الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"أبونا" سيدريك يمارس اليوغا... "الشيطنة" غير محقة "وهذا ما يجعلنا فاشيّين"

المصدر: النهار
هالة حمصي
هالة حمصي
"أبونا" سيدريك يمارس اليوغا... "الشيطنة" غير محقة "وهذا ما يجعلنا فاشيّين"
"أبونا" سيدريك يمارس اليوغا... "الشيطنة" غير محقة "وهذا ما يجعلنا فاشيّين"
A+ A-

هندي، من ارض الهند السخية. ولد هناك، ونشأ هناك "ككاثوليكي". العام 1974، انضم الى #الرهبانية_اليسوعية، و"انا سعيد وفخور بانني يسوعي وكاثوليكي، وايضا بانني هندي"، يقول. لا يعود الى طفولته عبثا. الاسئلة التي يطرحها تفتح طريقا مباشرا الى الموضوع، تحرك بحثا في الايمان المسيحي.   

(أ ب) 


"ما الامور التي تعلمتها خلال طفولتي عندما كنت لا ازال تلميذا في المدرسة؟ تعلمت بعض الاسئلة المهمة. من خلقك؟ وكان جوابي، الله خلقني. لماذا خلقني؟ خلقني لاعرفه، لاحبه، لاخدمه، ولاكون معه سعيدا في العالم الآخر. اين الله؟ تعلمت، واؤمن بان الله في كل مكان. الهي موجود هنا، في الكنيسة، وايضا عندما اسير في الغابة، او اركب الدراجة الهوائية، او اقود سيارة، او عندما ازور مسجدا او معبدا. لا استطيع ان اقول ان الله ليس موجودا هناك. لذا سؤالي الاول: هل اؤمن بان الله، الهي، موجود في كل مكان؟ وجوابي هو نعم، اؤمن بان الله موجود في كل مكان".  


اول نقطة جوهرية يستحضرها الاب براكاش... قبل ان يتدارك بسرعة: "اذا كنت مستعدا فقط لقبول هذا البعد الاساسي لايماني، فهل أستطيع ان افهم ماهية ايماني؟" يخرج من بين اوراقه الرسالة العامة البابوية "كن مسبحا" التي اصدرها البابا فرنسيس العام 2015، معللا الفكرة، مثبتا اياها بامثلة موجهة بتساؤلات للتفكير فيها.  

(الاب براكاش خلال حديثه الى "النهار")

مزيد منها. "هل ايماني سطحي؟ ضعيف؟ متزعزع؟ هل يقوم فقط على الذهاب الى الكنيسة او زيارة مزار؟ هل هو بنية؟ هل هو شعائر؟ كل هذا جيد، ولكن هل هو عميق، قوي، متجذر في القلب؟" ويتدارك: "هل يتدمر ايماني اذا جاء احدهم وقال انه يمارس اليوغا؟ ام عليّ ان ادمره وادينه، لانه مختلف، واقول انه من اعمال الشيطان؟"


الموقف لا مسايرة فيه. هذه الادانة، هذا التصرف "يحزن" للغاية الاب براكاش، "لانه ليس مسيحيا اطلاقا. وهذا ما يجعلنا فاشيين. هذا ليس من المسيحية، ليس من يسوع المسيح". هذا الراهب الآتي من ارض اليوغا يعرف جيدا ماهيتها. "اليوغا وجدت قبل قرون عدة من عهد يسوع المسيح. انها قديمة جدا. انها تمرين جسدي، وايضا نظام عقيدة. انها فلسفة وروحانية معا".  


مهلا. قبل ان يضيف كلمة اخرى، يخرج من جيبه "مسبحة" الوردية بنيّة. "المسبحة لم تكن مسيحية في الاصل. اصولها شرقية، من التقليد العربي. وقد اعتمدها المسيحيون في مرحلة لاحقة"، يشرح. "ونجدها ايضا في اليابان والصين وفي العديد من الدول. المسيحية اعتمدت المسبحة لصلاة الوردية في وقت لاحق".  

هل هذا سيىء؟ الجواب بديهي. "لا، ليس سيئا، لانني اصلي الوردية، وافكر في يسوع المسيح. المسيحيون اعتمدوا تقليدا لم تكن في المسيحية اصلا. لم يقل يوما يسوع المسيح بان نصلي الوردية. وبالتالي هناك ممارسات عديدة في المسيحية، لا سيما شرقية، وكانت تقليدا وثنيا. لكن المسيحيين اعتمدوها واعطوها طابعا مسيحيا". ما يريد قوله باختصار هو ان الامر نفسه يمكن اعتماده في اليوغا. "مسحنة" اليوغا.   

"هذا الهجوم ليس محقا"

عنصران اساسيان فيها، "الاول تمرين جسدي يساعد في الاسترخاء، وان يستجمع المرء ذاته، ويتأقلم عبر ترك الامور وراءه". عفويا، يتمدد الاب براكاش على الارض، مبينا طريقة تطبيق التمرين عمليا. ويتابع الشرح: في العنصر الآخر، هناك "فائدة روحية" تتمثل، مسيحيا، "عبر استحضار اسم يسوع المسيح" خلال التمرين.


منعا لاي فهم خاطىء او سوء ظن، يرفض الاب براكاش التقنيات التأملية التي تجعل الـ"أنا" محور التأمل، وليس الله. الأنا تصبح الاله. "لا، التأمل الذي يجعل الأنا محوره، لا يتوافق اطلاقا مع المسيحية. المسألة هي كيفية استخدام تقنية للتأمل يكون يسوع المسيح محورها، من اجل التقرب من الله. هل يمكن ان استخدم تمرينا للتنفس والاسترخاء لهذه الغاية؟ نعم".     

 وها هو يركع. حتى الجلوس ركوعا للصلاة والتأمل "لديه اصول آسيوية او شرقية مختلفة"، على ما يلفت. "أصلي هكذا، ويمكن ان ابقى ساعات عدة في هذه الوضعية. لكن لا علاقة لها بالمسيحية، اذ انها وضعية "زِن" اصلا. هكذا يصلي الهندوس، والبوذيون، والمسلمون، واليهود..."، وايضا المسيحيون.  


ان يحكم بعضهم على هذا او ذاك بالخير او الشر مرده، في رأيه، "شعور لديهم بان سلطتهم او سيطرتهم مهددة". عندما قرأ الخبر في الجرائد اللبنانية عن اتهام ممارسي اليوغا بالممارسات الشيطانية، صُدِم، ولم يفهم! "هذا الهجوم ليس محقا. اولا المسيحيون مدعوون الى المحبة والرحمة. هل من يمارسون اليوغا عنيفون؟ يتوجب علينا ادانة العنف والكره. ولكن اذا كانت اليوغا تساعد الناس على ان يكونوا افضل، لماذا ندينها؟ هل تعلمهم الزنى والقتل... او عدم الايمان بيسوع المسيح؟ ما تعلمهم اياه هو الاسترخاء".   


"هل لدي ايمان عميق؟" 

منذ نشأته، مارس هذا الراهب اليسوعي اليوغا، ولا يزال. "انها تساعد المرء على الاسترخاء، على ان يكتسب سلوكا معينا. وممارستها لا تعني اطلاقا الايمان بالمعتقد الهندوسي او البوذي وغيره...". يريد الجميع ان يفهموا ان اليوغا بتمارينها الجسدية، "متوافقة كليا مع المسيحية". ويطمئن: "بالتأكيد يمكن المسيحي ممارسة اليوغا كتمرين جسدي. ويمكن ممارسة تقنياتها التأملية باعطائها الطابع المسيحي"، اي عبر جعل يسوع المسيح او الله محورها.


اما الاستناد الى وثيقتي "في بعض مظاهر التأمل المسيحي" (1989) و"يسوع المسيح الحامل الماء الحي" (2003) لشيطنة اليوغا، ليس في محله. في الوثيقة الاخيرة، "لا ادانة اطلاقا لليوغا"، وما تتكلم عليه هو الـ"نيو آيج" وممارسات السحر والمعتقدات الخرافية وغيرها...".  

 الله موجود في كل مكان. وبالتالي "يمكن ان يكون موجودا في اليوغا". الامر بهذه البساطة بالنسبة اليه. ما يقصده هو "الهي الموجود في كل مكان، الاله الذي اؤمن به". وحذار. "اذا اصبح ايماني سطحيا، فعندئذ يمكن ان اصبح هندوسيا او بوذيا او آخر. السؤال الجوهري: هل لدي ايمان عميق، متجذر في الصميم، بحيث يستطيع ان ينفذ الى الآخرين؟"  


البداية والنهاية. ما يريد الاب براكاش ايصاله بإصرار هو الله، يسوع المسيح الذي "أُضْجِع في مزود عند ولادته"، يسوع "الفقير، المتواضع، النازح واللاجىء...". ويتساءل: "هل من العدل للمسيحية ان نعتمد حياة غنى وقصور؟ لم يعش هكذا المسيح. اذا اردنا اتباعه، فلنفعل ذلك بطريقة مختلفة كليا". يعود كل ثوان الى رسالة البابا، ليستمد منها فكرة جديدة، ليلفت الى "عبادات اخرى نشهدها في المسيحية، لا سيما عبادة المال والرأسمالية وغيرها". ما يخشاه هو ان "ثمة مسيحيين باتوا لامبالين للانسانية، انانيين. وهذا معيب".  


المناقشة مفتوحة على مصراعيها. "هل نعيش مسيحيتنا كما يجب، من اجل خير العالم، وكما يدعونا اليها يسوع المسيح؟ هل نؤمن حقا بيسوع المسيح؟ هل نحن بالفعل صانعو سلام؟ هل نشهد حقا للتعاليم التي علمنا اياها؟" ويبقى سؤال اخير ملح و"جوهري". "لماذا اليوغا تجذب الناس، خصوصا الشباب؟ هل المسيحية توفر لهم السلام الذي يبحثون عنه؟ ولماذا تخف اعدادهم في الكنائس؟ علينا ان نسأل انفسنا ذلك".     

[email protected]


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم