الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

صور سوّقت الثنائي الأسد في الغرب قبل أن... "يتبدد الأمل"

المصدر: "النهار"
صور سوّقت الثنائي الأسد في الغرب قبل أن... "يتبدد الأمل"
صور سوّقت الثنائي الأسد في الغرب قبل أن... "يتبدد الأمل"
A+ A-

وكان عبد ربّه موجوداً أيضاً لتوثيق عملية انتقال السلطة من الوالد إلى الابن الذي صاغ علاقة مقرّبة مع الأخير. وتحدّث عن قواسم مشتركة سابقة بين الاب والابن خصوصاً على مستوى التصوير. لكن بعد اندلاع النزاع في سوريا، تحوّل عبد ربّه من تصوير عائلة الأسد إلى التقاط صور العنف. 

 وبدأ الأخير يصوّر الأحداث في سوريا منذ سنة 1990 حين كان يعمل لصالح وكالة "سيغما" الفرنسية، ومع أنّه لم يُستخدم لتلك المهمّة بالأساس، انتهز الفرصة ليصور حافظ الأسد وهو يلقي خطاباً في احتفال بمناسبة وصول البعث إلى السلطة.

وفي ظل عدم وجود صور كثيرة للأسد الأب، إضافة إلى أنّ تلك الموجودة كانت بمعظمها "مملّة" ومأخوذة من وكالات الأنباء، قال عبد ربه أنّه إنه لم يكن ممكناً رؤيته بطريقة حيويّة أو حتى ملوّحاً بيديه، فشعر بأنّه ستكون هنالك فرصة للاقتراب جدّاً منه، لذلك "حصلت على وثائق التفويض وانطلقت (في مهمّتي)".   


حتى الذين لم يحبّوا الأسد حزنوا لوفاته

عن لحظة وفاة الأسد، يشير المصوّر إلى أنّه التقط صوره منذ حوالي 17 سنة أي قبل الدخول إلى العصر الرقمي. وتكلّم عن أنّه كان يوماً حزيناً لكثر، "وربّما حتى بالنسبة إلى الذين لم يحبّوا حافظ الأسد لأنّ (موته) كان على الرغم من ذلك طيّاً لصفحة من حياتهم. حكم حافظ سوريا لحوالي 30 سنة، وهذا (زمن) كبير، لذلك، بالنسبة إلى العديد من الأشخاص، كان الزعيم الوحيد الذي عرفوه". وتحدّث عن خوف كثر من الفوضى التي قد تنفجر عقب وفاته قبل أن يشرح عبد ربّه أنّه في حدث كهذا، لا وجود لكثير من الإبداع بل فقط توثيق لما يحدث. وأضاف أنّ هنالك صوراً لبشار وهو يصلّي فوق جثمان والده وصوراً للأجواء في الشوارع.



"صاعق ومفاجئ"

وتحدّث أيضاً عن أحد الأمور التي "صعقته حقاً" والتي أراد توثيقها، وهو كيفية اتّخاذ النظام قراره، في يوم الوفاة، لتغطية أيّ مظاهر مرتبطة بالفرح في دمشق بأقمشة سوداء، مثل إعلانات الشامبو أو لافتات عليها أطفال ضاحكون وغيرها. ووصف ذلك بال "مفاجئ" معتقداً أنّ ذلك كان مشابهاً لكتاب جورج أورويل "1984". وأضاف: "من المثير دوماً للاهتمام المحاولة والتعبير عن كيفية صياغة الديكتاتوريّة وتفاعلها مع الحياة اليوميّة".


عارض نشر صوره الذاتيّة

وردّاً على سؤال محاوره، قال عبد ربّه إنّ مجيء الأسد الابن إلى السلطة تزامن مع وصول الكاميرات الرقميّة، والرئيس السوري هو عاشق للتصوير الفوتوغرافي. ولفت النظر إلى أنّه ضمن سفرات مختلفة إلى دمشق منذ 2001- 2002، التقى به وبزوجته، وكان الرئيس السوري يخبره عن امتلاكه لمختبر صور يعمل على تكبيره إضافة إلى كيفيّة طباعته لصوره الخاصّة بنفسه.



ويضيف أنّ الأسد كان مهتمّاً بتصوير نفسه بطريقة مختلفة عن الصور الرسميّة والرئاسيّة لوالده. وشرح المصوّر أنّه في البداية، كان ضدّ عرض صوره الذاتيّة بشدّة، لأنّه لم يحبّ ذلك. وتخلّص من المصوّرين القدامى ممّن عاصروا والده وجلب أشخاصاً جدداً يملكون التكنولوجيا الحديثة.



لكلّ صورة رسالة

وتحدث المصور عن لقاءاته مع الأسد حين كان الأخير يطرح عليه أسئلة تقنية مثل كيفية التعامل مع الإضاءة والكاميرات المختلفة وإيصال الرسائل من خلالها. ثمّ كان المصوّر يفسّر له كيف تحمل كلّ صورة رسالتها الخاصّة التي توصل إلى العالم ما إذا كان الأسد مسلّيّاً، ضاحكاً، غاضباً وغيرها من الحالات الانفعاليّة.



وسأله المحاور عمّا جاء في بعض الصحافة الغربيّة قبل الأزمة السوريّة حول ما إذا كان الأسد وزوجته قد دعما النموذج الغربي، خصوصاً أنّ صوره للثنائي ظهرت وكأنها تدعم الرسالة نفسها. فأجابه عبد ربه بأنّ هذا ليس من اختراع صوره أو الصحافة الغربية بل هو الواقع، إذ عندما يقود الأسد سيّارته أو يلعب مع أطفاله، فهو يفعل ذلك من تلقاء نفسه. على الصعيد السياسي، حين أتى الأسد إلى السلطة، ظنّ كثر بأنّ دراسته في لندن وزواجه من سنّيّة وظهوره بمظهر المختلف عن عدد من رجالات النظام، هي أمور ستساعد هذا النظام على الانفتاح من الداخل. "لسوء الحظ لم تسر الأمور بهذه الطريقة. لقد كان أملاً امتلكه العديد منّا وكان هذا الأمل قد تمّ التعبير عنه في هذا النوع من الصور. هو يشبه أكثر الوالد المرح. لقد كان شخصاً يمكنك الوصول إليه كثيراً كي تتحدّث معه".


رسائل مزدوجة في صوره

يتابع عبد ربّه فيقول إنّ "المشكلة التي أدركتها كانت في أنّ تلك الصور التي التقطّتها ممنوعة في سوريا". لذلك، إنّ الصور كانت مخصّصة لغير السوريين لأنّ الأسد ومحيطه أرادا إرسال رسالة إلى العالم مفادها: "نحن طيّبون ونحبّ أولادكم". لكن في الداخل السوريّ كانت الرسالة "نحن قساة، يجب علينا أن نكرهكم، نضربكم، نعتقلكم، وربّما نقتلكم إذا تمردتم على رأينا". وأضاف: "الصورة الساحرة للثنائي الأنيق ستستبدل الحقيقة البشعة للقمع".


لم يحبّه النظام ... عرفه جيّداً

بعد انتقال الحديث إلى بداية الثورة في سوريا، تحدّث عبد ربّه عن وقوفه منذ الثورة التونسيّة "إلى جانب الشعب لا الديكتاتورية". ومع اندلاع التظاهرات في سوريا، "كنت في المزاج نفسه. منطقيّ بالنسبة إليّ أن أكون بجانب الشعب الذي أراد حرّيّته لا بجانب الديكتاتوريين الذين يقتلونه ... كانت آخر زيارة لي إلى دمشق في أيّار 2011". وأضاف أنّ النظام لم يحبّ ذلك لأنّه "لم يستطع وضعي في علبته المؤامراتيّة. لقد كنت شخصاً سافرت معهم وعرفتهم جيّداً". لكنّه مع ذلك أشار إلى أنّه عاد إلى حلب سنة 2013 لتصوير من كانوا يعانون بسبب النزاع. حينها لم يكن مهتمّاً بإظهار الجنود أو الجيش أو المقاتلين، بل بإظهار معاناة الضحايا ولهذا قام بتصوير الأطفال وهم ذاهبون إلى المدرسة أو السوق. "كنت مأخوذاً بالذين بقوا وقاوموا وحاولوا وخلقوا مجتمعاً جديداً، وهو أمر صعب جدّاً".

وشرح عبد ربّه كيفيّة إعادة حزب الأسد تشكيل المجتمع ومحاولته اختراع حياة ومجتمع من العدم، خلال 50 سنة على حكمه. ويتأسّف المصوّر لأنّ المجلّات والصحافة التي عمل معها لم تكن مهتمّة بالصور الآتية من حلب، لذلك قرّر أخذها إلى معارض وجمعها في كتاب كي يراها المتابعون.





الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم