الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

وداد ورفاقها لا يريدون أن يصدّقوا

غسان صليبي
وداد ورفاقها لا يريدون أن يصدّقوا
وداد ورفاقها لا يريدون أن يصدّقوا
A+ A-

(تضامناً مع أهالي المفقودين والمخفيين قسراً لمناسبة اليوم العالمي للمفقود)  

عنيدة وداد حلواني هي ورفاقها.

لا أقصد فقط العناد في السعي والمثابرة في متابعة قضيتهم، قضية المفقودين والمخفيين قسراً. لا أقصد العناد النضالي فحسب، بل أفكر في العناد الأصلي، العناد الوجودي .

وداد لا تريد أن تصدّق، لا هي ولا رفاقها، أن الحبيب يمكن أن يترك حبيبه بهذه البساطة. فلا موت، ولا حادث، ولا زلزال .

خطفه مسلّحون؟ صحيح، لكن ربما، ربما.

نظر الخاطف إلى الحبيب فرأى في عينيه خوفه، حزنه، وأمله بالبقاء حياً إلى جانب مَن يحب. ربما أعجب الخاطف بالمخطوف، كما كان أحباؤه معجبين به، فتعاطف معه ولم يشأ تركه. ربما حصل ما لم يكن في الحسبان، والحبيب الآن، في مكان ما، لسبب ما...

وداد لا تريد أن تصدّق، لا هي ولا رفاقها، أن الدولة لن تؤلف هيئة وطنية مستقلة، وتجمع العيّنات البيولوجية من الأهالي، وتحفظها، وتبذل جهداً من أجل مواطنين مفقودين وأهل مفجوعين. الأهل يعرفون أن الخاطفين أصبحوا مسؤولين، أو أن الخاطفين الأصليين هم أولياء أمرهم الإقليميون. لكنهم لا يريدون أن يصدّقوا أن ليس في بلدهم مسؤول، مسؤول واحد، يتابع القضية بصدق وجدية .

ترفض وداد ورفاقها أن يصدّقوا، أنه لن يكون للرواية خاتمة. فلتكن قصيرة، فلتكن كلمة واحدة.

لكن كيف يُسدل الستار على مسرحية تعددت شخصياتها وطالت فصولها إلى ما لا نهاية، في حين أن البطل لم يشأ الظهور بعد؟

جنسنا البشري لا يعرف شيئاً عن بداياته، ويحاول متخبطاً تفسير مساراته. كل ما يعرفه هو القليل القليل عن نهاياته. لا تصدّق وداد، أنها ورفاقها، يحرمون هذا القليل القليل عن أحبائهم .

تركت وداد ورفاقها كل شيء وراحوا يفتشون عن حبهم الضائع.

تخبرنا وداد بتجربتها هي ورفاقها، كيف أن الحياة تجرفنا بقسوة في اتجاهات لم نخترها نحن .

الأهم من ذلك، تعلمنا وداد ورفاقها، أنكَ عندما تفقد حبكَ، تمضي بقية حياتكَ وأنتَ تفتش عنه. بوعيٍ حيناً، وبلا وعي في أكثر الأحيان. بمسار واضح حيناً، وبمسارات غامضة في أكثر الأحيان .

أعتقد يا عزيزتي وداد،

أنكِ تفتشين عن مفقود واحد،

هو الانسان في بلادي،

ولا تريدين أن تصدّقي أنه غير موجود .

إنسان بلادي،

"المخفي قسراً"،

في أقبية المذهبية،

وفي دهاليز الاستبداد،

والتبعية الإقليمية .

رجاء يا وداد،

أن تتابعي البحث،

لعلكِ تجدين،

ما يبرهن لك ولنا،

أننا لا نزال بشراً،

تخفق في داخلنا القلوب.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم