الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

بشير الجميل الرجل والقضية

المصدر: "النهار"
Bookmark
بشير الجميل الرجل والقضية
بشير الجميل الرجل والقضية
A+ A-
عندما نتذكر بشير الجميّل ورفاقه كأننا نستحضر زمنا آخر. زمن القضية وهل من يتذكرها اليوم من دون مساومة زمن المقاومة والشعور العالي بالانتماء، وزمن الحلم بدولة حرة، سيدة، مستقلة وعادلة. كان زمن الحماسة المشحونة بدينامية غير معهودة، وصلابة يغذيها الايمان والتوق الى الحرية.بعد 21 عاما على رحيله، لا يزال بشير ذلك الحلم "اللي انكسر" في "عزّ" الحماسة. وتعود الذكرى سنويا، لكن من مفارقات القدر-او من سخريته- ان نستحضرها في زمن آخر مختلف. زمن الاحباطات والخيبات على المستويات كلها. زمن نستذكر فيه الكرامة ونترحم عليها، ونستذكر فيه شهداء، ماتوا لاجل قضية واحدة، بقداديس عدة بعضها مشبوه...انه فعلا زمن آخر، زمن المساومات. اليوم اصبح بشير ينتمي الى زمن آخر، الى التاريخ، وهو الذي عاش دائماً مسكوناً بتاريخ شعبه وعذاباته. وسيظل مرتبطاً في وجدان كثيرين بذلك الصوت المنادي في البرية قائلاً: "نحن قديسو هذا الشرق وشياطينه...". ومن ذلك الزمن نتذكّر-لعل الذكرى تنفع- ونستعيد مع أحد رفاق بشير، الكاتب والزميل سجعان قزي، فحوى "الرسالة" التي حرّكت بشير الجميل، وعناصر "الهالة" التي أسهمت في نسج اسطورته. يتردد سجعان قزي، أحد "البشيريين الباقين"، في الحديث عن بشير "خشية أن يُفسر كلامه انتقاداً للأحياء" وهو الذي نأى بنفسه منذ استشهاد بشير عن التورط في أي صراع يستغل اسم بشير أو صورته. ويقول: "لندع بشير يحيا استشهاده، ولا نغتاله مرة أخرى...".شكّل بشير الجميّل ظاهرة استثنائية في التاريخ اللبناني والمشرقي. "لم يكن بشير الجميّل حالة مسيحية او لبنانية فقط، بحسب قزي، انما حالة مشرقية وعربية ايضا. فإذا كان المسيحيون اعتبروه باعث النهضة المسيحية في لبنان والشرق، اعتبره بعض اللبنانيين فخر الدين جديداً، وبعض العروبيين جمال عبد الناصر آخر". ويتابع قزي:"حتى ان اخصامه حاروا في تحديد نظرتهم اليه: اهو العدو ام انه الحليف الذي يرفضون الاعتراف به؟".هاجس الوجود الحرإرتبط هاجس بشير الجميّل النضالي بهاجس الوجود المسيحي الحر في الشرق. فأخذ يسعى بكل الوسائل المتاحة له ولرفاقه الى تثبيت دعائم هذا الوجود التاريخي على اساس حر، كبداية انطلاقة للتحاور مع الآخرين. وفي هذا الصدد يشرح قزي:"لقد مرّ وجودنا المسيحي في هذا الشرق بمحطات اساسية من ولادة المسيحية وقيام بيزنطيا، الى نشوء المارونية وبروزها في لبنان. ورغم التطور التصاعدي للوجود المسيحي، وخصوصاً الماروني في هذه المنطقة، أظن أن هذا الوجود لم يعرف، منذ سقوط بيزنطيا، انتصاراً كالذي شعر به مع بشير في الـ21 يوماً بين انتخابه واستشهاده. منذ عهود الخلفاء المسلمين مرورا بالصليبيين والعثمانيين، ولاسيما مراحل الإمارة والقائمقاميتين والمتصرفية، وصولاً إلى الانتداب والاستقلال لا أعرف انتصاراً سجّله المسيحيون في لبنان والشرق على غرار انتصار بشير الجميل. لقد كان انتصاره سياسياً وعسكرياً، فكرياً وعقائدياً في آن واحد. وعندما ننظر الى بشير هذه النظرة التاريخية لا يجوز لنا ان ندخله زواريب السياسة الحالية. لم يعد ينتمي هذا الرجل الى موالاة أو معارضة، إلى هذه العائلة أو تلك، إلى هذا الحزب أو ذاك التجمع، الى هذه الدولة أو تلك الصيغة، انه ينتمي الى التاريخ اللبناني. إن بشير قوة لنا جميعاً وليس سلاحاً ضد بعضنا البعض".اللقاح ومرض الوراثةتميّز بشير الجميّل، القائد الشاب، ببساطته وعفويته، وقربه من...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم