الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

أخبار معلولا الجريحة: فجائع الموت والخطف والنزوح

المصدر: زحلة – "النهار":
A+ A-

تتوالى الاخبار السيئة الواردة من سوريا الى مطرانية سيدة النجاة للروم الكاثوليك بزحلة، عن بلدة معلولا مسقط رأس ثلاث من كهنة رعايا الابرشية. آخر الاخبار وردت في اتصال هاتفي بين المطران عصام درويش وخادم رعية المعلقة الاب فادي بركيل من دمشق، التي قصدها الاخير ليكون الى جانب عائلته وابن خالته الذي يعالج في المستشفى اثر اصابته في معلولا. وتفيد هذه المعلومات بان خادم مقام سيدة زحلة والبقاع الاب فادي ثعلب، المتواجد ايضا في دمشق، قد فجع بصهره الذي قتل، فيما اصيبت شقيقته، ولا يزال مصير شقيقه مجهولا مع ترجيح ان يكون قد اختطف مع ابن اخته. اما الاب اليان ابو شعر فقد اقتصر ما لحق بعائلته من اذى على تدمير منزلهم في البلدة خلال المعارك بين الجيش النظامي ومقاتلي "جبهة النصرة" و"جبهة تحرير القلمون" و"كتائب بابا عمرو" المعارضة، التي تفيد الاخبار الواردة من معلولا مساء اليوم عن استمرار تواجدهم في البلدة، فيما يتواجد الجيش النظامي عند مدخلها. ويخشى مع دخول الجيش الى ساحة معلولا اندلاع المعارك بينه وبين مقاتلي المعارضة المتحصنين في الجبال، ما قد يؤدي الى اضرار فادحة في البلدة التراثية.


شحيحة ومتضاربة الاخبار الواردة من معلولا، في حرب توثق يوميات صراعها الدامي آلاف الصور. فالبلدة خلت من غالبية سكانها الذين نزحوا الى دمشق، نزوح لم يقتصر فقط على المسيحيين بل طال ايضا عددا من سكانها المسلمين، ولم تبق سوى بعض العائلات المحاصرة، وهناك محاولات للاتفاق مع الهلال الاحمر لاخراجهم. فيما تفيد الاتصالات ان هناك ما بين 20 و 30 شخصا من اهالي معلولا مجهولي المصير، تأكد مصرع 6 منهم على الاقلّ.


في السؤال عن حال الاديرة في معلولا، فان المؤكد ان دير مار سركيس وباخوس للرهبانية المخلصية في معلولا، اقدم الاديرة المسيحية في العالم، والمبني على معبد وثني قد اصيب بالقصف، اذ شوهد دخان يخرج منه، لكن لا احد يعرف حجم الاضرار التي لحقت به، ويحكى بانه جرى انتزاع الصلبان عن قببه من قبل مقاتلين. فالدير مقفل وخال منذ نحو 7 اشهر عندما طلب المقاتلون، الذين كانوا يتمركزون في فندق "السفير"، من كاهنه مغادرته لانه شخص غير مرغوب به. وبعد رحيله انتزعوا الكاميرات عن الدير من دون ان يدخلوه في حينها. فمقاتلو فصائل المعارضة السورية المسلحة الذين قدموا من البلدات المحيطة بمعلولا، سيطروا قبل اشهر على البلدة الفوقانية، فيما كان الاهالي في معلولا التحتا، حيث يتمركز حاجز للجيش عند مدخلها، يعيشون بشكل طبيعي مسيحيين ومسلمين. من هنا يتردد سؤال في المطرانية عن توقيت الهجوم على معلولا. ويسأل المطران درويش "لماذا قرروا الهجوم على بلدة هي رمز للمسيحيين، اهلها من المسيحيين والمسلمين كانوا يعيشون بسلام وامان؟"، وهو اذ كرر النداء الذي اطلقه للعالم خلال ترؤسه قداس عيد ميلاد السيدة العذراء لانقاذ معلولا، والمحافظة على التراث المسيحي المشرقي، "ليس فقط من اجل المسيحيين بل من اجل التعايش في هذا البلد الذي لم يكن يعرف الطائفية". دعا مسيحيي لبنان، من كل الفئات السياسية، "ان يتكاتفوا لمرة واحدة لدرء الاخطار عن الانسان المشرقي بشكل عام وعن مسيحيي سوريا ولبنان بشكل خاص. والتاريخ يشهد للتهجير الممنهج للمسيحيين من فلسطين، فالعراق حيث ضربوا الكنيسة اولا وقتلوا المطران والكهنة وهجروا المسيحيين، والآن بسوريا، وبعدها؟".


حين نسأل الاب اليان، هل يعتقد بانه سيعود يوما الى معلولا يجيب: "عندي امل". امله يبنيه على تاريخ من العيش الواحد بين ابناء معلولا لن يبدله ظرف طارىء. وكما تكاتف المسيحيون والمسلمون في البلدة العام 1920 لدرء الخطر عنها، ها هم وجهاء البلدة من الطائفة السنية يسعون لكشف مصير المفقودين من ابناء البلدة المسيحيين واطلاق سراح المخطوفين.


واذا كان المطران درويش يعتقد بان معلولا، التي تمحورت حولها مقابلته مع تلفزيون الراي الايطالي، "ستغير المعادلة الدولية. لان لا احد في العالم لا يعرف معلولا تراثا عالميا ثقافيا وحضاريا وانسانيا ومعماريا الى جانب كونها تراثا كنسيا وليتورجيا، ولا احد يأتي الى الشرق من دون ان يزور معلولا وصيدنايا"، فان هناك من يسأل ماذا لو تلاقت المصالح الدولية لغير مصلحة العودة الى معلولا.
عند تلاقي المصالح من يسأل عن المسيحيين، وقد خطف مطرانان، ماذا فعلوا لاطلاقهما؟ من يسأل عن سوريا وقد سبق ان دمرت معالم تراثية فيها؟ حسبهم ان معلولا لا تشكل بيئة حاضنة لاي فكر غريب عنها وعن عيشها الواحد.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم