الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

هل تخرج العلاقة الروسيّة الأميركيّة عن سيطرة بوتين وترامب؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
هل تخرج العلاقة الروسيّة الأميركيّة عن سيطرة بوتين وترامب؟
هل تخرج العلاقة الروسيّة الأميركيّة عن سيطرة بوتين وترامب؟
A+ A-

فقد طالبت واشنطن الديبلوماسيّين الروس بإخلاء ثلاثة مقرّات ديبلوماسيّة في البلاد يوم السبت الماضي، من بينها مبنى للقنصليّة الروسيّة في سان فرنسيسكو ومجمّعين تابعين لها في واشنطن ونيويورك. جاء هذا الطلب كردّ انتقاميّ على خفض موسكو الوجود الديبلوماسيّ الأميركي في روسيا خلال شهر تمّوز الماضي إلى حوالي 455 موظّفاً بعد إقرار الكونغرس عقوبات جديدة عليها. وأحرق الديبلوماسيّون الروس عدداً من المستندات قبل إخلائهم المباني. 


"عمل عدائيّ غير مسبوق"

وبعد قيام عملاء فيديراليّين بتفتيش الممثّليّة التجاريّة الروسيّة في واشنطن، استدعت وزارة الخارجيّة الروسيّة القائم بأعمال السفارة الأميركيّة في روسيا لتسليمه مذكّرة احتجاج على تفتيش مقارّها. وقالت إنّ "هذا المبنى يعدّ ملكاً للدولة الروسيّة ويتمتّع بالحصانة الديبلوماسيّة"، واصفة العمل ب "العدائيّ غير المسبوق". كما هدّد بوتين بطرد 155 ديبلوماسيّاً أميركيّاً إضافيّاً من بلاده قائلاً إنّه سيحتفظ بحقّه في اللجوء إلى هذا التدبير. وكانت وزارة الخارجيّة الأميركيّة قد أملت أن ينتهي تدهور العلاقة عند هذا الحدّ و "تفادي أعمال انتقام إضافيّة من الطرفين".

لكن إذا كان البعض يرى أنّ مطالبة واشنطن بإخلاء الروس لمقرّاتهم من دون طرد لمزيد من الديبلوماسيّين، كافية لتخفيف التصعيد، فإنّ مراقبين آخرين يرون العكس تماماً.


تهدئة أم "هستيريا"؟

الكاتب السياسيّ والديبلوماسيّ السابق جايمس شوماكر يرجّح مزيداً من التصعيد بين البلدين ضمن مقاله في صحيفة "ذا موسكو تايمس". واستعرض تاريخ إنشاء القنصليّة الروسيّة العامّة في سان فرنسيسكو والقنصليّة الأميركيّة في لينينغراد والذي يعود إلى أوائل سبعينات القرن الماضي، ليرسم صورة سلبيّة عن مستقبل العلاقة الثنائيّة. وتمّ افتتاح القنصليّتين سنة 1973 بعد سنوات من التواصل بين السوفيات والأميركيّين وموافقة ليونيد بريجنيف وريتشارد نيكسون على فتح هذه الصفحة.

وعند النظر إلى هذا التاريخ، يعتقد شوماكر أنّ موسكو ستصعّد، علماً أنّه يأمل أن تتّخذ #روسيا موقفاً رصيناً كموقف سفيرها الجديد أنطونوف الذي تحدّث عن ضوروة معالجة الأمر بطريقة "مهنيّة" و "هادئة" بعيداً عن "الهيستيريا". وأيّد الكاتب هذا الطرح فيما ردّ على تشبيه المسؤوليّة المشتركة لهذا التدهور ب "رقصة التانغو" داعياً إلى "إيقاف الموسيقى".


تفوّق المصالح على الماضي

بعيداً عن صفحات التاريخ، لدى موسكو اهتمامات أخرى قد تجعلها بغنى عن مزيد من التصعيد. ويمكن لها أن تستغلّ حاجات واشنطن في مناطق أخرى، من أجل أن تتعاون مع الإدارة الجديدة في تحقيق مصالح مشتركة. ومع وضع الملفّ الكوريّ الشماليّ جانباً، لأنّه بات يتطلّب ربّما فصلاً عن باقي الملفّات، يمكن أن يكون إنهاء الأزمة في سوريا بعد هزيمة داعش، أحد "المكابح السياسيّة" التي قد تفرمل تآكل العلاقة إلى حدّ معيّن.

هذا ما أعلنه الباحث البارز في "المعهد الحربيّ البحريّ" الأميركيّ نيكولا غفوسديف في مؤسّسة الرأي "ذا ناشونال إنترست". ولفت النظر إلى أنّ روسيا بحاجة ماسّة إلى قبول أميركيّ نهائيّ بتسوية سياسيّة في سوريا تبقي #الأسد في سدّة المسؤوليّة وتؤكّد هالة #الكرملين في الشرق الوسط.



وأشار أيضاً إلى أنّ التسوية في #سوريا ستسمح لبوتين بسحب جزء من قوّاته والاستعداد لاستحقاقات أخرى على الحدود مع أوروبّا. وما قد يجعل الرئيس الروسيّ يتردّد في المزيد من الخطوات التصعيديّة، هو رغبته بعدم إعطاء حجّة لترامب كي يفرض عقوبات على شركات ثالثة متعاقدة مع الروس لإنجاز مشاريع ضخمة مثل مدّ خطّي أنابيب إلى أوروبّا ينهيان تبعيّة موسكو لكييف في تصدير الغاز إلى أسواق القارّة العجوز.


لا تختصرُ العلاقة بشخصين

كتب غفوسديف أنّ أنطونوف يأمل فتح صفحة جديدة بين الطرفين عبر إقامة خطوط تواصل عسكريّة بينهما وتحفيز حوار خاصّ بين المستشارين الأمنيّين في كلا البلدين، بشكل يتخطّى البيروقراطيّات الموجودة داخل مؤسّسات صناعة القرار. من هنا، بالإمكان عطف هذا التحليل مع ما أورده ستيفن بايفر الذي خدم 25 سنة في وزارة الخارجيّة الأميركيّة في حديثه لصحيفة "ذا هيل" مبيّناً وجود احتمال لتصعيد روسيّ.

لكنّه ليس بالاحتمال الكبير لأنّ آخرين في موسكو "لا يريدون الانخراط في تلك اللعبة". من جهته، يعتقد داليبور روهاك من "معهد المشروع الأميركي"، أنّ إقفال واشنطن للقنصليّة يريح الأوروبّيّين الذين كانوا خائفين من مراجعة أميركيّة شاملة لسياستها في شرق أوروبّا. ومع ذلك، فإنّه لا يزيل الشكوك الموجودة تجاه مواقف ترامب في ما يرتبط بالعلاقة مع بوتين خصوصاً أنّ الأوّل أكّد مراراً ضرورة أن تكون العلاقة بين الطرفين "عظيمة أو جيّدة على الأقلّ".


ليست تحت سيطرة ترامب وبوتين

ومع "ارتباك" بايفر من "تردّد" ترامب أكان في انتقاد الروس أو في مطالبته لهم بتغيير سلوكهم كما أضاف في حديثه الصحافيّ، يضع آخرون مستوى العلاقات بين البلدين بعيداً عن رغبات الرئيسين، تحديداً في هذه الفترة. فالباحث في مركز الدراسات الروسيّة التابع لجامعة "إيست شاينا" كوي هانغ، كتب في صحيفة "غلوبال تايمس" الصينيّة أنّ الصراع بين الدولتين كان يأخذ طابعاً استراتيجيّاً بحتاً في ما مضى.

"لكنّ العلاقات لم تعد تحت سيطرة ترامب وبوتين، إذ حتى لو كان الزعيمان يريدان تحسين العلاقات، فإنّ الظرف السياسيّ الحاليّ لن يسمح لهما بفعل الكثير تجاه ذلك". وإن ظنّ البعض في مرحلة أنّ ترامب هو المقيّد بالكونغرس لا بوتين، فهذا التحليل غير دقيق بحسب الباحث الذي يضيف: "الحرب الروسيّة الأميركيّة تعكس المدى الذي (وصل إليه) تقييد الرئيسين من قبل قوى محلّيّة. سيكون من الخطأ المبالغة في تقدير النفوذ الشخصيّ الذي يتمتّع به زعيما هاتين القوّتين عند تحليل المسائل السياسيّة الدوليّة".




























.






الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم