الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

لماذا يُقارن باراك اوباما بجيمي كارتر؟

المصدر: "النهار"
هشام ملحم
هشام ملحم
A+ A-

تعرضت مكانة الرئيس الاميركي باراك اوباما وسمعته لنكسة يمكن ان تتفاقم أكثر في المستقبل، بسبب ادائه الضعيف، كما يرى الكثير من المراقبين، وحتى بعض انصاره خلال ادارته للأزمة مع سوريا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية. الكلمات والعبارات التي تستخدم لوصف مواقف اوباما المتناقضة تلخص معضلته : تذبذب، لخبطة، ارتباك وضعف في القيادة. البعض قارن اوباما بالرئيس الاسبق جيمي كارتر، وهذا يعتبر في التقاليد السياسية الاميركية الحديثة بمثابة تشنيع يجب ان يتفاداه كل رئيس.


التعاون والحذر بين أوباما والجمهوريين


عندما قرر أوباما اللجوء الى الكونغرس لطلب تفويضه توجيه الضربة المحدودة لسوريا، لم يستمر إلا بضعة ايام، ويبدو ان العلاقة بين اوباما وابرز جمهوريين في مجلس النواب، رئيسه جون بوينر وزعيم الغالبية اريك كانتور قد اصيبت بشرخ كبير حين تبيّن ان بوينر وكانتور علما بطلب الرئيس من الكونغرس تأجيل التصويت على قرار تفويض الضربة العسكرية عندما استمعا الى خطابه للأمة مساء الثلثاء، اي ان البيت الابيض لم يعلم الزعيمين الجمهورين مسبقاً بقراره.
ويأتي هذا التطور في الوقت الذي يحتاج اوباما وقادة الكونغرس الى التوصل الى اتفاق يمنع "إغلاق الحكومة" أي وقف الإنفاق العام بعد ان تنتهي السنة المالية نهاية الشهر الجاري، الى ضرورة التفاهم حول مشاريع قرارات اخرى تتطلب تسويات وتفاهم. وقال ريتشارد هاس المسؤول الاميركي السابق ورئيس مجلس العلاقات الخارجية، وهو من ابرز مراكز الابحاث الاميركية لصحيفة "النيويورك تايمس": "هذه ربما كانت أكثر فترة غير انضباطية في السياسة الخارجية خلال ولايته" . وأضاف هاس الذي أيّد بعض مواقف اوباما في السابق انه "عندما يفكر بسياسة اوباما الخارجية يستحضر كلمات وعبارات مثل " مواقف موقتة، وغير ثابتة وغير مستوية ".
ويوم أمس عبّر السناتور الجمهوري بوب كوركر، وهو من الشيوخ الذين ايّدوا قرار اوباما ضرب سوريا، والذي تربطه علاقة شخصية جيّدة مع اوباما، عن احباط واستغراب الجمهوريين وغيرهم من مواقف اوباما قائلا انه " أضرّ بصدقيتنا في العالم بسبب الطريقة الملخبطة التي تعامل بها مع المسألة السورية. هذه لخبطة كاملة...ويبدو ان الرئيس غير قادر على ان يتصرف بصفته القائد العام لهذه الامة". واضاف كوركر الذي كان يتحدث باستغراب وألم واضحين ان اوباما عاجز " عن تنفيذ وعوده، وهو غير قادر على مخاطبة الامة بصفته القائد العام ، ولا يستطيع ان يتحدث للعالم بصفته القائد العازم لا اعرف ما السبب، فقط هو غير قادر على ذلك". وفي مؤشر على ان العلاقة بين البيت الابيض والكونغرس سوف تزداد سوءا، اضاف :" الرئيس هو شخصية يتضاءل حجمها هنا في الكونغرس".
وهناك رأي واسع، حتى بين مؤيدي اوباما ان ادارته للأزمة اتسمت بالعجز وعدم القدرة على الحسم كرئيس قوي، كما يتبيّن من قراره الاولي باللجوء الى الكونغرس لطلب تفويضه توجيه الضربة العسكرية، وكأنه يريد ان يشاركه الكونغرس تحمل المسؤولية وخوفاً من مواجهة المعارضة بحسم رئاسي (خاصة وان القانون يسمح له باستخدام القوة، ثم العودة الى الكونغرس )، وثانيا عندما تمسك بالاقتراح الروسي كما يتمسك الغريق بأي حبل نجاة يلقى له، خصوصاً وان الاقتراح الروسي المبهم صادر عن الرئيس فلاديمير بوتين الذي يشك الكثيرون من المسؤولين الاميركيين بصدقيته ونياته.
معانقة اوباما للاقتراح الروسي رفع من مكانة بوتين وجعله الطرف الدولي الرئيسي في الازمة السورية. هذا الوضع دفع ببوتين لنشر مقال في " النيويورك تايمس" ، حذر فيه اوباما من مضاعفات الضربة العسكرية لسوريا، ومؤكدا فيه ان الثوار السوريين هم الذين استخدموا الغاز السام، ويحضرون لضرب اسرائيل، وأنب فيه اوباما لانه تجرأ على تأكيد "الاستثنائية الاميركية" معتبرا انها تعكس الغطرسة الاميركية.
هذه المكانة الجديدة لبوتين في النقاش المتعلق بالازمة السورية دفعت بالسناتور الجمهوري راند بول الى القول انه لو كان اوباما وبوتين يلعبان مباراة في كرة التنس لكان الحكم قد اعلن فوز بوتين، و اضافاته يتلاعب بالحكومة الاميركية.
وسوف يدخل اوباما في مواجهاته المقبلة مع الجمهوريين في الكونغرس بشعبية متدنية، حيث جاء في استطلاع لصحيفة "يو أس أي توداي" ان 49 في المئة من الاميركيين لا يوافقون على ادائه كرئيس، مقابل 44 في المئة من الموافقين. وفي ما يتعلق بالسياسة الخارجية، فان ثلث الناخبين فقط يوافقون على كيفية معالجة اوباما للازمة السورية، وهو ادنى مستوى وصلت اليه شعبية اوباما في مجال ادارته السياسة الخارجية منذ انتخابه.
وبما ان الازمة السورية مرشحة للاستمرار لاسابيع وربما اشهر، فان ظلالها سوف تبقى مخيّمة على واشنطن، وحتى على جدول أعمال الكونغرس والحكومة، وخصوصاً إذا قرر اوباما مرة اخرى العودة الى الكونغرس. ولكن قدرة اوباما على اقناع الكونغرس حتى باقرار مشاريعه الداخلية سوف تستمر بالتضاؤل، وربما تحول "بطة عرجاء" قبل وصول الرئيس الاميركي عادة في ولايته الثانية الى مثل هذه المكانة أي خلال السنتين الاخيرتين.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم