الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

لبنان في شخصيته وحضوره لميشال شيحا

المصدر: "النهار"
Bookmark
لبنان في شخصيته وحضوره لميشال شيحا
لبنان في شخصيته وحضوره لميشال شيحا
A+ A-
في ذكرى مرور اربعين عاما على وفاة ميشال شيحا، منظّر الميثاق الوطني، ننشر مقتطفات من كتابه "لبنان في شخصيته وحضوره" لما تنطوي عليه من رؤية تعوز كثيرين. (...) وينبغي الا يفوتنا، ونحن في هذا الشرق الذي يعاني الغليان دوما كما يعاني مرض الجدل والتفسير، اننا ارض ميعاد للأقليات القلقة، بل مرتفع تتصعّد منه كل الصلوات وتتناهى حرة الى السماء الاكثر كوكبة وشفافية، بحيث غدونا فسيفساء دينية عزّ على الارض نظيرها، وغدونا لا نجد ما نُدعى به، داخل الأمة والحاضرة، الا معتقدنا او طقوسنا. ولعلّ اهم علة وجود لهذه التفردية، في ايامنا هذه، الى ما تولّده العادة من قوة تُخشى عقباها، هو حذر الضعاف الغريزي، وفزع البعض من ان يتسلّط عليهم البعض الآخر. ولا كان احد ليتكلم عن الاقليات لو لم يكن في ذاته فزع من اكثرية. لكنما يحدث في بعض الاحيان ان يجاوز الفزع حده ويمسي ضربا من الوهم. وكثيرا ما ادى تنوّع الاصول والمعتقدات الى تنوّع العادات والشرائع، كما تشهد على ذلك قوانين الاحوال الشخصية. ولعمري ان شأننا، كما نحن، من العقل المجرّد ليكون شأن المحال، لو لم يقترن وجودنا بذاك اليقين المطمئن الذي نجابه به الفلاسفة. ونحن في الحقيقة ضرورة. ناهيك بأن موقعنا الجغرافي يقيم منا بالنسبة الى الاجنبي محطا ومعقلا بالغي الاهمية، على طريق متزايد العالمية. لكن الاهتمام الذي يولينا اياه الغرب وسائر العالم يرتهن كذلك بأسباب أُخَر. فعلى صعيد المعتقد كان من الطبيعي واكثر ان ترى المرسلين يتجهون صوبنا. ولم يكن في مكنة السلطات الروحية التي ندين لها بالطاعة ان تتجاهلنا، ولا كان في مكنتها ان تتجاهل قربنا من الاماكن المقدسة، حيث ترتفع بشتى الصيغ عبادة الإله الواحد. نحن هنا في غمرة التاريخ القديم وتاريخ الاديان والتاريخ المقدس. والينا وفَدَ رجل الدين حاجا ومرسلا وعلامة. وبذلك تأتّى لنا التعليم، واخذ ينمو شيئا بعد شيء حتى اضحى بحد ذاته علة وجود. وبعدما كان هذا التعليم ابتدائيا في اول امره، جاء التعليم الثانوي فالتعليم العالي فرفداه تدريجيا، ليزدهر من ثمّ في جامعات كبرى ذاع صيتها. وبرزت انماءات جمة في جمة مجالات، على صعيد العلم والابداع الفكري. انماءات آلت الى اجتذاب عدد وفر من الاجانب الى لبنان. وتكاثر الاساتذة والتلاميذ من مختلف المناحي. فكان من امر تدريس اللاهوت، مثلا، انه اوجد الاكليريكية. واوجد تدريس الطب العيادة والمستشفى وما اليها من زبائن قادمين من دان وبعيد. ولنذكر على هذا الصعيد الاخير، ان منافسة مهددة تترسخ اكثر فأكثر في جوارنا. فحق علينا ان نرقى حثيثا بتقنياتنا ومناهجنا اذا نحن اردنا الا يسبقنا الركب. ولا بدّ من التنويه، في النطاقين العلمي والادبي، ان لبنان يجتذب طبعا الاثري والمؤرخ والصحافي. كما يجتذب، من الناحية العملية، تقنيّ المطبعة. وحسبنا نظرة الى ما حولنا، بذلك نصل الى مسألة اللغات، وهي مسألة كانت لتكون من البساطة بمكان، لو لم تداخلها مؤثرات لا طائل تحتها. فالعربية لغة رائعة، وهي لغة ملايين الناس. ونحن، لبنانيي القرن العشرين، لا نكون ذاتنا، اذا نحن صدفنا عن ان نغدو سادتها كما كنا سادتها منذ مئة عام. ولعل ما وجب ان يلبث مطمحنا المشروع، هو ان نجيدها ونلقنها على وجهها الاكمل، بحيث نستبقي لنا، الى نفوذنا ومكانتنا، يدا في تزويد العالم العربي اكابر ادبائه وشعرائه وصحافييه. (...) هنا يتبدى، كما اخال، موقف عقيدي...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم