الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

داء الصرع ... علاجات متطوّرة تعطي أملاً

ليلي جرجس
ليلي جرجس
داء الصرع ... علاجات متطوّرة تعطي أملاً
داء الصرع ... علاجات متطوّرة تعطي أملاً
A+ A-

نسمع كثيراً عن داء الصرع والنوبات المزعجة التي ترافق المصاب به بكل اختلافاتها. كما يحدث كثيراً أن نكون شاهدين على إحدى هذه النوبات، سواء أكانت جزئية أم شاملة ونجهل كيفية التصرف في موقف كهذا. أسئلة كثيرة تطرح عن مرض الصرع وتكهّنات واعتقادات خطأ نعيش على وقعها؛ بعضهم يقول إنه مسّ شيطاني، فيما يرجّح البعض الآخر الإصابة بالجنون. كثُرت التأويلات حول هذا المرض في الماضي، لكنه اليوم أصبح مرضاً كباقي الأمراض التي يمكن التعامل معها طبّياً. لكن كيف نشخص داء الصرع وما هي أنواع الصرع وعلاجاته، وهل حقاً يمكن الشفاء منه؟

تستهلّ الاختصاصية في أمراض الجهاز العصبي وداء الصرع جانين الحلو حديثها، بتعريف مرض الصرع بالقول: "تنتج نوبات الصرع من تفريغ كهربائي للخلايا العصبية الدماغية، التي تكون في حالة تهيّج مفرطة يمكن تشبيهها بعاصفة كهربائية، وينتج من هذه النوبة أحاسيس وحركات خارجة عن إرادة المصاب. وهي تُصيب 0.5 إلى 10% من الناس خاصة الأطفال والمسنّين".

أنواع النوبات ودلالاتها

وفق الحلو يُقسّم داء الصرع إلى نوعين:

* النوبات الجزئية:

تبدأ في منطقة معيّنة من الدماغ وتنتشر داخل شبكات صرعية تخصّ نصفاً واحداً من الدماغ، فيما تختلف أعراضها بحسب المنطقة المصابة، وأحياناً تصعب معرفة أنها نوبة صرعية. كذلك يمكن للنوبة الجزئية أن تتحوّل إلى نوبة الصرع العامّة، إذ تبدأ العاصفة الكهربائية في منطقة معينة من الدماغ لتنتشر بعد ذلك في باقي الدماغ.

أما أعراضها فلا يمكن اختصارها بسهولة؛ تقلصات وارتعاشات في الأعضاء، تحرّف صوتي وبصري، مشاكل في الحواسّ، مشاكل في المعدة، شعور بالخوف، غياب ظرفي للاتصال مع الواقع، حركات آلية وتلقائية بغير هدف، مضغ...

* النوبة العامّة:

تبدأ بنقطة معينة داخل الدماغ، لكنها تشمل بسرعةٍ قصوى شبكات صرعية تخصّ الدماغ بأكمله. وفي هذا القسم تتعدد أنواع النوبات العامّة وأهمّها - وفق اختصاصية الأمراض العصبية وداء الصرع:

- النوبة الكبيرة أو النوبة العامّة التشنجية الاختلاجية: وتختصر عوارضها بفقدان الوعي والسقوط، تصلّب عضلي عام، تشنج واختلاج إيقاعي، كثرة الإفرازات اللعابية، غيبوبة واسترخاء عضلي، تبوّل لا إرادي أو خروج براز، تقيؤ، ارتباك عند اليقظة، علماً أنّ المصاب لا يذكر شيئاً عن النوبة. وتتراوح مدة النوبة بين دقيقة إلى 4 دقائق قبل استرجاع حالته الطبيعية بعد نصف ساعة تقريباً.

- النوبة الصغيرة أو نوبة التغيّب: ومن أهمّ عوارضها انقطاع مؤقت عن التواصل مع الغير، مع حالة شرود مدّتها أربع ثوانٍ إلى عشرين ثانية، تبقى خلالها العينان مفتوحتين مع استعادة مباشرة للوعي وللنشاط. وهذا النوع من النوبات يحدث غالباً عند الأطفال ويختفي عند المراهقة.

وتعدّ النوبات الجزئية أكثر شيوعاً من النوبات العامّة. وتشدّد الحلو على أهمية التشخيص لمعرفة ما إذا كان الشخص يعاني داء الصرع، من خلال إجراء فحوص عدّة تشير إلى احتمال حدوث نوبات صرع عند الشخص أو حال حدوث نوبتين أو أكثر.

أما أسباب الصرع، فتُشير الحلو إلى أنّ هناك "أسباباً عدّة للصرع أهمّها وراثية، نقص أوكسجين عند الولادة، الآفات الدماغية نتيجة أورام، صدمات إضافة إلى المشاكل المتابولية (Metabolic disorders)، فيما مسببات أو محفزات النوبات تكون نتيجة عدم التزام العلاج، قلة النوم، الإرهاق، الكحول، التعب النفسي، الإنارة المتقطعة، لكن أحياناً تحصل النوبات تلقائياً دون مسبب مباشر.

أهمّ العلاجات:

يختلف العلاج حسب نوع الصرع بنوباته الجزئية أو الشاملة، ويجب التشخيص جيداً حتى نعرف نوعه للمضيّ بالعلاج. نلجأ أولاً إلى أدوية داء الصرع (يمكن إعطاء دواء أو أكثر حسب تحسّن حالة المريض وكيفية تفاعل الدواء مع جسمه)، لكن أحياناً نقع في مشكلة عندما تصبح النوبات مقاومة للأدوية التي تفقد فاعليتها على جسم الإنسان ودورها في تخفيف حدّة النوبات أو عددها. وفي هذه الحالة يمكن اللجوء إلى طرق علاجية أخرى، منها:

* العلاج الجراحي: يكون في حالة النوبات الجزئية، ولكن نقوم أولاً بدراسات قبل العملية للتأكد من إمكان استئصال ما تُسمى البؤرة الصرعية، أي المنطقة التي تسبب النوبات دون التأثير على وظائف رئيسة كالنطق والبصر والذاكرة. وفي هذه الحالة يمكن الشفاء من داء الصرع بنسبة عالية.

*جهاز تحفيز العصب الهائم (VNS): حال عدم إمكان إجراء عملية جراحية استئصالية، نلجأ إلى علاج جراحي من نوعٍ آخر هو تحفيز العصب الهائم، من خلال بطارية توضع تحت الجلد وتوصل بالعصب الهائم. وهذا الجهاز بإمكانه تخفيف عدد النوبات وحدّتها على المريض، لا تشفي كلياً لكن هذه العملية تحسّن نوعية الحياة عند مريض الصرع.

* هناك علاجات أخرى مثل الرجيم الكيتوني (The ketogenic diet) الغني بالموادّ الدهنية مع القليل من الموادّ الكاربوهيدرية، الذي يكون فعّالاً في بعض الحالات. وهي تساعد كثيراً، لا سيما عند الأطفال في تخفيف النوبات وحدّتها.

إرشادات طبّية أثناء نوبة الصرع

نسمع كثيراً عن ضرورة وضع قلم أو ملعقة داخل فم المصاب لعدم ابتلاع لسانه، لكن تبيّن أنّ هذا الاعتقاد خطأ، لذا تنصح د. الحلو بضرورة اتباع هذه الإرشادات لمعرفة كيفية التصرّف أثناء نوبة الصرع الشاملة التشنجية الاختلاجية وأهمّها:

- وضع وسادة أو أيّ شيء طريّ تحته لحماية رأسه.

- إرخاء ثياب المريض كإزالة ربطة العنق حتى يتنفس جيداً.

- إبعاد الأمتعة من حوله التي يمكن أن يصطدم بها أثناء نوبته أو وقوعه على الأرض.

- ممنوع وضع أي شيء في فمه سواء كان قلماً أو ملعقة، لأننا بذلك نعرّضه للخطر أكثر من مساعدته.

- وضع المريض على جنبه الأيسر لأنه عندما يصل إلى نهاية النوبة يشعر بالارتخاء وممكن أن يختنق بلعابه.

- ننتظر حتى تنتهي النوبة ونبقى قربه حتى يستعيد وعيه التامّ.

- إذا استمرت النوبة أكثر من خمس دقائق، يجب نقل المريض إلى الطوارئ. 

ويبقى أن نعرف، بحسب د. الحلو، "أنّ هذا المرض ليس مسّاً شيطانياً ولا حالة جنون، وهو كباقي الأمراض الأخرى إذ يمكن للشخص أن يعيش حياة طبيعية ومثمرة باتباعه والتزامه الاحتياطات والإرشادات الطبّية. في النهاية مشاهير كثر عانوا مرض الصرع أهمهم نابليون بونابرت، فنسنت فان غوغ وألفريد نوبل، الذين طبعوا بصماتهم في التاريخ دون أن يُشكل مرضهم عائقاً في حياتهم".


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم