السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

12 صوتا برفع الأيدي في مجلس الأمن كللت جهودنا

المصدر: "النهار"
Bookmark
12 صوتا برفع الأيدي في مجلس الأمن كللت جهودنا
12 صوتا برفع الأيدي في مجلس الأمن كللت جهودنا
A+ A-
في هذه الحلقة من مذكرات وزير الخارجية الاميركي السابق جيمس بايكر التي تنشرها "النهار" يروي الاتصالات الاخيرة التي سبقت اقرار مجلس الامن الدولي قراره الرقم 678 القاضي بتخويل القوات المتحالفة استخدام القوة ضد جيش الرئيس العراقي صدام حسين اذا لم ينسحب من الكويت قبل 15 كانون الثاني 1991، كما يوجز ما دار في تلك الجلسة التاريخية للمجلس التي انتهت ب12 صوتا مؤيدا، برفع الايدي. وهذا هو الجزء الاخير (3) من الفصل السابع عشر الذي يمثل الحلقة الثانية عشرة من المذكرات: في ختام محادثات نزع الصواريخ القصيرة المدى التي اسفرت عن توقيع اتفاق خاص بخفض عدد القوات في اوروبا، انضممت الى الرئىس وتوجهنا الى جدة في 21 تشرين الثاني. وفي صباح اليوم التالي بدأ الرئيس يوم عيد الشكر الاميركي بلقاءات مطولة وقواتنا في العربية السعودية. غادرت متوجها الى العاصمة اليمنية صنعاء بالطائرة، آملا في اقناع اليمنيين بالتصويت لمصلحتنا على مشروع القرار. كنت اعلم ان المهمة صعبة وكان من الواضح ان اليمنيين لا يعتزمون التصويت لمصلحتنا. وقد اصاب السعوديون عندما ابلغوني انني اضيع وقتي بالذهاب الى هناك. ومن جهة اخرى كان اليمن يقف وراء المحاولة المشاكسة التي جرت في داخل مجلس الامن للضغط من اجل اصدار قرار سعت منظمة التحرير مطولا لاقراره، ويتعلق بتوسيع نطاق حماية الامم المتحدة لتشمل الفلسطينيين الذين يعيشون في الاراضي التي تحتلها اسرائيل. وقد اراد اليمنيون ايضا ان تقوم الامم المتحدة بتعيين مفوض يراقب عن كثب طريقة معاملة الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. وكانت هذه فكرة قديمة تؤيدها مجموعة من دول عدم الانحياز، ولكن من يقفون وراءها بدأوا يضغطون من اجل عرضها على مجلس الامن والتصويت عليها قبل التصويت على القرار القاضي باستعمال القوة. ولو نجحوا في فرض عملية تصويت فان الولايات المتحدة ربما كانت ستضطر الى استعمال حق النقض "الفيتو". وهذا كفيل خلق الصعوبات لنا مع بعض شركائنا العرب، ودعم استراتيجيا صدام التي تهدف الى معالجة الازمة وفق شروط عربية - اسرائيلية. ولهذا كان على الديبلوماسية الاميركية، في وقت ركزت على مشروع قرار حق استخدام القوة، ان تجد الوسائل اللازمة لوقف عرض مشروع القرار الاخر الخاص بالاراضي (المحتلة) في وقت ابكر، وذلك لانه اصبح اداة عرقلة سافرة. ذكرت الرئيس علي عبدالله صالح بان الولايات المتحدة لم تدرج اليمن الموحد على لائحة الدول المتهمة بممارسة الارهاب، على رغم ان اليمن الجنوبي سبق ان كان مدرجا على اللائحة قبل وحدته مع الشمال، كما ذكرته ايضا باننا حثثنا السعوديين على التساهل مع اليمنيين. وقلت: "لا نستطيع ان نفهم عدم تعاونكم معنا في مجلس الامن". لقد اردت ابلاغ اليمنيين انهم سيدفعون الثمن في حال استمرارهم في الضغط داخل الامم المتحدة في اتجاه لا نعتبره مقبولا. فاليمن كان يجازف بمعونة اميركية مقدارها سبعون مليون دولار في العام، وذلك بسبب المسلك الذي ينهجه. وقد بدا لي اقل اهتماما بأزمة الخليج مما كنت اعتقد، اذ قال: "هذا اشبه بعاصفة في الصيف لا بد ان تنتهي". فاجبت "اذا جاءت العاصفة فستكون عنيفة". كان صالح مضيفا بالغ اللطف والدماثة، فقبل لقائنا نظم لي ولحاشيتي زيارة الى المدينة القديمة التي تعود بتاريخها الى الفي عام. وكان المشهد الذي طالعنا اشبه ما يكون بمشاهد الف ليلة وليلة. وقد امكننا ونحن نسير عبر الشوارع الضيقة المرصوفة بالحجارة، ان نرى الرجال وهم يتوافدون من الصحراء الى السوق لبيع بضائعهم. وكان الجميع تقريبا يضعون على رؤوسهم لباس الرأس العربي التقليدي ويتمنطقون بخناجر فضية، فضلا عن ان الجميع، سواء اكانوا رجالا ام نساء، شبابا ام كهولا، كانوا يمضغون اوراق القات الخضراء التي قيل لنا انها تتضمن تأثيرا منبها بعض الشيء. وبعد الانتهاء من زيارتنا الى المدينة القديمة تناولت وصحبي غداء عيد الشكر مع الرئيس صالح الذي كان شديد الكرم، على رغم اننا تناولنا لحم الخراف بدلا من الديك الرومي، كما كان يمكن ان نتوقع. وعندما عقدنا مؤتمرنا الصحافي اعرب الرئيس صالح عن رفضه الكامل مشروع القرار. لم اكن اتوقع الحصول على تأييده ولكنه لم يمنحني خلال لقائنا على انفراد مؤشرا يدل على انه سيرفض طلبي بهذه الصرامة وفي شكل علني. عدت الى جدة في تلك الليلة وابلغت هناك ان وزير خارجية ماليزيا مستعد للاجتماع بي في لوس انجلس او هيوستن او في مكان آخر في المحيط الهادئ. وقررت الذهاب من بوغوتا حيث كنت سألتقي الرئيس سيزار غافيريا تروخللو ليس من اجل الحصول على صوته فحسب، وانما لابلاغه اننا لسنا راضين عن تصرف مندوبه في الامم المتحدة الذي اشتكى علنا من سياستنا حيال العراق، وقررت الذهاب من بوغوتا الى لوس انجلس للاجتماع بوزير خارجية ماليزيا في المطار. وبعد ثماني ساعات من الطيران الى جزر الآزور حيث تزودنا الوقود، توجهنا الى بوغوتا ليلا، حيث ركبنا سيارات مصفحة زرقاء من طراز "سبوربان" التي ذكرتنا بحملة الارهاب التي يشنها كارتيل المخدرات. قلت: "بصراحة اقول انني شعرت بالاستياء ازاء الافكار التي طرحتها بعثتكم الى نيويوك. ان هذه الافكار تهدف الى النيل من كل ما سعينا في مجلس الامن والتحالف لاعداده في مواجهة صدام. انني احثكم على مشاركتنا بافكاركم قبل ان تضعوها على الورق وتوزعوها عبر اجهزة الامم المتحدة. فمثل هذه المشاورات كفيلة تجنب الايحاء بوجود انقسام بين الولايات المتحدة وكولومبيا داخل مجلس الامن. وما ان بدت علائم الارتباك على وجه سفير كولومبيا في الامم المتحدة الذي طار من نيويورك لحضور اجتماعنا حتى لاحظ غافيريا بوضوح مدى الضيق الذي شعرت به. وقد اوضحت تفاصيل مشروع القرار بما في ذلك لغة جميع الوسائل الضرورية واللازمة. قلت: "من المهم الا يكون ثمة خلاف بين كولومبيا والولايات المتحدة باعتبار انهما يمثلان جانبين من الكرة. ان وصفا كهذا سيكون مخيبا للامال الى حد كبير". اجاب: "ان الطريقة التي ستحل بها هذه المشكلة مهمة للانسانية جمعاء. ان لدينا الاهداف نفسها التي لديكم. وسنصوت بجانبكم في نهاية الامر، سنجد طريقة ما". غير انه كان يحاول ايجاد ورقة تين لصدام: "من المهم ان يشعر صدام حسين بانه يحصل على شيء في المقابل عندما يخرج، كأن تغادر القوات الاميركية المنطقة". اجبت: "حفظ ماء الوجه يصعب تمييزه عن مكافأة العدوان السافر. لا نستطيع ان نسمح لانفسنا بالوقوع في فخ الحلول الجزئية". غادرت بوغوتا ومعي التزام غافيريا الشخصي بالتصويت معنا، وانا على يقين ان السفير الكوبي في نيويورك سيكف عن المشاكسة. بعد تزود الوقود مجددا من قرطاجنة، طرنا الى لوس انجلس لمدة سبع ساعات للاجتماع بأبو حسن وزير خارجية ماليزيا الذي كنت اعلم انه من النوع المتشدد، اذ لم تكن حكومة ماليزيا اسلامية اصولية مفعمة بالكبرياء ويصعب التعامل معها فحسب، بل كان الماليزيون يحاولون في الوقت نفسه الضغط في اتجاه امرار القرار الخاص بالاراضي المحتلة. وقد كان الوفد الماليزي مستاء لانه اضطر الى الطيران من ماليزيا ثلاثين ساعة من اجل لقائي، فضلا عن شعوره بالاعياء. منذ اللحظة التي بدأ وزير الخارجية بملاحظته القائلة: "كنا نفضل الاجتماع بكم في ماليزيا"، ساورني الشعور بان لقاءنا سيكون شائكا. لقد كانت لديه وجهة نظره المعدة جيدا، فالملاحظات المطولة التي اشتملت عليها كانت مطبوعة على ورق الفندق بكل الفواصل والنقاط. قال موبخا: "علي ان اعرب بصراحة عن عدم سرورنا ازاء الموقف الاميركي في غرب آسيا، انكم على رأس التحرك الهادف الى معاقبة العراق. ولكننا نحتاج الى البحث في العدوان الاسرائيلي على الفلسطينيين. ماليزيا ليست ضد ان يعاقب صدام حسين، وفي الوقت نفسه يجب ان تعاقب اسرائيل على الطريقة التي تعامل بها الفلسطينيين. سندرس اقتراحكم بعناية شديدة، ولكننا لا يمكن ان نؤيد العقوبات الرامية الى التدمير الفعلي للعراق". أجبت: "هذا القرار يمنحنا الامل في ان نسعى الى...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم