السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

بريطانيا الأكثر استهلاكاً للمواقع الإلكترونيّة المتطرّفة.. هل تخسر حربها ضدّ الإرهاب؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
بريطانيا الأكثر استهلاكاً للمواقع الإلكترونيّة المتطرّفة.. هل تخسر حربها ضدّ الإرهاب؟
بريطانيا الأكثر استهلاكاً للمواقع الإلكترونيّة المتطرّفة.. هل تخسر حربها ضدّ الإرهاب؟
A+ A-

ويختلف المحلّلون البريطانيّون حول الأسباب الحقيقيّة التي تعرّض بلادهم إلى هذه الاستهدافات المتكرّرة، تماماً كما يختلف الحزبان الكبيران حول الرؤية الأمنيّة. فحزب #العمّال يتّهم رئيسة الحكومة تيريزا #ماي بتخفيض أعداد رجال الشرطة على مدى السنوات الماضية، فيما تردّ الأخيرة بأنّ رئيسه جيريمي #كوربن ضعف رؤيته في مكافحة الإرهاب لأنّه يمنع إطلاق النار على المشتبه به لقتله. ومع ذلك، يرى كثر أنّ بريطانيا لا تستطيع فعل الكثير لحماية أمنها الداخليّ من الاعتداءات الوحشيّة. 


"حقيقة مخيفة"

الكاتب السياسيّ روبرت فيركايك وجد في صحيفة "ذا غارديان" البريطانيّة أنّ إيقاف الإرهابيّين "يصبح مستحيلاً"، وهذه "حقيقة مخيفة" لأنّ ما يجمع الإرهابيّين هو نظرة إلى العالم تضع قتل الأبرياء في صلب عقيدة ملتوية. وأشار إلى أنّ الأجهزة الأمنيّة تملك لائحة بحوالي 23 ألف مشتبه بهم، وبما أنّها لا تستطيع تعقّب كلّ هؤلاء دفعة واحدة وضعت حوالي 3000 منهم على رأس تلك اللائحة ومن بينهم 500 شخص كانت تحقّق معهم. والمشكلة تتعاظم حين تتمتّع الشرطة والمخابرات بمعلومات عن أشخاص ينشرون التطرّف على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن في الوقت نفسه، تنقصها المعلومات حول مراحل التخطيط للعمليّة الإرهابيّة. ودعا إلى سدّ الفراغ في سلسلة المعلومات المخابراتيّة التي تصل المجتمع بالسلطات العليا في البلاد.


التطرّف ليس داخليّ النشأة؟

يبدي الكتّاب البريطانيون المقرّبون من أجواء حزب العمّال تشدّداً كبيراً تجاه أفكار الحكومة المحافظة في مكافحة الإرهاب. كان كوربن قد ردّ العمليّات الإرهابيّة إلى مشاركة بريطانيا في الحرب على #العراق و #ليبيا و #أفغانستان، وذلك خلال الحملة الانتخابيّة الأخيرة. ورأى وزير الخارجيّة بوريس #جونسون هذا التصريح تخفيفاً للمسؤوليّة الملقاة على عاتق الإرهابيّين واصفاً هذا التحليل بال "وحشيّ". لكنّ الكاتب في صحيفة "ذي اندبندنت" البريطانيّة باتريك كوكبيرن شدّد في مقال له على صحّة ما قاله كوربن.

بالنسبة إليه، ترتكب الحكومة البريطانيّة خطأ استراتيجيّاً في اعتبار أنّ الإرهابيّين يولدون داخل بريطانيا وتتغذّى أفكارهم من التطرّف داخل حدودها. فهؤلاء يستلهمون أفكارهم من هجمات داعش في #سوريا والعراق خصوصاً لجهة التنفيذ المنخفض الكلفة. وكتب أنّ مكافحة التطرف في الداخل هي سياسة غامضة وملتبسة وغير محدّدة بشكل واضح، منتقداً برامج الوقاية الداخليّة وأفكار أنّ الشبّان يتلقّون التطرّف عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ.

تبدو أفكار كوكوبيرن منطلقة من مبدأ واحد وهو مهاجمة التدخّل البريطاني في حروب الشرق الأوسط، علماً أنّ عدداً كبيراً من المحلّلين الأمنيّين يعترفون بأنّ النجاح الذي حقّقه داعش في جذب المقاتلين إليه تمّ بفضل الشبكة العنكبوتية، بعكس ما يدّعيه الكاتب. وفي الواقع، أصدرت مؤسّسة الرأي البريطانيّة "بوليسي أكستشاينج" تقريراً من 130 صفحة يبرز فيه دور بعض مواقع الإنترنت بزرع التطرّف في نفوس الإرهابيّين.


الأولى أوروبّيّاً والخامسة عالميّاً

وقدّم الجنرال دايفد بترايوس، المدير السابق لوكالة المخابرات المركزيّة الأميركيّة "سي آي أي"، هذا التقرير الذي صدر يوم أمس الثلاثاء تحت عنوان "ذا نيو نتوور" (شبكة الحرب الجديدة) والمؤلّف من 131 صفحة. وقد وجدت هذه الدراسة أنّ بريطانيا هي المستهلك الأوّل في أوروبّا للدعاية السياسيّة الجهاديّة على الإنترنت، والخامس على مستوى العالم ككل. من جهة ثانية، يستخدم الإرهابيّون في بريطانيا تطبيقات محميّة وصعبة الاختراق لنشر أفكارهم ومخطّطاتهم وتبادل رسائلهم، ومن بينها تكنولوجيا "سوورم كاست". ورأت "بوليسي أكستشاينج" أنّ البريطانيّين سيؤيّدون قوانين أقسى مرتبطة بتجريم من يستهلكون هذه المواد المتطرّفة على مواقع الإنترنت.

ولفت التقرير النظر إلى أنّ خسارة داعش لأراضيه في السنوات الماضية لم تنعكس على كمّيّة المواد التي يبثّها التنظيم على منصّات التواصل الاجتماعي. فالأسبوع الواحد يشهد حوالي 100 مقال وفيديو وصحيفة ينشرها التنظيم على تلك المنصّات.


إجراءات ذات تأثير "محدود"

هذه الأرقام ستؤدّي بدورها إلى مزيد من العقبات أمام الحكومة البريطانيّة في مواجهة الهجمات الإرهابيّة. وكتب الباحث روبن سيمكوكس في مؤسّسة الرأي الأميركيّة "ذا ناشونال إنترست" أنّ بريطانيا تتّخذ إجراءات سياسيّة وأمنيّة وثقافية متعدّدة لمواجهة الإرهاب كما تستخلص أجهزتها الأمنيّة عدداً من الدروس المستقاة من التجارب السابقة. لكنّ تأثيرات تلك الإجراءات تبقى "محدودة" لأنّ الحكومة وبكلّ بساطة لا تتمتّع بالقدرة على تعقّب 23 ألف مشتبه بهم والذين يسكنون في البلاد. ويتوقّع الكاتب أن تزداد التعقيدات مع عودة المزيد من المقاتلين المهزومين في العراق وسوريا إلى بريطانيا.


متمرّسة لسوء الحظ

سيمكوكس، وهو خبير في شؤون مكافحة الإرهاب ضمن معهد مارغريت تاتشر التابع لمؤسسة "هيريتدج" الأميركيّة ينحو باتّجاه صورة سلبيّة نوعاً ما تجاه قدرة الأجهزة البريطانيّة على مكافحة الإرهاب: "الهجمات ستستمرّ لأنّ الحكومات لا تستطيع السيطرة على التهديدات الداخليّة المتعدّدة التي تواجهها". ويعتقد أنّ ما يمكن أن تفعله السلطات هو مساعدة المجتمع على العودة بأسرع طريقة ممكنة إلى الحياة. ويضيف: "لسوء الحظّ، بعد خمس هجمات خلال ستّة أشهر، بريطانيا تمرّست كثيراً (في هذا الموضوع)".




الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم