الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

تصلب صدام وموقف أنصار إسرائيل دفعا الكونغرس إلى دعم قرار الحرب

المصدر: "النهار"
Bookmark
تصلب صدام وموقف أنصار إسرائيل دفعا الكونغرس إلى دعم قرار الحرب
تصلب صدام وموقف أنصار إسرائيل دفعا الكونغرس إلى دعم قرار الحرب
A+ A-
في هذه الحلقة  من مذكرات وزير الخارجية الاميركي جيمس بايكر التي تنشرها "النهار"، يروي بايكر تفاصيل المعركة التي خاضها في مواجهة كونغرس معارض لاستعمال القوة العسكرية من اجل اخراج الجيش العراقي من الكويت، والظروف التي ساعدت الرئيس جورج بوش على الفوز بتفويض من الكونغرس لاستعمال الجنود الاميركيين في حرب سريعة ضد الرئيس العراقي. وهذه الحلقة تمثل الجزء الثاني والاخير من الفصل الثامن عشر. كان التأييد ل"عاصفة الصحراء" قد بدأ يتلاشى. وبدأ المتظاهرون يشوشون على الرئيس جورج بوش بعبارات على غرار: "لا دم في مقابل النفط". كما ان الكونغرس كان شديد التقلب والفزع ازاء استمرار حشد القوات. وكنت ابحث عن طريقة يمكن ان اعبر بواسطتها للاميركيين عن جسامة الخطر الذي يواجهه الاميركي العادي، وبذلك اتمكن من انقاذ التأييد الداخلي لسياسة قد تنتهي بمعركة في صحراء الكويت. وفي النهاية ازداد الامر سوءا، فبمحاولتي اسباغ شيء من الاتساق على رسالة الادارة الاميركية، بالغت من حيث رد فعلي على الشكاوى التي كانت تردد ان السبب الوحيد لوجودنا في الخليج هو النفط. فاتخذت قرارا سياسيا معقدا كان في جوهره يمثل وقفة مبدئية ضد عدوان غير مبرر، وحاولت ان احدده وفق حسابات اقتصادية بسيطة تتعلق بفرص العمل. وما زلت اعتقد ان الطرح كان صحيحا ولكنه لم ينجح. كان هناك عنصر اقتصادي قوي في جوهر السياسة. ولم يكن الامر مع ذلك متعلقا بالنفط وحده. فلو انني تحدثت عن "الرفاه الاقتصادي" بدلا من "فرص العمل" فان من المحتمل ان تكون ملاحظاتي قد استقبلت على نحو افضل. بعد المؤتمر الصحافي مباشرة تسلمت برقية مزعجة. فقد حض ريتشارد لوغار (انديانا)، العضو الجمهوري البارز في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، الرئيس علنا على دعوة الكونغرس من عطلته لعقد جلسة خاصة وعاجلة، لدراسة القرار الذي يسمح باللجوء الى العمل العسكري ضد صدام. وكان لوغار يحاول تحقيق هذه الفكرة منذ فترة. وقد غادر البيت الابيض على التو وهو يظن مخطئا انه تمكن من اقناع الرئيس بفكرته. وأساس المحاولة التي قام بها ان الناخبين في دائرته كانوا يعربون عن عدم فهم السبب الذي يدعو الى مزيد من القوات. لذلك فاصدار الكونغرس قرارا بالتأييد كان قمينا، بحسب رأي لوغار، ان يكون معبرا عن دعم الحزبين الذي لا لبس فيه لسياسة الرئيس. وقد انضم الى لوغار في اقتراحه بوب دول الذي رأى في المسألة فرصة لكسب الديموقراطيين الذين كانوا يقفون ضد تلك السياسة ولكنهم مترددون في التصويت ضد القائد العام في مسألة تتعلق باعلان الحرب. ومن حيث الظاهر، كان الاقتراح محاولة للحيلولة دون الديموقراطيين والحصول على فرص اخرى لقول الشيء وعكسه في وقت واحد. ولكن اقتراح لوغار كان كارثة اذ لم نكن آنذاك نملك الاصوات اللازمة لكسب الاقتراع. وكان الاعضاء المتنفذون على جانبي المجلس ما زالوا غاضبين بسبب عدم التشاور معهم في شأن زيادة عدد القوات. ان محاولة الحصول على قرار والفشل في ذلك، كان كارثة. فالرئيس سيكون مقيدا، فضلا عن اننا لم نكن من الناحية الواقعية قادرين على استعمال القوة في وجه معارضة الكونغرس الصريحة. كما ان التحالف الدولي كان سيستغرقه التساؤل حول مدى استمرار تصميم اميركا. هذا بالاضافة الى ان قدرة الرئيس على ادارة السياسة الخارجية كانت ستصبح امرا مشكوكا فيه. وعلاوة على ذلك فان العقوبات الاقتصادية لم يكن قد مر عليها سوى 60 يوما. وكانت غالبية اعضاء الكونغرس تعتقد ان العقوبات سترغم العراق على الخروج من الكويت اذا ما منح الوقت الكافي لذلك. وقد حذرتني جانيت مولينز من اننا لو ذهبنا الى كابيتول هيل، كما اراد لوغار، فثمة احتمال قوي لان يوافق الكونغرس على قرار بالحرب مقيد بشروط. وهكذا سيكون لدينا قرار يسمح لنا بالذهاب الى الحرب، ولكن فقط بعد ان تكون العقوبات قد افسحت لها فرصة اشهر عدة من اجل التثبت من فاعليتها. ومن الناحية القضائية شعرنا بأن لدينا سلطة التحرك في الخليج، ولكن تحدي تخويل صادر عن الكونغرس كان سيفضي الى عواقب كارثية بعيدة المدى. ومن المفارقات ان ورطتنا اصبحت اقل وطأة، بسبب تعاون زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ. فبعد عودتي من برمودا اجريت محادثات عدة مع ميتشيل وافقني على اثرها، ان قرار المجلس كان مهما ولكن بعد ان تتم الموافقة على قرار مماثل من مجلس الامن الدولي. واخبرني ميتشيل ان الاصوات لم تكن متوافرة بحيث يحوز القرار الموافقة الصريحة. ولكن في حال صدور قرار حاسم عن الامم المتحدة فان ذلك قمين بتوفير ملاءة قوية يمكنها اقناع الاعضاء المترددين. وهكذا اعلن ميتشيل انه لن يقوم بالدعوة الى عقد جلسة استثنائية لمناقشة اقتراح لوغار. وبعد عودتي من برمودا بيوم واحد حضرت واحدا من اشد الاجتماعات، التي استطيع تذكرها، مشاكسة واثارة للخصام. وكان فيه زعماء الكونغرس من الحزبين. وكان الرئيس حاسما في الدفاع عن قراره ارسال القوات باعتبار ان ذلك يشكل اجراء احترازيا، وان افضل الآمال ان يتم تجنب الحرب يكمن في اقناع صدام حسين باننا لم نكن في صدد استعراض عضلات. قلت: "هذا هو الاحتمال الوحيد لتسوية المسألة سلميا. فصحافته تردد اننا قد تعبنا وتقطعت انفاسنا. ان لدينا مصلحة مشتركة في الا نرسل اليه رسائل مشوشة".كان وضع الحاضرين غامضا وملتبسا. وعندما كنت استمع اليهم، وهم ينددون بسياستنا، لم اكن استطيع تجنب الشعور بالمفارقة. فقد عدت للتو من رحلة قمت خلالها بالتفاهم مع الحلفاء حول احتمال نشوب الحرب، بينما الكونغرس الذي كان الحصول على تأييده مهما بالدرجة عينها ظل مترددا. وسرعان ما ادى الاضطراب حول السلطات الاشتراعية الى الاسراع في اجراء مناقشة داخل الادارة حول ما اذا كان من المناسب الطلب من الكونغرس اصدار قرار بالتأييد اساسا. وكنت ما ازال مقتنعا بأن علينا ان نحاول واننا سننتصر في نهاية الامر. فعلى رغم النزاع بين السلطتين التنفيذية والاشتراعية داخل الحكم حول سلطات شن الحرب، فان الكونغرس كان ينتهي عادة بالاذعان لرغبات الرئيس على نحو متردد. وقد خيل الي انه على رغم ان الامر يتطلب مقدارا كبيرا من المشاورات، فان الرئيس اذا ما طلب فان الكونغرس لن يرد...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم