السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

المُدمِنة!

المصدر: "النهار"
هنادي الديري
هنادي الديري https://twitter.com/Hanadieldiri
المُدمِنة!
المُدمِنة!
A+ A-

كانت رائحتها "بتجنّن" وما زالت عالِقة في ذاكرتها إلى اليوم. وبالرغم من مرور سنوات طويلة، اكتشفت لاحقاً أنها كانت في الواقِع جسر العُبور إلى السائل الأسود الذي وصلت علاقتها به حدّ الإدمان.

 هذا الإدمان اللذيذ يَسرق الابتسامات والفرحة من الذين يَكتشفون نقطة ضعفها.

تروي لـ"النهار": "من أول ما وعيت على الدنيا، كنت شوف تيتا وجدّو يغلوا ركوة قهوة الصُبح بكّير ويشربوها".

كانت صغيرة، وغالباً ما كانت تُردِّد لنفسها، "يا الله، إيمتا بدّي إكبر وصير إشرب متلن قهوة".

و"بصراحة"، لم تكن في تلك الأيام، تملك الجرأة الكافية "أن أطلب منهما تذوّقها".



لكن رائحتها كانت "بتجنّن، وبعدها عالقة بذاكرتي لليوم".

كبرت الصغيرة وصار بإمكانها أن تتذوّق القهوة.

وفجأة وجدت نفسها مُدمنة، ولكن إدمانها لم يُدمّرها، بل جلب معه السعادة؛ الكثير من السعادة والجلسات الطويلة التي تَستريح على "الرواق"، الكثير من "الرواق".

الآخرون لا يُطلقون الأحكام السلبيّة المُسبقة على إدمانها "يالّلي بِفرفح القلب"، بل يسمحون لها بالانغماس في "أروقته الشهيّة"، وغالباً ما يقولون لها: "فتحتيلنا قابليّتنا، يللا تَنحطّ الرَكوة ع النار".

الأصدقاء وأفراد العائلة ألحّوا عليها أن تُخصّص لهذا العشق الذي يُضاهي الهيام حساباً خاصّاً على "إنستغرام"، "وشو ما قالوا العالم يقولوا"، فكان لهم ما أرادوا. وها هي اليوم، تُحمّل يوميّاً الصور التي تتمحور حول السائل الأسود "يلّلي" يُمكن أن تَحتسي منه ما يُقارب الـ10 فناجين في اليوم الواحد!
.



والـFollowers الذين تعدّى عددهم حتى الساعة الـ4 الآف، لا يملّون من فناجينها "المزوزقة" التي تَحوي القهوة. القهوة في كل حالاتها، القهوة في كل الأوقات.

لم نفاجأ حين اعترفت لنا خلال دردشتنا السريعة معها أنها تملك "تشكيلة كبيرة من فناجين القهوة. وصارت المسألة بالنسبة إليّ هواية محوريّة في حياتي اليوميّة".

لم تُفصح لنا عن اسمها الكامل، ولكننا نعرف أنها تُطلّ على العالم عبر "إنستغرام" من خلال اسم Ramramcoffee، وهو اسم "نموذجيّ" لابنة الـ33 التي تعيش القهوة طقسها اليوميّ.

حين يحين موعد احتساء القهوة، يهتف الأصدقاء والأهل، "ما حدن يشرب لتصوّر الفنجان، وإذا لم أصوّر لسبب أو لآخر يستغربون ويطرحون الأسئلة: إنّو شو صاير؟".

وأحياناً، "يُشجّعني مُحيطي على افتتاح كوفي شوب (مقهى) وأطلق عليه اسم "رام رام كوفي"، والفكرة على الأكيد واردة".



أنشأت حسابها على "إنستغرام" عام 2013، "ومعظم الصور فيه عفويّة، يعني وين ما كون موجودة بصوّر. بعض الصور حميميّة في إطلالتها، ألتقطها فيما أكون بمفردي، بيني وبين حالي وأفكاري".

وحسابها يضمّ "كلّ من يُحبّ القهوة. ويجب أن أعترف بأن البعض منهم عاديّ. ولكن هؤلاء الذين أصنّفهم عاديين – أي ما من قصّة حبّ تجمعهم مع القهوة - غالباً ما يؤكّدون لي أنهم باتوا يستسيغون شرب القهوة: من ورا صورك".

الـFollowers (عُشّاق القهوة أو من يحتسونها "هيك رفع عتب") ينتظرون بشوق "صورة اليوم". "وإذا تأخرت عن تنزيل الصور يتواصل معي كثر ليطمئنّوا: أنّو كل شي منيح. يقولون: عسى خير، ليش ما في شي جديد؟".






أما عدد فناجين القهوة التي تحتسيها في اليوم الواحد؟، "إذا قلت لك العدد الدقيق يُمكن أن تتهميني بالمُبالغة. لكن، حسناً، في الصباح الباكر أحتسي 4 فناجين حالما أستيقظ. وعندما أصل إلى عملي بشرب شي 3 فناجين. قصّة الغرام هذه أكملها في المنزل أو إذا خرجت مع الأصدقاء. يعني بلحّق بالنهار شي 10 فناجين".

القهوة "شي عظيم. يُمكن أن نشربها عندما نحزن أو عندما نفرح. وهي لا تقتصر على حدث مُعيّن أو حتى مكان مُحدَّد".

وغالباً ما يدوِّن لها البعض تعليقات على الصور، قائلين ببساطة و"من القلب للقلب"، "يللا قايمين نغلي قهوة"، و"يا الله، اشتهينا القهوة من ورا صورك".

عندئذٍ تضحك هذه الشابّة بفرح وتُدرك أنّ هذا الإدمان الذي ظهرت خيوطه الأولى عندما كان "جدّو وتيتا يقوموا يغلوا الركوة بكّير"، أكثر من مُبرّر... و"بيناتنا، معها حق".

                                               [email protected]


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم