدام جماعية، مستعيضين عنها بتسمية دوار الجحيم. عند المدخل الشرقي للمدينة، يشير بشار الى علمين كبيرين معلقين، الاول لقوات سوريا الديموقراطية، والثاني لوحدات حماية الشعب الكردي، المكون الاساسي في صفوف هذه القوات.  


يقول: "كان هناك علم اسود عليه العبارة المعروفة "دولة الاسلام في العراق والشام". والآن اصبح علم قوات سوريا الديموقراطية والالوان ترجع" الى المدينة. ورغم طرد التنظيم من 90 في المئة من مساحة المدينة، تبقى الاحياء المدمرة والمتضررة خالية من سكانها، بينها حي المشلب القريب.  


ويضيف المقاتل الشاب: "صدمت عندما دخلت للمرة الاولى الى الحي. الأسواق فارغة، كأننا عدنا اكثر من 100 سنة إلى الخلف". وكان المشلب أول حي دخلته قوات سوريا الديموقراطية في الرقة في حزيران، وهو الحي الذي يتحدر منه المقاتل فاهد المشلبي. 


وعند دخول قوات سوريا الديموقراطية الحي، قرر فاهد الذي كان يقيم حينها في مخيم للنازحين شمال الرقة، الانضمام الى صفوف مقاتليها لطرد التنظيم من مدينته. ويقول وهو يقف عند الاطراف الغربية لحي الرميلة: "لم أذهب الى حي المشلب بعد. نريد أن ننتهي من هذه الجبهة هنا".   

ويضيف: "والله انسونا الحي. لم أعرفه ابداً. الشارع الذي كنا نعرفه محوه تماماً"، لافتا الى انه بالكاد يتعرف على المحال والاماكن التي اعتاد ارتيادها.

(أ ف ب) 

بخلاف كل من بشار وفاهد، تمكن خالد من معاينة ما تبقى من منزله في حي الدرعية في غرب المدينة. ويتحدر المقاتل البالغ 39 عاماً من بلدة مسكنة في ريف حلب الشرقي، لكنه اعتاد قضاء اجازاته الصيفية خلال طفولته في الرقة، حيث التقى لاحقا زوجته وعقد عليها قرانه. ويقول بحنين: "الرقة كانت عروس الفرات"، مستعيداً الليالي التي كان يقضيها مع اصدقائه على ضفاف النهر جنوب المدينة.  


فر خالد مع زوجته واولاده من الرقة مع سيطرة التنظيم المتطرف عليها، وبعد قتاله في صفوف قوات سوريا الديموقراطية لاسابيع عدة. وتمكن من دخول حي المشلب للمرة الاولى قبل اسبوع. ويقول بحسرة: "صدمت والله. هذا ليس حيي. ذهبت الى بيتي، ولم يكن بيتي". ويضيف: "الآن لا توجد الا الجثث... من لا يعرف البكاء فليأت الى الرقة ليتعلم".   


ولم يجرؤ خالد على اخبار زوجته بما آل اليه منزله. ويتدارك: "والله العظيم أخبرت زوجتي ان البيت ما زال موجوداً، وكل الأغراض في مكانها، والصور معلقة على الجدران، وان الله حامي هذا البيت". ويضيف بحزن: "ماذا يمكن أن اقول لها؟ سادعها تعيش الكذبة".  



الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم