الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

فيلمون وهبي رسّام اللحن والضحكة السوداء

المصدر: "النهار"
Bookmark
فيلمون وهبي رسّام اللحن والضحكة السوداء
فيلمون وهبي رسّام اللحن والضحكة السوداء
A+ A-
بدأ فيلمون وهبي حياته الفنية مغنياً، ثم انتقل سريعاً إلى التلحين من دون أن يدرس الموسيقى وقراءة النوتة، واشتهر بألحانه الشعبية منذ مطلع الخمسينات، كما عُرف كصوت كوميدي محبّب في العديد من البرامج الإذاعية. استمر في العطاء مدى أربعة عقود من الزمن، وترك إنتاجاً غزيراً ينتظر من يجمعه ويصنّفه ويؤرّخه. بعد مرور خمسة وعشرين عاماً على رحيله، نتذكّره ونحاول استكشاف محطات مشواره الطويل، من البدايات المجهولة إلى عصر الشهرة الواسعة. في حديث يعود إلى عام 1962، استعاد فيلمون وهبي مرحلة البدايات وقال إنه ولد في كفرشيما، من ضواحي بيروت، وتلقى علومه في كلية الشويفات، وإنه كان فاشلاً في الدراسة بسبب ولعه بالموسيقى والعزف على العود، وهذا ما دفعه إلى ترك المدرسة وحمل العود إلى محطة القدس في فلسطين. حدث ذلك في عام 1937، وكان يومذاك فيلمون مغنياً يردد المواويل البغدادية والأدوار القديمة وألحان سليم الحلو. عاد المطرب الشاب إلى لبنان إثر نشوء ثورة فلسطين الأولى، ودخل "راديو لوفان"، أي إذاعة بيروت، وفيها راح ينشد من ألحان ميشال خياط ونجيب الشلفون، واستمر في الغناء أربع سنوات. ثم طار إلى يافا ليعمل في محطة "الشرق الأدنى"، وهناك بدأ بالتلحين بتشجيع من محمد الغصين وأحمد الجرار، وكان لحنه الأول "على مهلك يا مسافر"، ولحنه الثاني "حملتني فوق الألم" بصوت مطربة لبنانية تُدعى حنان، وتبعهما لحن "بابا ما دريش بي" بصوت نجاح سلام، ثم كرّت الألحان، ودخل معها فيلمون إلى جميع الإذاعات العربية.تزوج فيلمون في تلك الحقبة من مطربة شقراء غنّت على المسارح وذاقت النجاح، وكان اسمها الفني "تغريد الصغيرة"، وهي جانيت خوري. نرى صورتها على غلاف مجلة "الإذاعة" اللبنانية في تموز 1948، ونقع على خبر من عام 1949 في المجلة نفسها يقول: "عادت من بغداد المطربة الحسناء تغريد، وزوجها الملحن السيد فيلمون وهبي بعد أن عملا في مسرح روكسي ببغداد مدة ثلاثة أشهر متواصلة، وأذاعا حفلات غنائية أسبوعية طوال هذه المدة من محطة الإذاعة العراقية، ويقول السيد وهبي إنه كثير الإعجاب بالخلق العراقي وبالفنانين العراقيين الذي تعاون منهم أثناء وجوده هناك، وأن بغداد قدّرته فنياً أكثر من أي بلد آخر، وكان يودّ البقاء في العراق لولا أن زوجته حامل، وقد رغبت في أن تضع مولودها البكر في كفرشيما مسقط رأس السيد وهبي". لا نجد أي تسجيل متداول لتغريد الصغيرة اليوم، كما أننا لا نسمع صوت فيلمون "المطرب" إلا في لوحة غنائية من اللون البدوي من تسجيلات إذاعة دمشق شارك فيها فيروز وعاصي وحنان، عنوانها "من وحي الخيام"، وهذا العمل غير مؤرخ، إلاّ أن أسلوبه الموسيقي وصوت فيروز الفتي يشيران إلى عام 1952 على الأرجح. ويبدو أن تجربة فيلمون مع الغناء انتهت في القاهرة في تلك السنة. يذكر انه سجّل أغنيات بصوته لإذاعة القاهرة كما ذكر في عام 1962، وأضاف معلّقاً بسخرية: "سجلت أغنياتي لإذاعة القاهرة، وعندما سمعها الناس لعنوني ولعنوا الذي كان سببي"، وصارت الإذاعة تدرجها "بعد أن ينام المستمعون ويشخر المذيعون". بائع الألحان المتجولعرف فيلمون الشهرة كملحّن في النصف الأول من الخمسينات، تشهد لهذا النجاح مقالة كتبها سليم اللوزي في أيلول 1955 يوم كان مراسلاً لمجلة "الكواكب" المصرية. تحت عنوان "فنان لبناني يبيع الألحان على قارعة الطريق"، تحدث اللوزي عن انتشار الأغاني اللبنانية في بغداد، وفي مقدمها "دخل عيونك حاكينا"، "أبجد هوز اسمع مني لا تتجوز" و"برهوم حاكينا"، ثم روى حكاية ملحّن هذه الأغاني، وقال: "قصة فيلمون وهبي من أحلى القصص. قابلته أول مرة في مدينة يافا بفلسطين عام 1944، وكنت يومها أشغل منصب المساعد العام لمدير البرامج العربية في محطة الشرق الأدنى"، "انطلق الفنان القادم من القرية، في مسارح وملاهي تل أبيب يفتح أذنيه لكل نغمة موسيقية، ثم يعود مع آخر الليل من تل أبيب إلى يافا مشيا إلى الأقدام، وهو يغني الميجانا أو العتابا أو أبو الزلف"، "وعاد فيلمون وهبي الى لبنان، واشتغل بائعا متجولا للألحان اللبنانية التي كان يصنعها، وهو يأكل رغيفاً ويضع حبّات من الزيتون، في قريته القائمة على كتف الرابية التي تطل على بيروت. وكان يشعر أن الاغنيات التي يصنعها هي ألحان بازارية، اي شوية أنغام مصرية مخلوطة بشوية أنغام لبنانية ومثلها أنغام عراقية، إلى أن حدث ذات يوم أن ذهب فيلمون وهبي إلى مبنى دار البريد والبرق في بيروت ليسأل اذا كان هناك باسمه حوالة أو رسالة أو خبر يهدّي به معدته ومعدة أمه الصابرة في القرية. وهناك على أرض مبنى...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم