الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

ماذا بقي من دروس 11 أيلول 2001 في أزمة سوريا؟\r\n

المصدر: "النهار"
سوسن أبوظهر
A+ A-

تذكر الأميركيون اليوم 2996 من مواطنيهم قضوا في هجمات 11 أيلول 2001 على واشنطن ونيويورك. هذه السنة كان لـ11 أيلول معنى آخر امتزجت فيه المرارة بالخيبة. إنه 11 أيلول الأول بعد الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي واغتيال السفير في ليبيا كريس ستيفنس، وهي حادثة لا تزال من دون إجابات واضحة تشفي غليل الكونغرس المقتنع بتقصير الإدارة الأميركية الاستخباراتي في هذا الشأن.


ومن المصادفات، وربما المفارقات، أنه كان يُفترض أن يصوت مجلس الشيوخ الأميركي اليوم، في 11 أيلول، على مشروع قرار يجيز للرئيس باراك أوباما التدخل العسكري في سوريا، لكن الاقتراح الروسي بنزع الترسانة الكيميائية لدمشق خلط الأوراق. أضف أن الكونغرس لم يكن متحمساً للانخراط في مغامرة عسكرية غير محسوبة، وإن اقتنع بوقوف النظام السوري وراء الهجوم الكيميائي في الغوطة.


فندوب الصفعة التي تلقتها الولايات المتحدة في 11 أيلول الماضي لم تندمل بعد. وإذا كانت أروقة الكونغرس ضجت بالمقارنات بين العراق وسوريا، فإن الشبه الأقرب هو مع ليبيا. من هنا الصعوبة في إقناع الرأي الأميركي بوجوب التدخل في سوريا مع تراجع الرضى الشعبي عن أداء أوباما في السياسة الخارجية.


ليس سهلاً أن يفهم المواطن العادي الحاجة الملحة لمساعدة الشعب السوري بعدما قيل له إن بلاده قامت بالمثل في ليبيا حيث أطيح طاغية في سبيل إقامة الديموقراطية المنشودة، فإذا بالحكم الموقت يتعثر وتسود قبضة الميليشيات وتنتشر الجماعات الجهادية المتشددة المرتبطة بفكر تنظيم "القاعدة" ويسقط ستيفنس ضحية لها، مع أنه من الأصوات الأولى في الإدارة الأميركية التي دعمت ثورة "17 فبراير" الليبية. ولا أن يصدق الأميركي العادي أن الترسانة الكيميائية لسوريا تشكل خطراً على أمنه القومي، فهي دولة بعيدة جداً يجهل كثيرون موقعها.


11 أيلول بعد 12 سنة


حتى حدث بحجم 11 أيلول 2001 وقربه الزمني الذي لم يمحه بعد من ذاكرة معظم الأميركيين، صار يخضع للتشكيك. فقد أظهر استطلاع نشر الاثنين أن 38 في المئة من الأميركيين غير مقتنعين بالرواية الرسمية لما حدث، وعشرة في المئة منهم لا يصدقونها على الإطلاق. و46 في المئة لم يكونوا على علم بانهيار برج ثالث في ذاك اليوم.


عام 2001 كانت أميركا جريحة، ضُربت في عقر دارها، وطلب أبناؤها الانتقام. العدو واضح، تنظيم "القاعدة"، صنيعة الولايات المتحدة نفسها في مرحلة سابقة. أُعد سريعاً للعملية العسكرية في أفغانستان وقامت "الحرب على الإرهاب". وبعد 12 سنة لم يبق أثر لتلك الحملة حتى في الخطابات الأميركية الرسمية، خصوصاً بعد مقتل أسامة بن لادن قبيل الذكرى العاشرة للهجمات.


والتجربة في أفغانستان تميل إلى الفشل أكثر من النجاح. صحيح أن دولة ضعيفة قامت وتقدمت أوضاع النساء كخطى السلحفاة، غير أن أفغانستان لا تزال بؤرة غير مستقرة و"طالبان" استعادت موطئ قدم لها، لا بل صارت تحظى باعتراف، ولها مكتب تمثيلي في قطر.
أما في العراق فكانت الذريعة أسلحة الدمار الشامل التي تبين أنها لم تكن موجودة. وعلى غرار أفغانستان، تخبط العراق في الفوضى وتميزت السياسات الأميركية بقُصر نظر فادح، من حل الجيش إلى فضائح سجن أبو غريب.


ولم تكن تلك المرة الأولى تستند الولايات المتحدة إلى معلومات استخباراتية غير دقيقة لتبرير تدخل عسكري، ففي عام 2003 أقر وزير الدفاع في حرب فيتنام روبرت ماكنامارا أن واشنطن دخلتها بناء على تقارير خاطئة بأن جمهورية فيتنام الديموقراطية (فيتنام الشمالية) هاجمت مدمرة أميركية في خليج تونكين.


وإذا كانت "القاعدة" تراجعت في أفغانستان وباكستان، فإنها ازدادت حضوراً في شمال أفريقيا، خصوصاً بعد ثورات "الربيع العربي". وليس خافياً حضورها في سوريا من خلال "دولة العراق والشام الإسلامية". لذلك تحفل المنتديات الأميركية المناهضة للحرب بتساؤلات من قبيل هل انتقلت الولايات المتحدة إلى الضفة الأخرى وصارت حليفة للتنظيم الذي أعلنت الحرب عليه قبل 12 سنة. وانتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي صور لعسكريين أميركيين يخفون وجوههم بأوراق كتب فيها "لن أقاتل في سبيل "القاعدة"" أو "أوباما، لن أقاتل من أجل ثوار "القاعدة" في سوريا".
ولا يقتصر هذا الرأي على المنتديات وصفحات "الفايسبوك" و"تويتر"، بل وجد صداه في وسائل الإعلام. فقد رأى بريان روس، كبير المراسلين الاستقصائيين لشبكة "إي بي سي" الأميركية للتلفزيون أن "دور جماعات "القاعدة" التي تقاتل (نظام الرئيس السوري بشار) الأسد هو من المفارقات الكبرى للضربة الأميركية المحتملة لسوريا".


الأسد نفسه أثار هذا الأمر في حديثه مع شبكة "سي بي أس" الأميركية للتلفزيون الاثنين، إذ وصف الضربة العسكرية المتوقعة بأنها "حرب ضد مصلحة أميركا. إنها حرب ستؤدي إلى دعم "القاعدة" والناس الذين قتلوا أميركيين في 11أيلول".


ولاحظت صحيفة "النيويورك تايمس" أن "الليبراليين انضموا إلى الصقور السابقين في إعادة اكتشاف الانعزالية"، لكن "ليس علينا أن نكون انعزاليين، علينا فقط الابتعاد عن المسائل المعقدة... لقد فشلنا في التدخل مرات عدة، وأحياناً كانت النتائج حدوث إبادة جماعية. قلة بحاجة لتذكيرها بما كانت عليه أوروبا قبل بيرل هاربور، أو تذكيرها برواندا والبوسنة". وأضافت كذلك :"تدخلنا كذلك للأسباب الخاطئة وبالوسائل الخاطئة مرات كثيرة. قلة بحاجة لتذكيرها بالفيليبين وفيتنام والعراق".


وفي ما يتعلق بسوريا تساءلت الصحيفة "كيف يمكننا الزعم أننا ندرك ماهية الصواب ونحن نواصل الانخراط في أعمال خاطئة. ولو كان التدخل (العسكري) الخيار المفضل، لا بد من أمرين لإضفاء الشرعية عليه، موافقة الكونغرس وائتلاف جدي"، وهذا يتجاوز الولايات المتحدة وفرنسا والدنمارك فقط، ذلك أن 46 دولة شاركت في الحملة على العراق.


أميركا تغيرت بعد 11 أيلول 2001، لكنها ليست أميركا نفسها بعد 12 سنة. فشعبية جورج بوش الابن بلغت 90 في المئة عقب الهجمات، بينما أظهر استطلاع للرأي نشره معهد "غالوب" في حزيران الماضي أن 10 في المئة فقط من الأميركيين يثقون بقوة في الكونغرس.


والعالم تغير كذلك، لم يعد أحادياً كما كان حينها، بعدما استعادت روسيا المكانة التي كانت للاتحاد السوفياتي. وأظهرت السنين الأخيرة أنه لا يمكن واشنطن تجاوز موسكو في ملفات متشعبة مثل الملف النووي الإيراني والأزمة السورية.


وبينما تتذكر أميركا ضحاياها في هذا اليوم، يجد الأسد مناسبة للاحتفال، ليس فقط لأن دهاء أصدقائه الروس أنقذه ونظامه إلى أجل غير مسمى، بل لأنه أتم في 11 أيلول 2013 عامه الـ48. فهو وُلد في مثل هذا اليوم عام 1965.


[email protected]
twitter :@SawssanAbouZahr


o .


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم