الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

عبد الناصر يرفض مشروع روجرز و5 عروض للسلام لانها لا تحرر كل الاراضي

المصدر: "النهار"
Bookmark
عبد الناصر يرفض مشروع روجرز و5 عروض للسلام لانها لا تحرر كل الاراضي
عبد الناصر يرفض مشروع روجرز و5 عروض للسلام لانها لا تحرر كل الاراضي
A+ A-
قابل جمال عبد الناصر الضغوط التي تعرضت لها مصر بعد هزيمة العام 1967، بزيادة الاعتماد على الاتحاد السوفياتي على نحو اتاح قبول السوفيات بمرابطة قوات لهم في مصر، في وقت كلف وزير الخارجية الاميركي ويليام روجرز الاهتمام بأزمة الشرق الاوسط من خلال ما عرف ب"مبادرة روجرز". وتلقى عبد الناصر مجموعة من عروض السلام ومحاورة الاسرائيليين بلغت خمسة، شارك فيها الايطاليون والرومان واليوغوسلافيون ويهود غير مسؤولين، وقد رفضها الرئيس المصري كلها لانها لا تؤدي الى السلام العادل الذي يعني انسحاب اسرائيل من كل الاراضي العربية المحتلة، بما فيها القدس. وفي هذا الفصل من كتاب محمد حسنين هيكل "عواصف الحرب والسلام" وثائق وتفاصيل اخرى، وتنشره "النهار" بترتيب خاص مع "دار الشروق" في القاهرة. 5 نيكسون "مصير الاتحاد السوفياتي كقوة عظمى مرهون هنا على جبهة السويس" (جمال عبد الناصر في تقدير موقف عام 1969) على رغم كل الاتصالات والمذكرات والرسائل والرسل، لم يكن هناك حل او امل في حل طالما كان ليندون جونسون رئيساً في البيت الابيض. وبصرف النظر عما يمكن ان تقوله وزارة الخارجية او تقوله اوراق صادرة عن البيت الابيض نفسه، فإنّ العلاقات المباشرة بين إسرائيل واصدقائها من ناحية، والرئيس الأميركي ليندون جونسون من ناحية أخرى، ظلت هي العنصر المسيطر على القرار الأميركي. واشتدّ سباق السلاح بصفقات اميركية لاسرائيل، وصفقات سوفياتية لمصر وسوريا والعراق. واحتدمت حرب استنزاف اعتبرها كل المراقبين والمحللين الدوليين جولة مستقلة من جولات الحرب العربية - الاسرائيلية. كانت اسرائيل - وجونسون وراءها - مصمّمة على حل يبدأ من الامر الواقع المفروض باحتلال اراض لثلاث دول عربية. وكانت مصر مصمّمة من ناحية اخرى على ضرورة تغيير هذا الامر الواقع، وكان اعلانها عن نياتها ابقاء المواجهة حية باستمرار على خط قناة السويس. وفي الاشهر الاخيرة من رئاسته حاول ليندون جونسون محاولة اخيرة في ازمة الشرق الاوسط، ولم تسفر محاولته عن نتيجة لان مسار الحوادث خصوصاً بحرب الاستنزاف تخطى وتعدى اي محاولة من نوع ما كان يمكن ان يقوم به رئيس اميركي تقترب رئاسته من نهايتها دون ان يكون واحداً من المرشحين المتنافسين على مدة رئاسة ثانية. ودخل ريتشارد نيكسون الى البيت الابيض تراوده هو الآخر مثل آخرين سبقوه حلم محاولة جديدة لصنع السلام في الارض المقدسة. وكان اشتداد حرب الاستنزاف هو الداعي الرئيسي لجعل محاولته للوصول الى حل لازمة الشرق الاوسط هي اكبر المحاولات واقربها الى امكان تحقيق شيء. وعندما جلس نيكسون على مقعده في المكتب البيضوي وجد امامه ازمتين: فيتنام والشرق الاوسط. وفي مجال السياسة الخارجية فقد وجد بجانبه رجلين: هنري كيسينجر مستشاره للامن القومي، وويليام روجرز وزير خارجيته. وكان قراره ان يفوّض الى كل واحد منهما علاج ازمة، يعهد الى كيسينجر في ازمة فيتنام، والى روجرز في ازمة الشرق الاوسط. وكانت صورة ما يجري في واشنطن مرئية في القاهرة. ورأى جمال عبد الناصر ان مرحلة من العمل انقضت، وثبت فيها لكل الاطراف ان الشعب المصري تقبّل حقيقة الهزيمة ولم يعتبرها نهاية التاريخ. كما انه في الوقت عينه تقبّل منطق ان ما أُخِذ بالقوة لا يستردّ الا بالقوة، ورضي بتحمّل التكاليف. وبالتالي فان الموقف المصري لم يتساقط كما كانت تتوقع اسرائيل وجونسون، ولم تقبل سلاماً بأي ثمن كما انتظر كلاهما. وانما على نقيض ذلك تصاعدت مصر بحرب الاستنزاف واعدّت نفسها للعمل السياسي. وكان السوفيات بعد طول اتصالات من خلال اجتماعات الدول الاربع الكبرى في نيويورك (طوال النصف الثاني من 1967 وكل عام 1968) قد توصلوا الى نتيجة مؤداها ان اسرائيل ليست مستعدة لحل عادل، وان العرب - وفي مقدمهم مصر - ليس امامهم الا ان يخوضوا في شكل ما معركة للضغط بالسلاح.  بعد اشهر من تولّيه منصب وزير الخارجية وتكليفه مهمة ازمة الشرق الاوسط، كان ويليام روجرز يعدّ مشروعه الذي اشتهر باسمه وهو "مشروع روجرز". وكان "مشروع روجرز" على حدّ ما كتب ويليام كوانت، وهو احد مستشاري وزير الخارجية الذين شاركوا في وضع المشروع، يحتوي على مقدمة عامة قصيرة تشرح ان الهدف منه هو تحقيق اتفاق تعاقدي بين مصر واسرائيل، يجري التوصل اليه في اشراف المبعوث الدولي السفير غونار بارينغ، وتوضع تفاصيله بين الاطراف بالطريقة التي اتبعت في مفاوضات رودس عام 1949 (لا يلتقي الاطراف وجهاً لوجه، وانما يتحرك الوسيط الدولي بينهم لتقريب وجهات النظر وتحديد نقاط الاتفاق). ثم كانت النقاط التي يشملها المشروع بعد ذلك كما يلي: 1- ان الجمهورية العربية المتحدة واسرائىل سوف تتفقان على جدول توقيتات لاتمام انسحاب القوات الاسرائيلية من اراضي الجمهورية العربية المتحدة التي احتلت بالحرب. 2- ان حالة الحرب بين الجمهورية العربية المتحدة واسرائيل تنتهي رسمياً، ويتعهد الطرفان الامتناع عن اي نشاطات لا تتفق مع حالة السلم بينهما، وهذا يتضمن الامتناع عن اعمال العدوان، ويلتزمان ميثاق الامم المتحدة. 3- يتفق الطرفان على انشاء مناطق آمنة وحدود معترف بها على خرائط ملزمة، مع ضمان حرية الملاحة في مضايق تيران. 4- ان الطرفين خلال محادثات غير مباشرة على اساس نموذج رودس سوف يتوصلان الى اتفاق على المناطق المنزوعة السلاح، وعلى اجراءات حرية الملاحة في مضيق تيران، وعلى مصير قطاع غزّة. 5- وسوف يتفق الطرفان على الطريقة التي تحقق حرية الملاحة في مضايق تيران امام كل الدول بما فيها اسرائيل. 6- وفي ممارستها حق السيادة على قناة السويس، فان الجمهورية العربية المتحدة تعترف بحرية الملاحة لكل الدول، ودون تدخل في حرية المرور للجميع بما فيهم اسرائيل. 7- يتفق الطرفان على حل عادل لمشكلة اللاجئين مربوطاً بحل نهائي بين الاردن واسرائيل. 8- تعترف الجمهورية العربية المتحدة واسرائيل بحق كل منهما في السيادة والاستقلال السياسي والعيش في سلام. 9- ان الاتفاق النهائي سوف يجري توقيعه على وثيقة يوقعها كل من الطرفين وتودع الامم المتحدة، ويسري مفعولها منذ ساعة تسليمها السكرتير العام للامم المتحدة. 10- ان الطرفين سوف يضعان اتفاقهما النهائي امام مجلس الامن للمصادقة عليه. وتتعهد الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وبريطانيا العظمى وفرنسا اعطاء تأييدها لهذا الاتفاق. ولم تقبل اسرائيل بالمشروع، بل اعلنت رفضها له. ولم تقبل مصر بالمشروع ايضاً، وانتظرت ان يجيء الرفض ابتداء من اسرائيل. لكن الموقف في المنطقة راح ينتقل من حالة الجمود الى حالة سيولة دقيقة وخطرة.  ولم يقبل جمال عبد الناصر مشروع روجرز لاسباب عدة، في مقدمها ان المبادرة كانت قاصرة على حل مصري بحت، وهذا شرط اساسي يلغي كل تفصيل بعده. كان القرار 242 الصادر عن مجلس الامن يضع اطاراً عاماً لمبادئ للتسوية في الشرق الاوسط تنطبق على كل الجبهات. واما مبادرة روجرز فقد كانت موجهة الى الجبهة المصرية وحدها. وفضلاً عن ذلك المنظور العام، فقد كانت في مبادرة روجرز نقاط لم يكن جمال عبد الناصر مستعداً لقبولها مثل قضية الملاحة في الممرات المائية المصرية. ومن الواضح انه كان قد نزل عند حكم الضرورات، واتجه الى انه - في مواجهة اجماع دولي عام - لا يستطيع ان يمنع الملاحة الاسرائيلية من خليج العقبة. واما قناة السويس فقد كان رأيه انها ليست لهذه المرحلة، وانما يجيء دورها عند الكلام على التسوية الشاملة بما فيها تسوية مشكلة الاراضي ومشكلة اللاجئين. وكانت حجته الظاهرة ان استخدام اسرائيل قناة السويس سوف يعرض القناة لخطر الاحتكاك مع مدن مصرية حاشدة بالسكان متصلة مباشرة بضفتيها مثل السويس والاسماعيلية وبور سعيد، وذلك سوف يؤدي الى مشاكل سوف تؤثر على الملاحة وحتى على سلامة القناة. ومن ناحية اخرى فان جمال عبد الناصر لم يشأ اعلان رفضه المشروع، وآثر ان يترك اعلان الرفض لاسرائيل لاسباب كثيرة: 1- ان الموقف العربي بصفة عامة كان يتحسّن. فقد جرت محاولة لبناء جبهة شرقية شارك في قيادتها كل من سوريا والعراق، وهو يريد ان يعطي هذه القيادة فرصة لتعزيز دورها دون ان يستدعي هجمة سياسية ودعائية على هذه الجبهة تثير القلق في اطرافها قبل ان تتوثّق صلات هذه الجبهة الشرقية بالجبهة الجنوبية التي تقف عليها مصر. اضافة الى ذلك، فان الموقف العربي العام تحسّن بقيام ثورة السودان في مايو (ايار) 1969 وقيام ثورة ليبيا في سبتمبر (ايلول) 1969. وكان يريد ان يعطي لهذين النظامين ايضاً فرصة تثبيت سلطتيهما قبل ان تتعرض الخرطوم وطرابلس لضغوط اميركية، خصوصاً ان ليبيا كانت فيها قواعد...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم