السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

أين تندرج عبارة الرئيس "مَن سلّم الأرض بات خارج المحاسبة"؟

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
أين تندرج عبارة الرئيس "مَن سلّم الأرض بات خارج المحاسبة"؟
أين تندرج عبارة الرئيس "مَن سلّم الأرض بات خارج المحاسبة"؟
A+ A-

لم يبقَ أحدٌ في الجمهورية اللبنانية إلاّ أصدر، على حسابه، نتائج خاصة به للتحقيق في خطف #العسكريين واستشهادهم، مستبقاً التحقيق القضائي، مهوِّلاً عليه، مؤثِّراً فيه، ومسدِّداً ما ينبغي من الضربات القاضية إليه، حتى قبل أن يأخذ مجراه العملي. وذلك من أجل أن يختنق هذا التحقيق في مهده، أو يُحَوَّل عن مجراه، ولِمَ لا من أجل إشعال الفتن. وما أحلى إشعال الفتن في أنظار هؤلاء. جميع هؤلاء. 

لم يبقَ أحد، إلاّ تبارى في كيل التهم، وفي إصدار الأحكام المبرمة. شأن هؤلاء في هذه القضية، شأن "السياسيين الصفر" و"الصحافة الصفراء" و"الضمائر الصفراء" في كلّ قضية.

هذا في المبدأ العمومي. أما في الحيثيات فقد استوقفني في شكل خاص، موقف صادر عن مقام رئيس الجمهورية، الذي كنتُ أتمنى لو أنه نأى بنفسه عنه، باعتباره فوق المساجلات، وفوق الإيحاءات المباشرة التي يمكن إدراجها باعتبارها تدخلاً في عمل القضاء.

قال الرئيس يوم السبت 9 أيلول: "مَن سلّم الأرض بات خارج المحاسبة". لم تكن جملة الرئيس هذه اعتراضية، ولا عابرة، بل جاءت في خلال استقباله قائد الجيش ونائب رئيس الأركان للعمليات، وقادة الوحدات العسكرية الذين شاركوا في عملية "فجر الجرود"، ومديري المخابرات والتوجيه والعمليات.

ولكي لا تُقتطَع هذه الجملة من سياقها، أذكّر بالسياق: "في السياسة، ثمة مواقف غير وطنية وثمة من يتجاهل أنه لا يجوز اللعب في القضايا الوطنية الاساسية ولا سيما الأمن الذي يخص كل الاحزاب السياسية ومكوّنات المجتمع. لقد حصل لغط كثير، من سلّم الارض بات خارج المحاسبة، ومن حرّرها أصبح وكأنه مسؤول عما حصل في السابق، وحاول البعض أن يسلب من الجيش انتصاره. إن الجيش اللبناني بعيد جداً عن السياسة، وهو يحافظ على البلد، ومن هنا تبرز قيمته الوطنية. لذلك وكي نردّ هذه الاتهامات، فتحنا تحقيقاً في الموضوع أساسه معرفة ملابسات خطف العسكريين واحتلال الارهابيين لأجزاء من الارض اللبنانية، وذكّرنا بما سبق أن قلناه من أنه يجب عدم ادانة البريء وتبرئة الجاني المهمل والمتساهل الذي أدى تصرفه الى تطور الأوضاع ووصولها الى ما وصلت اليه".

في السياق نفسه، وإن متناقضاً مع بعض ما جاء في الكلام السابق ذكره، غرّد رئيس الجمهورية عبر "تويتر" قائلاً، يوم السبت 9 أيلول أيضاً: "من حق اللبنانيين، وليس فقط أهل الشهداء، معرفة ما حصل. فاتركوا التحقيق يأخذ مجراه ولا تستبقوه، سواء بتوزيع الاتهامات أو بتوزيع شهادات البراءة".

مقام رئاسة الجمهورية هو فوق الأطراف والأحزاب والطوائف والمذاهب، وفوق الحزازات والكيديات، وهو حامي الدستور. فكيف يوفّق رئيس الجمهورية بين مفهوم الرئاسة هذا، ومواقفه التي أطلقها في شأن التحقيق؟

أخلص من هذا، لأنبّه من مغبة ما ينتظر هذا التحقيق من فخاخ ومطبّات. أخشى ما أخشاه، أن التحقيق في شأن قضية العسكريين الشهداء، لن يسلم من التسييس. أقول هذا، ليس دفاعاً عن أحد، وليس اتهاماً لأحد. وإن كنتُ، من جرّاء انعدام الثقة بالطبقة السياسية، لا أستثني أحداً.

أليست السلطة السياسية كلّها، بجميع أطرافها ومكوّناتها، مسؤولة عن الارتكابات، كلّ الارتكابات، ومنها الارتكاب الذي وقع في حقّ العسكريين؟

فمَن يتهم مَن؟ ومَن يحاكم مَن؟ وأين تُدرَج عبارة الرئيس "مَن سلّم الأرض بات خارج المحاسبة"؟

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم